Lessons from Sheikh Abdul Rahman Al-Mahmoud
دروس للشيخ عبد الرحمن المحمود
اصناف
الكتاب والسنة مصدر التلقي عند أهل السنة والجماعة
أول قضية بدهية تقف معنا في هذا الباب هي أن مصدر التلقي عند أهل السنة والجماعة هو الكتاب والسنة، فكتاب الله ﵎، وسنة رسوله ﷺ هما المصدران الأساسيان لهذه العقيدة، ولا يجوز لأي إنسان يدعي الإسلام ويدعي أنه مؤمن بهذا الدين أن يتخلى أو أن يتنقص هذين المصدرين بأي حال من الأحوال، وهذه قضية دلت عليها الأدلة الكثيرة، والله ﷾ يقول في كتابه العزيز: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء:٦٥]، ويقول ﷾: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾ [آل عمران:٧]، وهذا دليل على أن من اعتمد على الكتاب والسنة ولم يخرج عنهما فهو الذي سلك المنهج الحق، ولا خيار لأي إنسان أن يسلك أي منهج شاء، يقول ﷾: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ﴾ [البقرة:٨٥]، وهذا في الذين يؤمنون ببعض الكتاب ويتركون بعضه.
أما من السنة فقد ورد عن النبي ﷺ أحاديث كثيرة في هذا الباب تبين وجوب اتباع شرعه، وأنه ﵊ آتاه الله القرآن ومثله معه، والرسول ﷺ لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى.
فمسألة الاعتصام بالكتاب والسنة مسألة أساسية، وهي المصدر الأساسي لتلقي هذه العقيدة بأصولها وفروعها، والسلف رحمهم الله تعالى كانوا مسلمين بهذا تسليمًا تامًا، ولما سئل الزهري رحمه الله تعالى عن قول النبي ﷺ: (ليس منا من شق الجيوب) ما معناه؟ فقال الإمام الزهري رحمه الله تعالى كلمته المشهورة: من الله العلم، وعلى رسوله البلاغ، وعلينا التسليم.
فما جاء به كتاب الله وسنة رسوله ﷺ فلا خيار لأحد أن يسلكه أو لا يسلكه، بل يجب عليه أن يسلكه، والله ﷾ يقول في كتابه العزيز: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ [الأحزاب:٣٦] فالخيرة ليست لأحد، وإنما هي لما جاء به كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، ومن ثم فإن هذين المصدرين -الكتاب والسنة- هما اللذان سلكهما السلف الصالح رحمهما الله تعالى، وهما اللذان يجب أن نسلكهما إذا أردنا أن تعود لهذه الأمة الإسلامية حقيقة مجدها وعزها الذي عاشت فيه، والله ﷾ تكفل بنصر دينه إذا نحن نصرناه، يقول ﵎ في كتابه العزيز: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ﴾ [غافر:٥١]، ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الروم:٤٧]، ونصر الله ﷾ إنما يتحقق إذا نصرنا دينه، ونصر دينه إنما يكون بالاعتصام بهذا الدين بكتاب الله وبسنة رسوله ﷺ.
9 / 7