Lessons by Sheikh Yasser Burhami
دروس للشيخ ياسر برهامي
اصناف
استحضار علم الله ومراقبته ثمرة من ثمار الخوف والتقوى
لقد ساح سيدنا موسى ﵊ في الأرض من أجل أن يتعلم أشياء كثيرة، ومن أجل أن يتعلم أن العلم مردود إلى الله ﷾، وسيدنا موسى كان يعلم من قبل ذلك، لكن لابد من استحضارها في كل لحظة من اللحظات، فإنه يجب أن يكون في كل دقيقة وفي كل موقف مستحضرًا أن الله بكل شيء عليم ﷾.
ولو استحضر العبد ذلك لصار في أفعاله نور، ولراقب الله ﷿ أعظم مراقبة، فلو تربى الإنسان على ذلك لنشأ يراقب الله ﷿ ويخافه في كل مكان في السر والعلن، كما ربى لقمان ابنه حين قال له: ﴿يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ﴾ [لقمان:١٦]؛ لأن (الخبير): من الأسماء الدالة على معنى علم الله ﷿، وهو العلم المتقن، فالخبير: العليم التام علمه المتقن له، فـ لقمان يقول لابنه: إذا عمل عملًا أو معصية وكانت الفعلة مقدار ذرة أو خردلة وكانت في صخرة أو في السماوات أو في الأرض أو في صخرة مغلقة، فإن الله يأتي بها؛ لأنه ﷿ لطيف خبير وهو يعلمها، ولذلك فأنت سوف تحاسب عليها، فلو أن الإنسان تربى على هذا المعنى بالتأكيد لتغير سلوكه، ولترك الغش عندما يكون لوحده وأمام الناس، ولكان أمينًا صادقًا، وسوف يكون في كل أحواله متقيًا لله ﷾، وإذا علمت أن الله ﷿ أحاط علمًا بما يفعله الكفرة والظلمة والمنافقون وأعداء الدين، وأنه ﷿ ليس بغافل عنهم ﷾، واستحضرت مع ذلك كمال قدرته ﷿ وأن الأمر بمشيئته وحكمته، وأنه لا يغيب عنه ذلك فستراقب الله وتخشاه أشد الخشية، كما قال سبحانه: ﴿فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ﴾ [الأعراف:٧]، قال: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ [إبراهيم:٤٢]، فالغفلة نقص في العلم، وإذا كان العلم موجودًا في كل وقت صار كمالًا، قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾ [مريم:٦٤] ﷾، فإذا استحضر ذلك هان عليه ما يجد مما يمكرون ويفعلون، ويكيدون ويخططون؛ لأن الله ﷿ قد أحاط به علمًا، وهو ﷾ سوف يتولى أمر خلقه بما شاء ﷿.
8 / 18