Life of the Prophet
كتاب سيرة النبي صلى الله عليه وسلم
ناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
اصناف
المقدمة:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين والمرسلين، المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه، ومن دعا بدعوته، واتبع هداه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن الله تعالى قد اختار محمدًا ﷺ رسولًا أمينًا ومعلمًا مبينًا، واختار له دينًا قويمًا، وهداه في كتابه صراطًا مستقيمًا، ارتضاه لجميع البشر إمامًا وجعله للشرائع النبوية ختاما، فانتهت إليه سلسلة النبوءات، فقال تعالى: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ [الأحزاب: ٤٠] .
إن الشريعة التي جاء بها رسول الله ﷺ هي شريعة تصلح لكل زمان ومكان، وصرَّح القرآن الكريم بأن هذا الدين قد بلغ طوره الأخير من الكمال والوفاء بحاجات البشر، والصلاحية للبقاء والاستمرار فقال:
﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ َلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِينًا﴾ [المائدة: ٣] .
وكذلك وصف الله في القرآن الكريم رسوله ﷺ الذي ختم به النبوة، بصفات تشير إشارة بليغة إلى خلود رسالته، وكونه قدوة صالحة وأسوة حسنة في كل عصر وجيل، ولكل طبقة من الناس، من غير تقييد بزمان ومكان، فقال: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: ٢١] .
إن سيرة محمد ﷺ هي السيرة الكاملة الشاملة لجميع
1 / 1
أطوار الحياة، ولا يمكن أن تكون حياة أحد كائنًا من كان مثالًا يحتذى به إلا إذا توافر لها عنصران: أولهما: الدقة والصحة في نقل تفاصيل تلك الحياة، والآخر: أن يكون صاحبها متصفًا بالكمال في جميع جوانب حياته.
وهذان الأمران لم يتوافرا لأحد في التاريخ البشري المدون كما توافرا لنبي الإسلام محمد ﷺ. وحياة رسولنا الأعظم ﷺ من ميلاده إلى ساعة وفاته معلومة للذين عاصروه وشاهدوه، وحفظها التاريخ عنهم لمن بعدهم، ومعلومةٌ تفاصيل حياته ﷺ، ليلها كنهارها.
نحن معشر المسلمين، نؤمن بجميع الأنبياء والمرسلين ونعظمهم بلا استثناء، مع علمنا بأنهم متفاضلون ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ [البقرة: ٢٥٣] .
ولكن التدوين الكامل ما قدَّره الله إلا لسيرة آخر المرسلين وخاتم النبيين محمد ﷺ، أما غيره من الأنبياء فلم تكن سيرتهم مدونة ولا خالدة ولا محفوظة؛ لأنهم قد أُرسلوا إلى أممهم في عهدهم، والذي سُجِّل في القرآن والسنة من ذلك قليل من كثير.
والذين ألَّفوا في سيرة النبي ﷺ من عهد الرسالة إلى يومنا هذا في مختلف البلاد الإسلامية والأجنبية في معظم لغات العالم، يعدُّون بالألوف، ولا يزالون ماضين في التأليف فيها.
بل نحن نجد جماعة من المؤلفين في الهند نفسها من الهنادك والسيخ وغيرهم من الذين لا يؤمنون بنبوته ﷺ ولا يوقنون برسالته، وكذلك الأوربيون الذين لا يدينون بالإسلام، ولا يؤمنون بالرسالة المحمدية، ألَّفوا في سيرة النبي ﷺ مؤلفات، منهم المنصرون والمستشرقون، وتبلغ
1 / 2
مؤلفاتهم مئات.
وذكر العلامة السيد سليمان الندوي أنه قرأ في مجلة "المقتبس" التي كانت تصدر من دمشق قبل أربعين سنة إحصاء ما صنف في السيرة النبوية فبلغ ألفًا وثلاثمائة كتاب. وقد توفي العلامة الندوي سنة (١٩٥٣م) .
ولو أضفنا إلى هذا العدد ما صدر بعد ذلك من علماء الغرب في السيرة لأربى على ذلك بكثير.
وذكر أيضًا العلامة الندوي الذين ألَّفوا في السيرة النبوية باللغة الأردية، مع أن هذه اللغة لم تكن لغة تأليف إلا منذ قرنين على الأكثر، وفي تقديري أن ما صنف بها وحدها في السيرة النبوية يبلغ ألفًا إن لم يزد عليه (١) .
ولما وصلت إليَّ الدعوة للمشاركة في الندوة عن السنة والسيرة بعنوان "عناية المملكة بالسنة والسيرة النبوية" تحت إشراف مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، وطُلب مني تقديم بحث بعنوان أحد موضوعات المحور الرابع، اخترت عنوان البحث كتاب "سيرة النبي ﷺ" للعلامة شبلي النعماني وتكملته للعلامة السيد سليمان الندوي "عرض وتحليل".
