لورکا شاعر اندلس

ماهر البطوطي d. 1450 AH
99

لورکا شاعر اندلس

لوركا شاعر الأندلس

اصناف

فليبحثوا عنك على جبهتي

مزيجا من القمر ومن الرمال.

وأشهر قصائد الديوان هي قصيدة «أخضر كم أحبك يا أخضر!» وعنوانها الأصلي «حكاية السائرين نياما»، والتي أوردناها كاملة في بداية هذا الكتاب، وتدور أحداثها من خلال غنيمة من الحلم أو من السحر، فتبدو وكأنها تتراءى من خلال ذهن أحد السائرين في نومهم، أو شخصية عجزت عن مواجهة الواقع فتراه من خلال عالم أخضر من الهذيان، ونرى فيها غجريا يعمل في التهريب قد أصابه جرح مميت، ويختفي من مطاردة رجال الدرك له، فيتوجه في الهزيع الأخير من الليل أو في مطالع الفجر إلى منزل الفتاة الغجرية، التي يحبها والتي انتظرته طويلا، ويسأل والدها العون، ولكنه يجد الأب - لسبب ما - في حالة صدمة، ويصعد الرجلان إلى أدوار المنزل العليا التي يغمرها القمر بضوئه، وهناك يجد أن الفتاة التي انتظرت حبيبها عبثا وهي تطفو على سطح خزان المياه الذي يسبح في نور القمر، ونفهم من بين السطور أنها قد انتحرت غرقا، وتعمل دقات رجال الدرك المخمورين على الأبواب آخر الأمر على زيادة حدة الجو النومي الذي يهيمن على القصيدة، ويفتتن الشاعر بذكريات وخيالات وعواطف الشخصيات التي تضمها القصيدة، وهم كلهم في حالة أزمة شديدة.

ويزيد الناقد «ستانلي بيرنشو» على ذلك بأن الشاعر نفسه يزيد من حمى الموقف بانتحاله نفس موقف شخصياته والتحدث نيابة عنهم. بالأبيات المتكررة التي تتردد في ثنايا القصيدة، فكل الشخصيات منجذبة إلى نوع من الاخضرار، وكذلك الشاعر أيضا الذي تستبد به فكرة الخضرة دائما على طول القصيدة ... وتتحرك الشخوص من تحت سحر ضوء القمر الجميل والنذير في نفس الوقت، فهم من ذلك المنطلق سائرون جميعا في نومهم: المهرب الجريح، الأب الهرم الذي هزه الحزن على ابنته، فلم يعد يشعر بنفسه، الفتاة التي انتحرت بعد أن جنت من طول انتظار الأمل الأخضر، فألقت بنفسها في أحضان الموت الأخضر في خزان المياه، بل وحتى رجال الدرك المخمورين الذين اقتفوا أثر المهرب، وجاءوا يدقون على الأبواب.

وقد عمل النجاح الفوري لهذا الديوان على طير صيت لوركا وشهرته في طول البلاد المتحدثة بالإسبانية وعرضها، وسرعان ما ترجمت قصائده - التي حركت مشاعر القراء وعواطفهم - إلى معظم اللغات الأوروبية ولغات أخرى.

مجلة أدبية وأزمة نفسية

قضى لوركا الوقت الذي انقضى بين نهاية مهرجان إشبيلية، الذي تحددت فيه الخطوط العريضة للجماعة الفنية الجديدة - جيل 27 - وبين أواخر شهر يوليو 1928م، حين صدرت الطبعة الأولى من ديوانه الذي طال انتظاره «حكايا الغجر»، في تحقيق حلم أدبي طالما داعب خياله منذ زمن بعيد، ألا وهو إصدار مجلة أدبية فنية، وقد بدأ هو وصحبه في التفكير في ذلك منذ أوائل عام 1926م، نتيجة لمناقشاته مع أعضاء أتنيو غرناطة، ثم مع «سلفادور دالي» في برشلونة. وكانت الفكرة الأولى عن ذلك هو إصدار مثل هذه المجلة كملحق أدبي للصحيفة الغرناطية «الحامي»

El Defensor ، على أن يكون الملحق باسم «الديك

Gallo »، فيكون الاسم الكامل «ديك الحامي

El Gallo Del Defensor »، ثم تطورت الفكرة مع مر الزمن واتساع أبعاد البحث والنظر فيها، فتقرر أن تكون المجلة مستقلة عن الجريدة المذكورة، كما جاء وقت غلبت على لوركا نزعته الشرقية وميوله الطليعية المغرمة بكل غريب قصي، فقرر أن يكون اسم المجلة «الديك السلطان

نامعلوم صفحہ