223

Lessons of Sheikh Mohammed Al-Duwish

دروس الشيخ محمد الدويش

اصناف

أمره ﷺ بمكارم الأخلاق
أيضًا: كان ﷺ يأمر بمكارم الأخلاق، ولا شك أنه ﷺ أول من يمتثل ما يأمر به ﷺ، كيف لا وهو ﷺ قد حذّرنا وحذّر أمته من أن يقول أحدهم ما لا يفعل، وأخبر أن الرجل يُلقي في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى فيجتمع عليه أهل النار فيقولون: ألم تكن تأمرنا وتنهانا؟ فيقول: بلى كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وكنت أنهاكم عن المنكر وآتيه، عافانا الله وإياكم، والنبي ﷺ قد جمع الله له كمال الامتثال والتأسي فلا شك أن كل ما يأمر به ﷺ ويدعو به أمته؛ لا شك أن ذلك سيكون متمثلًا في حياته ﷺ وسيرته.
ها هو أبو ذر ﵁ يحكي في قصته التي يرويها الإمام مسلم عن ابن عباس يقول: (لما بلغ أبا ذر مبعث النبي ﷺ بمكة قال لأخيه: اركب إلى هذا الوادي فأعلمني علم هذا الرجل الذي يزعم أنه يأتيه الخبر من السماء، فاسمع من قوله ثم ائتني.
فانطلق الآخر حتى قدم مكة وسمع من قوله، ثم رجع إلى أبي ذر فقال: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق ويقول كلامًا ما هو بالشعر).
ونقف أيها الإخوة عند هذا المعنى ونتأمل، متى قدم أبو ذر ﵁ إلى النبي ﷺ؟ قدم إلى النبي ﷺ وهو لا يزال في مكة، ولما ينزل بعد الكثير من آيات القرآن، ولما تنزل الشرائع والأحكام، وأصبح هذا المعنى معلمًا بارزًا في دعوته، فحين أراد صاحب أبي ذر ﵁ أن يلخّص له دعوة النبي ﷺ لم يجد أبلغ من أن يصفها بهذه الكلمة: (رأيته يأمر بمكارم الأخلاق ويقول كلامًا ما هو بالشعر) إنه لو كان النبي ﷺ قد أمر بمكارم الأخلاق في مكة ودعا إليها لما كان ذلك كافيًا، أما أن تكون مكارم الأخلاق هي العنوان لدعوة النبي ﷺ، وهي القضية التي يشعر هذا الرجل الذي رأى النبي ﷺ، وتفحّص حاله؛ فهذا يعني أنه معلم بارز واضح يدركه كل من عاشر النبي ﷺ ورآه، ولو كان في تلك المرحلة التي كان ﷺ لا يزال فيها في أول رسالته وأول دعوته، ولما تنزل الكثير من الأحكام والشرائع بعد.
وفي الصحيح عن عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص ﵄ فقلت: (أخبرني عن صفة رسول الله ﷺ في التوراة.
قال: أجل، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض التي في القرآن، يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا، وحرزًا للأميين، أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويرحم، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله، ويفتح بها أعينًا عميًا، وآذانًا صمًا، وقلوبًا غلفًا).

8 / 9