وهذا الكتاب أهم ما ألفه علماء الهند، واشتهر الكتاب في بلاد العرب والعجم أيضًا، فقد ذكر سماحة الشيخ أبي الحسن الندوي أهمية هذا الكتاب في بعض المحاضرات التي ألقاها في مصر والشام، قال:" أفضل ما ألف في موضوع السيرة النبوية كتاب " سيرة النبي " وهو في سبعة مجلدات كبار في اللغة الأردية للعلامة شبلي النعماني ولتلميذه الأستاذ الكبير السيد سليمان
_________
(١) انظر: السيرة المحمدية ص (٦) .
1 / 3
الندوي، وهو كدائرة المعارف في السيرة النبوية وعلم الكلام والتوحيد " (١) .
ويتضمن البحث النقاط التالية:
١- التعريف بالمؤلفين بإيجاز.
٢- سبب تأليف هذا الكتاب.
٣- التعريف بكتاب السيرة النبوية، وما يشتمل عليه من الموضوعات.
٤- اطلاع المؤلفين على كتب المستشرقين والرد على بعض آرائهم.
٥- منهجهما في توثيق الروايات وتحليلها، وترجيح بعضها على بعض في هذا الكتاب.
٦- ملاحظات على الكتاب.
٧- خلاصة البحث.
٨- توصيات ومقترحات.
ولقد حاولت في هذا البحث الموجز التعريف بهذا الكتاب، وبينت مزاياه ليكون توصية في هذه الندوة لنقله إلى اللغة العربية تحت إشراف لجنة من العلماء المختصين في الحديث الشريف.
علمًا بأن الكتاب سوف يبلغ عشرة مجلدات باللغة العربية أو نحوها.
والله الموفق.
_________
(١) انظر: "المسلمون في الهند" ص (٤٠) .
1 / 4
كتاب "سيرة النبي ﷺ" للعلامة شبلي النعماني وتكملته للعلامة السيد سليمان الندوي
" عرض وتحليل "
أ. د/ تقي الدين بن بدر الدين ندوي
بسم الله الرحمن الرحيم
المبحث الأول: التعريف بالمؤلفين بإيجاز
العلامة شبلي النعماني:
هو العلامة الفاضل المؤرخ والأديب البحاثة والكاتب القدير والمتكلم الكبير، الشيخ محمد شبلي بن الشيخ حبيب الله، ولد بقرية "بندول" من أعمال (أعظم جراه) (١) سنة أربع وسبعين ومائتين وألف من الهجرة، الموافق لشهر مايو - أيار سنة ١٨٥٧م (٢) .
اعتنق جده الأعلى "شيوراج سنغ" الإسلام قبل أربعة قرون تقريبًا، وكان أصله من "راجبوت" وهم طبقة عليا من الهندوس ومن خصائصهم الفروسية والشجاعة والقيادة.
سماه أبوه محمد شبلي، لكن شبلي اقتصر على (شبلي) وأضاف إليه النعماني، نسبة إلى مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت رحمه الله تعالى.
وقد نشأ في بيئة علمية فتعلم القرآن واللغة الفارسية في قريته، وقرأ اللغة العربية على أستاذ العلماء فاروق علي العباسي (٣) المتوفى سنة ١٣٢٧؟ وأخذ منه المنطق والحكمة، وبرز فيهما ولازمه مدة طويلة حتى شهد له شيخه محمد فاروق الجرياكوتي بالمهارة في الحكمة، وكان يقول له: "أنا أسد وأنت شبلي" (٤) .
وقد أخذ شبلي الفقه من العالم الفقيه الأصولي إرشاد حسين المجددي
_________
(١) (أعظم جراه) هي مدينة بشمال الهند (اترابراديش) .
(٢) انظر: "نزهة الخواطر" (٨/١٨٩) وحياة شبلي ص (٦٨) .
(٣) هو الشيخ الفاضل العلامة محمد فاروق بن علي أكبر العباسي الجرياكوتي أحد الأفاضل المشهورين في الهند المتوفى سنة ١٣٢٧؟ "نزهة الخواطر" (٨/٤٧٦ـ٤٧٧) .
(٤) حياة شبلي ص (٧٤) .
