لم الفلسفة
لم الفلسفة: مع لوحة زمنية بمعالم تاريخ الفلسفة
اصناف
تمهيد
1 - ما الفلسفة؟
2 - لم الفلسفة؟
3 - كلمة أخيرة
تعليقات وإضافات
لوحة زمنية بمعالم تاريخ الفلسفة
تمهيد
1 - ما الفلسفة؟
2 - لم الفلسفة؟
3 - كلمة أخيرة
نامعلوم صفحہ
تعليقات وإضافات
لوحة زمنية بمعالم تاريخ الفلسفة
لم الفلسفة
لم الفلسفة
مع لوحة زمنية بمعالم تاريخ الفلسفة
تأليف
عبد الغفار مكاوي
بسم الله الرحمن الرحيم
وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها
. (قرآن كريم - 177ك - هود 11)
نامعلوم صفحہ
لو علمتم مثل ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا. (حديث شريف)
استعينوا على كل صنعة بصالح أهلها. (حديث شريف)
يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها، قالوا: أمن قلة
(حديث شريف)
إن الفلسفة وحدها هي التي تميزنا عن الأقوام المتوحشين والهمجيين، وإنما
(ديكارت، مبادئ الفلسفة، ترجمة المرحوم الدكتور عثمان أمين)
إن في السماء والأرض يا هوراشيو لأكثر بكثير مما تحلم به فلسفتك. (هاملت، الفصل الأول، المشهد الخامس)
تمهيد
هل تنبع الفلسفة من الدهشة - كما قال أفلاطون - أم من التعجب الذي اتخذ منذ لينتز
من المستحيل أن نذكر كل تعريفات الفلسفة على مر التاريخ؛ فهي تبدأ مع القدماء من البحث
نامعلوم صفحہ
ربما سألت: ماذا نفعل أمام هذا الحشد الهائل من التعريفات؟ بماذا ننتفع من سؤال تختلف
1
ولكنك بهذا تكون قد فرضت على الفلسفة - دون أن تشعر - هدفا واحدا لا تتعداه،
فطبع الإنسان هو الذي يحدد فلسفته (كما تقول عبارة وليم جيز)، واختيار الإنسان لإحدى
قد تكون وراء هذا الميل نزعة عقلية أو عملية، رغبة في الإصلاح والتغيير الاجتماعي، أو حاجة
ولقد اخترت أن أقدم لك «تعريف» الفلسفة كما تعلمناه من تاريخها القديم والوسيط، وأن أجعله
إننا نعيش اليوم في واقع متغير. هذا الواقع «حدث جدلي» شامل نتحرك فيه مع إخوتنا في
لم يكن الهدف من هذا «الكتيب» أن يكون «مدخلا» إلى الفلسفة يضاف إلى غيره من المداخل
صنعاء في شتاء 1978م
عبد الغفار مكاوي
نامعلوم صفحہ
الفصل الأول
ما الفلسفة؟
1
ضحكت عليه الفتاة الثراقية وأغرقت في الضحك. فقد كان طاليس العجوز - أول من حاول وضع
1 - سيظل دائما أبدا موضع الضحك، لا من الفتيات الثراقيات وحدهن، بل من
ماذا تعني هذه الضحكة التي بدأت بها قصة الفلسفة؟ أكان بمحض الصدفة أن تطلقها فتاة
لنؤجل الإجابة على هذه الأسئلة إلى حين. ولنمض مع أفلاطون في تصويره لهذا الموقف؛
إنه يجسمه لنا في صورة واحدة من الشباب الذين يلتفون حول سقراط ويتحمسون له تحمسا
2
لو رجعنا كذلك إلى محاورة المأدبة
نامعلوم صفحہ
3
لسمعنا أبوللودور يروي عن نفسه فيقول إنه ظل ثلاث سنين يبذل كل يوم أقصى ما
غير أن اللقاء بدله وحوله، فأسلم نفسه لسقراط وأعطى زمامه للفلسفة. الناس في
2
يكاد الناس ألا يتفقوا على شيء اتفاقهم على الشك في الفلسفة وقيمتها وجدواها! فالفيلسوف عندهم رجل سفسطائي ثرثار، أو ملازم لبرجه العاجي بعيدا عن الواقع العملي
ومع ذلك فلو سأل عالم الفيزياء هذا السؤال: ما هي الفيزياء أو ما معنى البحث
لكي يتوجها جميعا بهذا السؤال: ما الإنسان؟ (أ).
