اللباب في علوم الكتاب
اللباب في علوم الكتاب
ولأن القول بأن هذه الفواتح غير معلومة مروي عن أكابر الصحابة رضي الله عنهم فوجب أن يكون حقا، لقوله عليه الصلاة والسلام:
" أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ".
وأما المعقول فهو أن الأفعال التي كلفنا الله تعالى بها قسمان: منها ما يعرف وجه الحكمة فيه على الجملة بعقولنا كالصلاة والزكاة والصوم، فإن الصلاة تضرع محض، وتواضع للخالق، والزكاة سعي في دفع حاجة الفقير، والصوم سعي في كسر الشهوة.
ومنها ما لا يعرف وجه الحكمة فيها على الجملة بعقولنا كأفعال الحج في رمي الجمرات، والسعي بين الصفا والمروة، والرمل، والاضطباع.
ثم اتفق المحققون على أنه كما يحسن من الله - تعالى - أن يأمر عباده بالنوع الأول، فكذا يحسن الأمر بالنوع الثاني؛ لأن الطاعة في النوع الأول، تدل على كمال الانقياد والتسليم، لاحتمال أن المأمور إنما أتى به لما عرف بعقله من وجه المصلحة فيه.
أما الطاعة في النوع الثاني، فإنها تدل على كمال الانقياد والتسليم، فإذا كان الأمر كذلك في الأفعال، فلم لا يجوز أيضا أن يكون [الأمر] كذلك في الأقوال؟ وهو أن يأمر الله - تعالى - تارة أن نتكلم بما نقف على معناه، وتارة بما لا نقف على معناه، ويكون المقصود من ذلك ظهور الانقياد والتسليم.
القول الثاني: قول من زعم أن هذه الفواتح معلومة، واختلفوا فيه، وذكروا وجوها:
الأول: أنها أسماء السور، وهو قول أكثر المتكلمين، واختيار الخليل وسيبويه رحمهما الله تعالى.
قال القفال - رحمه الله تعالى - وقد سمت العرب هذه الحروف أشياء فسموا ب " لام ": والد حارثة بن لام الطائي، وكقولهم للنخاس: " صاد " ، وللنقد: " عين " ، وللسحاب: " غين ".
وقالوا: جبل " قاف " ، وسموا الحوت: " نونا ".
نامعلوم صفحہ