1 / 5
الرامفوري (١) المتوفي سنة ١٣١١هـ وسافر شبلي إلى لاهور ليأخذ الأدب العربي من الشيخ العالم الكبير فيض الحسن السهارنفوري المتوفي سنة ١٣٠٤هـ وأنشأت صحبته للشيخ فيض الحسن (٢) فيه ذوقًا أدبيًا رفيعًا حتى حفظ ديوان "الحماسة"، وتدرَّب على الكتابة باللغة العربية الفصحى، ثم سافر إلى المحدِّث الشيخ مولانا أحمد علي السهارنفوري المتوفى سنة ١٢٩٧هـ، وهو من أخص تلامذة المحدث الدهلوي الشيخ محمد إسحاق (٣) المتوفى سنة ١٢٦٢هـ.
قال العلامة شبلي: "إني سافرت لطلب الأدب والمنطق والحديث وأصول الفقه مسافات بعيدة إلى كبار الأساتذة في كل فن في الهند" (٤) .
وقد اعترف العلامة عبد الحي الحسني أن شبلي قد فاق أقرانه في الإنشاء والشعر والأدب والتاريخ وكثير من العلوم والفنون (٥) .
ثم ولي التدريس في كلية (علي جراه) وصحب الأساتذة الغربيين؛ لأن الكلية كانت مجمعًا لأساتذة الشرق والغرب، وهي أول كلية أنشئت بعد دخول الإنكليز في الهند لتدريس العلوم الجديدة، لذلك أتيحت له الفرصة للاطلاع على أفكار الغرب ودراساتهم، والتقى آرنولد في الكلية وتعلم شبلي
_________
(١) انظر ترجمته في "نزهة الخواطر" (٧/٣٩١) .
(٢) هو الشيخ العالم الكبير العلامة فيض الحسن السهارنفوري عُرِف بالذكاء والفطنة والعلم، ولم يكن في عصره أعلم منه بالنحو واللغة والأشعار، وأيام العرب، توفي سنة ١٣٠٤؟ (نزهة الخواطر" (٨/٣٨٩) .
(٣) هو الشيخ العالم المحدث المسند أبو سليمان إسحاق بن محمد أفضل الدهلوي المهاجر إلى مكة المباركة ودفينها، توفي سنة ١٢٦٢؟ "نزهة الخواطر" (٧/٦٠) .
(٤) مجلة "المعارف" عدد نوفمبر ١٩٢٣م.
(٥) "نزهة الخواطر" (٨/١٧٤) .
1 / 6
منه اللغة الفرنسية، كما تعلم آرنولد منه اللغة العربية، واستفاد منه في التاريخ الإسلامي (١) .
وصحب شبلي السيد أحمد بن المتقي الدهلوي (٢) ومال إلى التاريخ والسير، وصنف كتابًا في " سيرة المأمون العباسي " و" سيرة النعمان " في سيرة الإمام أبي حنيفة و" الفاروق "، وألف كتابه " الجزية " و" حقوق الذميين " و" حياة الرومي " و" شعر العجم " وغيرها. وقد زار شبلي سنة ١٨٩٢م القسطنطينية والشام وبيروت وبيت المقدس والقاهرة، واطلع في رحلته هذه على المكتبات وكتب قيمة نادرة من العلوم والفنون المختلفة، وقد أكرمته الحكومة التركية بالوسام المجيدي، فلما اطلعت الحكومة الإنكليزية على ذلك في الهند أكرمته بلقب شمس العلماء سنة ١٨٩٤م وقد أُكرم العلامة بهذا اللقب ولم يتجاوز عمره خمسًا أو ستًا وثلاثين سنة.
وكان شبلي قد شارك في تأسيس ندوة العلماء، وله دور بارز في إصلاح مناهجها، وكان رئيس ندوة العلماء الشيخ محمد علي المونكري يقول: أنا مغرم بكفاءة العلامة شبلي، وأنا أرى أن النجاح لم يتحقق إلا بكفاءته وهمَّته (٣) .
وقد توفي سنة ١٣٣٢هـ عن سبع وخمسين سنة، ودفن في ساحة مجمع دار المصنفين الذي أسسه لإعداد المؤلفين والباحثين، وقد صدر عنه ما يقارب ثلاثمائة كتاب على مستوى عالٍ في البحث والتحقيق، ونشر منها كتاب "سيرة
_________
(١) انظر: "حياة شبلي" ص (١٣١) .
(٢) هو السيد أحمد بن المتقي الدهلوي المعروف بسيد أحمد خان المتوفي سنة ١٣١٥؟ "نزهة الخواطر" (٧/٤٢) .
(٣) سيرة مولانا مونكيري ص (٢٨١) .
1 / 7
النبي"، وصار في أسلوبه أحد المجيدين الخمسة للغة الأردية، وهو أصغرهم سنًا، وقد اختار أسلوبه أكثر المؤلفين في الكتابة والبحث في اللغة الأردية.