ولما كان السؤال عن الفلسفة والتفلسف سؤالا إنسانيا بالضرورة، فليس من الممكن أن
3
لنبدأ محاولة الاقتراب من التفلسف بأن نقول إنه فعل نتجاوز فيه عالم العمل
نامعلوم صفحہ
4
اليومي. ولا بد بطبيعة الحال أن نحدد ما نقصده ب «عالم العمل» ثم
عالم العمل هو العالم الذي نضطرب فيه كل يوم لنكسب قوت يومنا ونؤدي «واجبنا»
الواقع - مهما آلمنا أو فاجأنا هذا القول لأول وهلة - أن فعل التفلسف يتعارض تعارضا
مع ذلك يبقى هذا القول صحيحا: إن فعل التفلسف يعلو فوق عالم كل يوم ويتعارض معه
5
ولسنا في حاجة للقول بإن هذا السؤال الفلسفي العريق يصطدم بعالم النفع
حتى يتضح الفرق بين العالمين، وتتم الخطوة التي يرتفع بها السائل فوق عالمه اليومي،
6
وليس فعل التفلسف (ونلاحظ مؤقتا أنه فعل ونشاط وحركة، بل هو أقصى فعل يمكن أن يحقق
نامعلوم صفحہ
7
4
هذا الجانب السلبي الذي يبرزه التعارض بين فعل التفلسف وبين العمل اليومي - وقد جسمه
8
ويستوي أن أقول إن فعل التفلسف يتجاوز عالم كل يوم، أو أقول إن المعرفة
لنضرب مثلا واقعيا. ولنفترض أن المسئولين في دولة حديثة قالوا: نحن نحتاج لتنفيذ
هذه الحرية التي يقوم عليها التفلسف مرتبطة ارتباطا حميما بالطابع «النظري»
ولن تكون هذه النظرة فلسفية بحق حتى تحيط بالوجود كله وتحاول أن تجربه في مجموعه،
كانت هذه العلاقة الأصيلة حية وحاضرة في فجر الفلسفة وعند مؤسسي التفلسف. وعندما بدأت
9
نامعلوم صفحہ
إلى ديكارت الذي يؤكد في «مقاله عن المنهج» أن غرضه هو وضع فلسفة «مقاله عن
10
حتى عبارة ماركس المشهورة: «لقد اكتفى الفلاسفة حتى الآن بتفسير العالم
11
لو تتبعنا هذا الطريق التاريخي المتصل حتى اليوم لكنا في نفس الوقت نتتبع
إن الفلسفة تقوم على الإيمان بأن ماهية الإنسان وثروته الحقيقية لا تكمن في إشباع
أيا كانت الإجابة على هذه الأسئلة فلا شك أن كلا العالمين ينتمي إلى عالم الإنسان،
12
فالتفلسف يعني فيما يعنيه أن نجرب اهتزاز عالم كل يوم كلما سمعنا نداء
من يقدر أن يتخبط في نبع الماء طوال حياته؟ من يملك ترف النظر إلى الأنجم طول
نامعلوم صفحہ
إن حياة التأمل والنظر ليست حياة بشرية خالصة، وإنما هي شيء يسمو فوق البشرية. لأن في
5
في فعل التفلسف يرتفع الإنسان فوق عالم كل يوم ليتجه إلى «العالم»، يعلو فوق البيئة
13
السؤال الفلسفي إذن يتجه إلى الأشياء التي تقع أمام أعيننا كل يوم، ولكن هذه الأشياء
14
فأسئلته تجمد المسئول وتخلع عن وجه الأشياء قناعها العادي. في كل يوم
يهتف الرياضي الشاب «ثيآيتيتوس» بسقراط الماكر الطيب بعد أن جعله يقر بجهله: ب «حق
15
فعل التفلسف يبدأ مع الدهشة. هذه الدهشة تكشف عن طابع الفلسفة «غير البرجوازي» والذي
نامعلوم صفحہ
ولكن هل هناك شيء بديهي؟ هل عرفنا معنى «الشيء» أو حاولنا التساؤل عنه؟ أبديهي أن
فهو يحيا سجين يومه. أسير أهدافه الحيوية المباشرة، في حين أن صوت هذه الأهداف الحيوية
وفي هذا القول نصيب من الحقيقة. ففي الفيلسوف دائما شيء من الطفل والشاعر، وان اختلف
6 «الاندهاش أصل التفلسف». ولكن ربما فهم من هذه العبارة أنه مجرد بداية أو تمهيد سابق
