Lessons from Sheikh Abdul Rahman Al-Mahmoud
دروس للشيخ عبد الرحمن المحمود
اصناف
أدلة مرتبة الخلق
الله ﷾ خالق كل شيء في هذا الكون، ومن ذلك أفعال العباد، فالله خالق العباد وخالق أفعالهم.
وهذه المسألة -خلق أفعال العباد- هي مسألة القضاء والقدر التي صار فيها الكلام الطويل بين أهل السنة والجماعة وبين المعتزلة، والأدلة على إثباتها كثيرة، ومنها: قول الله ﵎ في قصة إبراهيم لما كسر أصنامهم وجاءوا إليه فقال لهم إبراهيم ﵊: ﴿أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الصافات:٩٥ - ٩٦] أي: خلقكم وعملكم، هذه إذا كانت (ما) مصدرية.
وهناك قول آخر: أن (ما) موصولة، أي: خلقكم وخلق العمل الذي تعملونه.
وأيضًا قول الله ﵎ في كتابه العزيز: ﴿ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [غافر:٦٢]، وقوله تعالى أيضًا: ﴿قُلْ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الرعد:١٦]، وقوله ﵎: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾ [الزمر:٦٢] إلى آخر الأدلة الكثيرة الواردة في كتاب الله تعالى.
ومن الأحاديث الواردة ما يرويه زيد بن أرقم أن النبي ﷺ كان يقول: (اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل والهرم، وعذاب القبر، اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها) وهو في صحيح مسلم، والشاهد قوله: (اللهم آت نفسي تقواها، وزكها) فالفاعل هو الله تعالى، فهو الذي يطلب منه ذلك، وهذا هو معنى قول الله ﵎: ﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ [الشمس:٨]، قال سعيد بن جبير في تفسير هذه الآية: فالخلق لله، والإنسان قادر على سلوك أيهما شاء، وهو ومخير.
وقال ابن زيد في معنى هذه الآية: جعل ذلك فيها بتوفيقه إياها للتقوى، وخذلانه إياها بالفجور.
وورد حديث صحيح رواه البخاري في كتاب خلق أفعال العباد، ورواه البيهقي أيضًا في الأسماء والصفات، ورواه الحاكم في المستدرك، أن النبي ﷺ قال: (إن الله يصنع كل صانع وصنعته)، قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الصافات:٩٦]، وهذا حديث صحيح إلى آخر الأدلة التي تدل على أن الله ﵎ خالق كل شيء.
هذه المراتب الأربع عند أهل السنة والجماعة لابد أن يؤمن بها الإنسان، ناسبًا لها لله الواحد القهار علمًا وكتابة ومشيئة وخلقًا.
11 / 13