وتتلمذ عليه عدد كبير من العلماء، وأشهرهم المحقق السيد سليمان الندوي، وهو خليفة العلامة شبلي، كان من أحلى أمانيه أن يكمل كتاب شيخه: "سيرة النبي ﷺ" وقد وضع شبلي خطة الكتاب وبدأ تأليفه لكنه لم يؤلف إلا جزأين حتى وافاه الأجل، فخلفه تلميذه النابغة السيد سليمان الندوي، وأكمل الكتاب في سبعة مجلدات كبار.
1 / 8
العلامة السيد سليمان الندوي (١)
هو الشيخ العلامة الأستاذ السيد سليمان الندوي الحسيني، أحد العلماء المبرزين في علوم التفسير والتاريخ والأدب والكلام ونوابغ الفضلاء والمؤلفين في القارة الهندية.
ولد يوم الجمعة لسبع بقين من صفر سنة اثنتين وثلاثمائة وألف، الموافق ٢٢ من نوفمبر سنة ١٨٨٤م، ونشأ بدسنه - بكسر الدال وسكون السين المهملتين - وهي قرية من أعمال ولاية بهار.
وقرأ مبادئ العلم وبعض الكتب المتداولة، ثم التحق بدار العلوم ندوة العلماء سنة ١٣١٨؟، وتخرج فيها ونال الشهادة سنة ١٣٢٤؟، ولا شك أن كبار العلماء والمدرسين قد اجتمعوا في عصره في ندوة العلماء، فقرأ عليهم واستفاد منهم، وكان منهم العلامة شبلي النعماني.
أخذ عنه السيد سليمان الندوي الأدب العربي، واستفاد منه استفادة عامة واختص به ولازمه، وتولى نيابة عنه تحرير مجلة "الندوة" ثلاث مرات، ولفت الأنظار بمقالاته العلمية التي تدل على نبوغه وتبشر بمستقبل الكاتب، وعيّن أستاذا في دار العلوم ندوة العلماء سنة ١٣٢٥؟، ثم استقدمه مولانا أبو الكلام سنة ١٣٣٠؟ للمشاركة في تحرير جريدة (الهلال)، ومكث فيها سنة، ثم اختير أستاذا في كلية بونا التابعة لجامعة بومبائي، وأقام فيها نحو ثلاث سنوات، وحاز ثقة الأساتذة والطلبة.
_________
(١) انظر ترجمته في "نزهة الخواطر" (٨/١٧٧) وحياة سليمان للأستاذ معين الدين احمد الندوي، و"براني جراغ" (المصابيح القديمة) لسماحة الشيخ أبي الحسن الندوي، ومجلة "المعارف" الصادرة في دار المصنفين اعظم جراه الهند.
1 / 9
ثم طلبه أستاذه العلامة شبلي عند دنو الأجل، وفوض إليه إكمال سلسلة "سيرة النبي" على صاحبها الصلاة والسلام، التي بدأ بها، ونظارة دار المصنفين التي أسسها، وتوفي أستاذه على إثر ذلك، وذلك في سنة ١٣٣٢؟، وتولى تحرير مجلة "المعارف" الشهرية، وعكف على التأليف والتحقيق مكبًّا على إكمال "سيرة النبي ﷺ" وزار لندن وباريس والقاهرة وأفغانستان، ولما عقد الملك عبد العزيز مؤتمر العالم الإسلامي سنة ١٣٤٤؟ ودعا علماء المسلمين وزعماءهم، اختير العلامة السيد سليمان الندوي نائبًا للرئيس في وقائع المؤتمر.
وقد طلبه ملك أفغانستان ليستفيد من تجاربه ودراساته فسافر مع الدكتور محمد إقبال والسيد رأس مسعود، وأكرمه الملك، واحتفت به البلاد، ومنحته جامعة علي جراه الإسلامية شهادة الدكتوراه الفخرية في الأدب اعترافًا بمكانته العلمية.
وطلبه حاكم ولاية بهوبال ليتولى رئاسة القضاء في الإمارة ورئاسة الجامعة الأحمدية والإشراف على التعليم الديني والأمور الدينية في بهوبال، فأجابه إلى ذلك، وأقام فيها ثلاث سنوات، وبعد انقسام الهند طلبه بعض أركان حكومة باكستان ليشارك في وضع الدستور الإسلامي للحكومة الوليدة فأجابهم إلى ذلك، في شعبان سنة ١٣٦٩؟ وقرر الإقامة في باكستان. وكذا اختاره مجمع فؤاد الأول في مصر عضوًا مراسلًا في سنة ١٣٧١؟.