ولو تذكرنا أب الفلسفة الحديثة لأمكننا أن نقول إن الشك هو أصل الفلسفة. فلولا أنه قال
يقول هيجل في محاضراته عن تاريخ الفلسفة (وهو بصدد الكلام عن سقراط ومنهجه في إدهاش
16
هل يعني هذا الاندهاش في صورته القديمة أو في صورة الشك الحديثة أن يقتلع الإنسان من
ولكنه لا يستطيع أن يخفي الجانب الإيجابي، وهو التحرر من الوهم والخداع؛ فكل ما كان
في الاندهاش إن سلب وإيجاب. فالمندهش لا يعرف السبب الخفي وراء ما يدهشه، لأن الذي
نامعلوم صفحہ
17
وهو كذلك لا يفتقر إلى المعرفة وحسب، بل هو مثل أب الدهشة سقراط: يعرف
قد تخرسه الدهشة لحظة، لكن لا يلبث أن يصحو ويواصل سيره، يدفعه الشوق إلى المعرفة
18
فحيثما وجدت الفرحة العقلية وجد المدهش، وحيثما كانت القدرة على الفرح،
19
إن الاندهاش الذي ينطوي على الأمل يدخل في صميم وجودنا البشري، وهو دليل على أننا
20
هذه الكائنات الوسط لا يمكنها أن تكف عن الدهشة، وإلا كفت عن الوجود (لا عن التفلسف
وفي هذا تكمن عظمة العلم وحدوده في آن واحد. أما الفلسفة فتسأل دون أن تصل إلى جواب
نامعلوم صفحہ
ولهذا يبقى مصدر قلق وإزعاج دائم (كلمة نيتشه: لست فيلسوفا، ولكني ديناميت! إنني
7
والمعنى السلبي الذي ينطوي على الأمل ملازم لمفهوم الفلسفة نفسها منذ البداية.
21
فهي لم تقدم نفسها في صورة علم يقيني موثوق به، بل أكدت بوضوح أنها شكل من
22
فعندما يسأل هذا عن الاسم الذي يليق بصولون وهوميروس يرد عليه سقراط هذا
هذه الحكاية معروفة لا يخلو منها كتاب في الفلسفة. ولكننا نميل إلى أخذها مأخذ
إنها تؤكد أمرين: أولهما أننا لا «نملك» الحكمة أو العلم الذي يهدف إليه السؤال
23
نامعلوم صفحہ
من طبيعة الفلسفة إذن ألا «تملك» موضوعها إلا عن طريق السعي إليه والاشتياق لطلبه (أي
24
والأمر الثاني الذي تؤكده الحكاية القديمة على لسان فيثاغورس وأفلاطون وأرسطو هو
25
لأنها تسعى لطلب الحكمة التي لا يملكها إلا الله، أو بأنها «التشبه بالله
26
هكذا تعجز الفلسفة - لأنها شيء بشري - عن درك موضوعها والإحاطة به. وهي بهذا تضع الحد
27
والحكمة التي لا يملكها إلا الله «معرفة العلة القصوى» (والمراد هو العلة
28
نامعلوم صفحہ
إذا صح هذا كله، فما الذي جعل أرسطو - في الموضع السابق من الميتافيزيقا - يصف
الجواب على هذا أنها لا تزال تحاول - على الرغم من إنكار المنكرين - أن تبلغ ذلك الهدف
29
وهي تسعى إليه، كما سبق القول، على طريق الأمل والرجاء: فالاندهاش يدفعها
30
فهي في النهاية ملازمة لوجود الإنسان، بل هي تحقيق هذا الوجود نفسه. ومهما
31
الفصل الثاني
لم الفلسفة؟
1
نامعلوم صفحہ
نسأل الآن: لم الفلسفة؟
والسؤال يتعلق بهدف الفلسفة أو غايتها. ولما كانت - كما رأينا - فعلا إنسانيا يختص
وربما تبادر إلى الظن أن السؤال نفسه غير مشروع، وذلك بعد كل ما قلناه عن علو الفلسفة
1
بيد أنها ستقف حائرة إذا ختم كلامه وهو يبتسم ابتسامة ماكرة بقوله: إنه
فلنتصور فتاة أو فتى في مثل سنها يحاولان اليوم أن يستفسرا عن ماهية الفلسفة
2
وربما حدثهما عن «رسل» المشهور الذي سمعا بغير شك عن شخصيته الفذة الحرة
فالشاعر شيلر (1759م-1805م)
