Lessons by Sheikh Muhammad Hassan Abd Al-Ghaffar
دروس الشيخ محمد حسن عبد الغفار
اصناف
الإرادة الكونية والإرادة الشرعية والفرق بينهما وضابطهما
الإرادة إرادتان بالنسبة لله جل في علاه: إرادة شرعية، وإرادة كونية، والله فعال لما يريد، فما أراده الله كان وما لم يرده لم يكن، قال الله تعالى: ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ﴾ [الأنعام:١٢٥]، وقال الله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ﴾ [البقرة:٢٥٣]، فالإرادة هنا لله جل في علاه إرادتان: إرادة كونية، وإرادة شرعية، فالإرادة الكونية: هي كل ما قضاه الله جل في علاه، ولها ضوابط: الأول: أنها تقع فيما يحب.
الثاني: أنها تقع لا محالة، يعني: لا مرد لها، كالموت، والصحيح أن الموت مبغوض لله تعالى ولا يحبه لذاته، لكنه يحبه لغيره، فهو يحبه لأجل البعث فقط، فالموت مكروه، والدليل أن الله سماه مصيبةً، والمصائب لا تكون محمودة للإنسان، والله لا يحب الموت، قال الله تعالى في الحديث القدسي: (وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض روح عبدي المؤمن!)، فالله يبغضه، لكن قد يكون الموت محبوبًا لله من وجه آخر؛ لما سيؤدي إليه وهو الخلود في الجنان، فالموت قضاه الله على عباده قضاءً كونيًا لا شرعيًا.
أما الإرادة الشرعية: فهي المحبة، وهذا هو الفارق بين الإرادة الشرعية والإرادة الكونية، فالإرادة الكونية تساوي المشيئة، والإرادة الشرعية قد تقع وقد لا تقع؛ لأنها خاصة فيما يحبه الله، ولا يمكن أن تكون فيما يبغضه الله جل في علاه، مثل: عبادة الله، فعبادة الله محبوبة لله شرعًا، وقد تقع وقد لا تقع، فليس كل أهل الأرض قد عبدوا الله جل في علاه، مع أنه أمرهم بالعبادة، قال الله تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ﴾ [الإسراء:٢٣].
إذًا: فالعبادة قضاها الله قضاءً شرعيًا لا كونيًا.
2 / 8