ووافاه الأجل غرة ربيع الآخر سنة ١٣٧٣؟ في كراتشي، وحضر جنازته كبار العلماء وأعيان البلاد، وجمع كبير من الناس، ودفن في مقبرة كراتشي بجوار الشيخ شبير أحمد العثماني (١) صاحب كتاب "فتح الملهم شرح مسلم"،
_________
(١) انظر ترجمته في مقدمة تكملة "فتح الملهم" المجلد الأول و"حياة عثماني" لأنوار الحسن الشيركوتي.
1 / 10
المتوفى سنة ١٣٦٩هـ.
كان السيد سليمان الندوي: من كبار المؤلفين في هذا العصر، ومن المكثرين في الكتابة والتأليف، مع سعة علم ودقة بحث وتنوع مقاصد.
قال سماحة الشيخ أبي الحسن الندوي: "كان راسخًا في العلوم العربية وأدبها، دقيق النظر في علوم القرآن وعلم التوحيد والكلام، غزير المادة في التاريخ وعلم الاجتماع والمدنية، صاحب أسلوب أدبي في اللغة الأردية وكاتبا مترسلا في اللغة العربية" (١) .
وله مؤلفات عديدة منها:
* تكملة "سيرة النبي ﷺ" لأستاذه في خمسة مجلدات كبار.
* "خطبات مدارس" من خير ما كتب في السيرة النبوية، ونقل إلى اللغة العربية باسم "الرسالة المحمدية" ونقل إلى الإنجليزية أيضًا.
* "أرض القرآن" في مجلدين في جغرافية القرآن، و"سيرة عائشة".
* "سيرة الإمام مالك" و"خيام" و"نقوش سليمان" و"حياة شبلي" في سيرة أستاذه، وغيرها من المؤلفات والبحوث والمقالات.
_________
(١) انظر: "نزهة الخواطر" (٨/١٧٩) .
1 / 11
المبحث الثاني: سبب تأليف هذا الكتاب
ألف العلامة شبلي مؤلفات عديدة في التاريخ والأدب، واشتهرت مؤلفاته ومقالاته في البلاد، وآخر كتبه الذي تشرف بتأليفه هو "سيرة النبي" ﷺ، ويقول في بيت من الشعر مامعناه:
لقد مدحت العجم وألَّفت تاريخ بني العباس، كان من قدر الله أن أقيم عند الأغيار مدة من الزمن، ولكني وفقت أن أؤلف الآن سيرة خاتم النبيين، فالحمد والشكر لله على حسن الخاتمة بهذا العمل المبارك.
فلما أراد العلامة شبلي أن يؤلف هذا الكتاب توجَّه إلى الاطلاع على مؤلفات علماء الإسلام في السيرة قديمًا وحديثًا، ولكن هذه المؤلفات كانت عبارة عن سرد الحوادث التاريخية فحسب، ولا علاقة لها بعلم الكلام، ولكن الناقدين المعاصرين يزعمون أن الدين لو كان عبارة عن الإيمان بالله فحسب فلا نقاش فيه، وإذا كان الدين يطالب بالإيمان بالرسول أيضًا فلابد لنا من معرفة شؤون حياته وعاداته وأخلاقه؛ لأنه هو الذي أنزل عليه الوحي وهو رسولٌ بين الله وخلقه.
إن مؤرخي الإفرنج الذين ألفوا في سيرة النبي ﷺ قدَّموا في مؤلفاتهم صورة مشوهة لحياته ﷺ.
وأبناء الجيل الجديد الذين لم يدرسوا اللغة العربية والدراسات الإسلامية، إذا أراد أحد منهم معرفة شيء عن سيرة النبي ﷺ لجأ إلى كتب المستشرقين المشوهة المملوءة بالمعلومات المسمومة، وهكذا تتسرب هذه السموم إلى نفوسهم، وتؤثر رويدًا رويدًا فيهم من غير أن يشعروا بها؛ لدرجة
1 / 13
أنه قد ظهر في البلاد جماعة لا يفرقون بين المصلح والرسول، فالرسول عندهم مصلح محض.
هذه العوامل هي التي دعتني أخيرًا إلى وضع كتاب ضخم في سيرة النبي ﷺ. ويبدو هذا العمل في بادئ الأمر سهلًا يسيرًا؛ لأن هناك مئات من الكتب باللغة العربية، فلو أردت أن أؤلف كتابًا في السيرة كان عليّ أن أختار من هذه الكتب، ولم يكن يتطلب مني ذلك إلا بضعة شهور. ولكني لما قمت بهذه المهمة وجدتها صعبة وشاقة ودقيقة لم أواجه مثلها طول حياتي العلمية.