3
نامعلوم صفحہ
يرى أن غايتها هي إضفاء نظام جمالي على أفكارنا وسلوكنا، وأن نتائجها تتحدد
ولا يقتصر اختلاف الآراء على طبيعة الفلسفة وماهيتها، بل يمتد إلى مضمونها ومنهجها. فلا يزال هناك فلاسفة يؤمنون بأن مضمونها هو معرفة التصورات العليا للوجود وقوانينه، أي
ويسري هذا الاختلاف على المنهج. فلا يكاد الفتى والفتاة يتصفحان كتابا في تاريخ
هذا العرض السريع - المخل بطبيعة الحال - يبين أن الموقف مع الفلسفة يختلف عن غيرها
2
إذا كانت الفلسفة تعاني هذا الاضطراب والارتباك اللذين تستلزمهما طبيعتها «المفتوحة»
4
فإن العلوم قد نجت منهما إلى حد كبير بفضل اتجاهها لحل مشكلات محددة
أضف إلى هذا أن مجال هذا الجهد محدد من قبل، ومحاولات تطوير العلوم المختلفة وتهذيبها
5
نامعلوم صفحہ
وهذه الحاجة الاجتماعية لا تتمثل في المصانع والمعامل والشركات وحدها،
إذا كان هذا هو حال العلوم بوجه عام.
6
فإن الفلسفة تجد نفسها في موقف لا تحسد عليه! فهي لا تعرف هذا الاتجاه
إن الفلسفة مهما اختلفت تعريفاتها هي في النهاية وعي عصرها أو عصرها معبرا عنه
7
وهي دائما في قلب الواقع، والواقع دائما في قلبها. وإذا كانت علاقة
3
ويضاعف من هذا التوتر أن الفلاسفة أنفسهم كثيرا من يصرون على عدم الاكتراث بحكم
8
نامعلوم صفحہ
ربما قيل ردا على هذا أن العلماء أيضا طالما تعرضوا للاضطهاد، واضطر بعضهم للركوع
إن مقاومة الفلسفة للواقع تنبع من طبيعتها. فهي تصر على أن أفكار الناس وأفعالهم
لنضرب مثلا حيا يخرجنا من ساحات التعميم. ولنتذكر سقراط فما أحوجنا أن نذكره
4
كشفت محاكمة سقراط وسجنه وموته عن معدن الفيلسوف الأصيل. وجاءت السنة التي أعدم فيها
لا شك أنه كان من بين قضاته من استمع إليه أو رافقه في جولاته. ولا شك أنه كان بينهم
وحكموا عليه بالموت، تاركين له حرية النفي إلى مكان يختاره أو الخروج من السجن بكفالة
لم يستطع قضاة سقراط أن يلتقوا معه على أرض واحدة. وقفوا على أرض السذاجة، والتسليم
ومعظم العبارات المشهورة عنه مشكوك فيها أو يمكن ردها للحكم الشعبية المأثورة! ولهذا
لقد واجه مواطنيه ب «الحقيقة» في وضوح واتزان وشجاعة، مهما كانت هذه الحقيقة غامضة أو
نامعلوم صفحہ
لم يكن من قبيل الصدفة أن يحيا إلى جانب البسطاء من الناس يناقشهم ويناقشونه في
9
صحيح أنه ظل يبحث في معنى الحياة والإنسان، ولكنه لم يبحث عنه خارج الموقف
5
هكذا نرى أن التوتر بين الفلسفة والواقع توتر أساسي لا يمكن أن تقارن به بعض الصعوبات
وإذا خلت منه صارت كالعين التي لا تبصر، واللسان الذي لا ينطق، والفؤاد الذي لا ينبض. وإذا وجدنا الفيلسوف (أي الحكيم المعتدل المتواضع!) يمسك عن استخدام الكلمات الرنانة
ولقد تكلمنا عن سقراط الذي عاش في هدوء ومات في هدوء، لكنه بقي إلى اليوم مثال الثورة
لقد راح - بنشاطه الفلسفي القائم على الحوار - يرفض التسليم بالعادات الشائعة والخضوع
ربما يقول القارئ: وهل تشك في أن العلم قد غير الحياة المعاصرة عما كانت عليه من
كل هذا صحيح. فأسس المجتمع باستمرار تحت تأثير العلم. وما من مجال من محالات النشاط
نامعلوم صفحہ