ثم إن مؤلفي السيرة النبوية لم يكتفوا في كتبهم بالروايات الصحيحة وحدها كما أشار إليه الحافظ زين الدين العراقي، وهو من شيوخ الحافظ ابن حجر العسقلاني قائلا:
وليعلم الطالب أن السيرا ... تجمع ما صحَّ وما قد أُنْكرا
ولهذا السبب تسربت الروايات الضعيفة والموضوعة إلى كتب السيرة، فكان من الضروري أن تجمع جميع الكتب الهامة في الحديث والرجال لتمحيص الروايات ونقدها؛ ليمكنني أن أؤلف كتابا في السيرة حتى يعدَّ ثقة بين الناس، ولا يستطيع شخص واحد أن يتصفح مئات من الكتب في هذا المجال ويقتبس منها المعلومات.
وكذلك كنت بحاجة إلى الاطلاع على الكتب الإفرنجية التي ألفت في حياة النبي ﷺ، فهيأ الله أن كُوِّنت لجنة من المسلمين الباحثين العارفين باللغات الإفرنجية والعربية، وبعد ذلك لم تكن موانع للقيام بهذه المهمة (١) .
_________
(١) انظر مقدمة سيرة النبي ﷺ (١-٧/١٠) .
1 / 14
المبحث الثالث: التعريف بالكتاب وما يحتوي عليه
وضع العلامة شبلي خطة الكتاب وبدأ تأليفه، ولكنه توفي وهو مشتغل بالجزء الثاني، فأتمَّ العلامة السيد سليمان الندوي ما نقص منه، ورجع إلى مصادر الكتاب، وقارن بينها وبين أصل الكتاب، فإذا وجد في العبارة إبهامًا أوضحه، وإذا اطلع على بعض الأمور المفيدة التي تستحق أن تزاد في الكتاب زادها، وكذلك في بعض الآراء خالف أستاذه، لكنه جعل ذلك بين هلالين ليتبين أصل الكتاب من زيادته، وهذا في غاية الأدب.
ثم انفرد بتأليف الكتاب واستعان ببعض أصحابه في تحقيق مسائل وفصول، لكنه وسع نطاق السيرة من سرد الأحداث، وبيان الشمائل، ووصف العادات إلى الرسالة المحمدية والتعليمات النبوية والشريعة الإسلامية وبحث شعبها المختلفة (١) .
المجلد الأول:
١- يشتمل على مقدمة تناول فيها أصول الرواية والدراية والحاجة إلى تأليف سيرة النبي ﷺ، ٢- الفرق بين السيرة والحديث، ٣- بداية علم السيرة والتراث المكتوب فيها، ٤- القراءة والكتابة في عهد الرسالة، ٥- المغازي، ٦- بداية عهد التأليف على أيدي الخلفاء، ٧- العناية الخاصة بالمغازي، ٨- مكانة الإمام الزهري في السيرة، ٩- موسى بن عقبة والسيرة، ١٠- محمد بن إسحاق والسيرة، ١١- ابن هشام والسيرة
(١) انظر "شخصيات وكتب" ص (٦٩) .
1 / 15
١٢- الواقدي والسيرة، ١٣- ابن سعد والسيرة، ١٤- التاريخ الصغير والكبير للإمام البخاري والسيرة، ١٥- الإمام الطبري والسيرة.
ثم ذكر المصنفين الأوائل في السيرة ومصادر السيرة التي ألفت فيما بعد، ثم ذكر مقاييس المحدثين ومعاييرهم وبعض مؤلفاتهم، وبيَّن الفرق بين كتب الحديث والسيرة، ثم تناول الرواية بالمعنى وأخبار الآحاد والمستشرقين والسيرة النبوية وذكر أسباب أخطائهم، ثم تناول ذكر تاريخ العرب قبل الإسلام، وسلسلة نسب النبي ﷺ، وولادته وبعثته وهجرته إلى المدينة المنورة، وغزواته وسراياه، والمعاهدة مع اليهود، ونقض اليهود العهود، وغزوة المريسيع وحادثة الإفك، وغزوة الأحزاب وصلح الحديبية، ورسائل النبي ﷺ إلى السلاطين، وغزوة خيبر وعمرة القضاء، وحادثة الإيلاء، وغزوة تبوك، ومسجد الضرار، وحجة الإسلام، ونظرة في الغزوات. ويبلغ هذا المجلد (٦٢٢) صفحة.
المجلد الثاني:
يشتمل على قيام الأمن في جزيرة العرب وانتشار الإسلام في قبائل العرب، ووفود القبائل إلى النبي ﷺ، وإقامة النظام الإسلامي، وحجة الوداع، ووفاة النبي ﷺ، والشمائل والعادات، ومجالس النبي ﷺ وعباداته وأخلاقه، وأزواجه المطهرات، وبناته الطاهرات وعشرته مع أزواجه. ويبلغ هذا المجلد (٤٤٠) صفحة.
المجلد الثالث:
وتحدث في هذا المجلد عن المعجزات وأدلتها، وإمكان وقوعها في ضوء الفلسفة القديمة والقرآن وعلم الكلام والآيات والمعجزات، وبيَّن تفصيل آيات
1 / 16
رسول الله ﷺ وخصائص النبوة، (كلام الله مع النبي إما بالوحي، أو من الرؤيا، أو بواسطة الملك) والإسراء والمعراج والقرآن الكريم، ثم أورد الروايات الصحيحة في الباب وانتقاده الروايات الموضوعة والضعيفة والواهية فيه.
ثم ذكر التبشير بالنبوة في الكتب السماوية وهي مؤيدة بالقرآن الكريم، ثم اهتم ببيان خصائص النبي ﷺ. ويحتوي هذا المجلد على (٨٦٨) صفحة.
المجلد الرابع:
يشتمل على مقدمة وفصول، وتحدث في المقدمة عن منصب النبوة، وبيَّن الفرق بين النبي والمصلح والحكيم، ثم ذكر حقيقة النبوة وخصائصها، وأدلة إثبات النبوة، وتحدث عن الظلام المطبق الذي كان مسيطرًا على العالم عند زمان بعثة النبي ﷺ، وكان هذا العصر أحط أدوار التاريخ، ثم ذكر الوضع الديني في هذا القرن، وأوضاع العرب في العقيدة والأخلاق، وخصائص العرب ومزايا أهل الجزيرة العربية، والولادة الكريمة، والتبليغ النبوي وأسباب نجاحه، ثم تناول العقائد بالتفصيل، وانتهى هذا المجلد ببيان نتائج الإيمان. ويبلغ (٨٨٨) صفحة.
المجلد الخامس:
خصص هذا المجلد لبيان العبادات، الصلاة والزكاة والصيام والحج وذكر العبادات القلبية والإخلاص والتوكل والصبر والشكر وغيرها. ويبلغ (٣٧٦) صفحة.
1 / 17
المجلد السادس:
شرح فيه فلسفة الأخلاق في الإسلام، وتحدَّث فيه عن الأخلاق في الإسلام، ومزايا النبي ﷺ على معلِّمي الأخلاق، وفضائل الأخلاق ورذائلها، والآداب في الإسلام، ويحتوي هذا المجلد على (٨٧٢) صفحة.
أما المجلد السابع:
فتناول فيه المعاملات في الإسلام، لكن الكتاب لم يتمه وطبع بعد وفاته مع تقديم سماحة الشيخ أبي الحسن الندوي ﵀ له. ويبلغ هذا المجلد (٢٢٠) صفحة.
ونال هذا الكتاب قبولًا عامًا، وطبع عدة مرات، ويطبع الآن في ثوب قشيب، ونقل إلى اللغة التركية، والإنكليزية، والبشتو.
1 / 18
المبحث الرابع: اطلاع المؤلفين على كتب المستشرقين والرد على بعض آرائهم
كان العلامة شبلي من أوائل العلماء في الهند الذين انتبهوا على دسائس المستشرقين الحاقدين على الإسلام والناقمين على النبي عليه الصلاة والتسليم، وقد اطلع العلامة شبلي على مؤلفاتهم اطلاعًا عميقًا، ويشهد على ذلك أنه ذكر قائمة لمؤلفاتهم بلغ عددها سبعة وثلاثين كتابًا.
ثم قسم المستشرقين إلى ثلاث طوائف:
١- طائفة من الكتَّاب الذين لا يعرفون شيئًا عن اللغة العربية ومصادر التاريخ الأصيلة، وجُلُّ معلوماتهم تعتمد على المصادر الأجنبية غير العربية المترجمة والمؤلفة، ولم يكن لهم من مجهود إلا أن يظهروا تلك المعلومات الناقصة المشوشة المطبوعة في قلوبهم وميولهم ونزعاتهم أمام الناس، ومع ذلك نحن نعترف أن بعضًا منهم ينصفون في الكتابة، ولكنهم قليلون جدًا.
٢- وطائفة منهم أدباء يجيدون اللغة العربية إجادة تامة، ولكنهم يبعدون كل البعد عن العلوم الشرعية وفن السيرة النبوية، فتجرؤوا على الإسلام ونبيه ﵊، بما يبعث العجب كـ (سخاو) (SACHUA) ونولديكه (NOLDEKE) من الألمان.
٣- هناك طائفة من المستشرقين الذين تخصصوا في العلوم الإسلامية والشريعة مثل بامر (PAMER) ومارجوليت (MARJOULIT) ولكن مع الأسف الشديد كانت دراساتهم مبنية على التعصب للديانة المسيحية والفكر
1 / 19
١- الغربي؛ ولذلك هم يشنون هجمات عنيفة على العلوم الإسلامية (١) .
كذلك كان للعلامة السيد سليمان الندوي دراسة واعية لكتابات المستشرقين؛ لأنه درس الاستشراق والمستشرقين دراسة عميقة (٢) .
وأنا أذكر بعض الأمثلة لردهما على دراسات المستشرقين:
١- ذكر العلامة شبلي تاريخ مكة المكرمة في كتابه، وأثبت بأدلة أنها كانت مسكن إسماعيل ﵇ وردَّ في خلال هذا البحث على رأي المستشرق مارجوليوس (MARJOLIOS) الذي ادعى أن مكة ليس لها تاريخ قديم، كما يقوله المسلمون. وهذه الدعوى لا أساس لها، فأورد شبلي أدلة قاطعة على إبطال رأي هذا المستشرق بأقوال المستشرقين أنفسهم مثل دوزي وكارلائل، وأثبت أن مكة هي أقدم وأشرف مركز للعبادة في الدنيا (٣) .
٢- ذكر شبلي سلسلة نسب النبي ﷺ إلى معد بن عدنان وقال: هكذا في صحيح البخاري (٤)، ولكن ذكر البخاري في تاريخه من عدنان إلى إبراهيم ﵊، ثم ذكر أن لسيدنا إسماعيل ﵇ اثني عشر ولدًا، هم مذكورون في التوراة أيضًا، منهم: قيدار، وانتشر أولاده في الحجاز، ومن أولاده كان عدنان، والنبي ﷺ كان منه.
ثم ذكر اختلاف المؤرخين في بيان سلسلة نسبه ﷺ منه إلى عدنان قيل: عشر وسائط، وقيل: أكثر، وقيل: أقل. قال شبلي: "لو قبلنا
_________
(١) انظر: "سيرة النبي" (١/٧١) .
(٢) انظر: مقال السيد سليمان الندوي في مجلة "الندوة" ديسمبر ١٩١١م. وما رد به على آرائهم في السيرة النبوية.
(٣) انظر: "سيرة النبي" (١/١٤٩) .
(٤) "صحيح البخاري" باب مبعث النبي ﷺ (٤/٢٣٨) .
1 / 20
أقوال من ذهب إلى عشرة أو تسعة فلا يكون أكثر من ثلاثمائة سنة، وهذا يخالف التاريخ، لأن الفاصل بينهما أكثر بكثير".
ثم أثبت شبلي أن الواسطة بين عدنان وإسماعيل ﵇ أربعون (١) (٢) .
لكن المستشرق (سر ويليم) أنكر نسبه ﷺ من سيدنا إسماعيل ﵇، لاختلاف الروايات في ذلك، وقد ردَّ عليه شبلي أولًا بأقوال المستشرقين ومؤرخي اليهود، وثانيا بما جاء في مصادر التاريخ الإسلامي لبيان ثبوت نسبه ﷺ إلى سيدنا إسماعيل ﵇ (٣) .
١- قصة الراهب بحيرى، جاءت هذه القصة مطولة في كتب السير والتاريخ ومعروف أنها وقعت في سفر الشام، وذلك أن أبا طالب خرج في ركب تاجرًا إلى الشام، وكان رسول الله ﷺ إذ ذاك ابن اثنتي عشرة سنة، فتعلق به ورقَّ له، واستصحبه في هذه الرحلة، فلما نزل الركب (بصرى) من أرض الشام، وفيها راهب يقال له بحيرى في صومعة له، رأى رسول الله ﷺ وما صنع الله له من الخوارق للعادة، فسأله أشياخ من قريش ما عِلْمُك به؟
فقال: إنكم حينما أشرفتم من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلا خرّ ساجدًا، ولا يسجدون إلا لنبي (٤) .
هذه الرواية جاءت بألفاظ مختلفة.
فانتهز المستشرقون والمغرضون (سرويليم، ميور، دريبر، مارجوليوس)
_________
(١) انظر: "سيرة النبي" (١/١٦٠) .
(٢) هكذا جاء في "تاريخ الطبري" (٣/١١١٨)، و"الروض الأنف" (١/٨) .
(٣) انظر: "سيرة النبي" (١/١٦٨) .
(٤) انظر: "المستدرك" (٢/٦١٥) و"البداية والنهاية" (٢/٣٦٥) .
1 / 21