Lessons by Sheikh Muhammad Hassan Abd Al-Ghaffar
دروس الشيخ محمد حسن عبد الغفار
اصناف
السنة مؤصلة تأصيلًا مستقلًا عن القرآن
الحالة الثالثة: السنة مؤصلة تأصيلًا حكميًا مستقلًا عن القرآن ليست تابعة له، بل هي أصل بذاته، وهذا الذي جعل علماء الحديث يضعفون حديث معاذ ﵁ وأرضاه عندما بعثه النبي ﷺ إلى اليمن فقال له ﷺ: (بم تحكم؟ قال: أحكم بكتاب الله، قال: فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال: بسنة رسول الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيي؛ فضرب رسول الله ﷺ على صدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله ليحكم بما أنزل الله، أو بسنة النبي ﷺ أو يجتهد رأيه)، أو كما قال ﷺ.
وهذا الحديث ضعيف متنًا؛ لأنه جعل مرتبة السنة بعد مرتبة القرآن، والصحيح الراجح أن السنة صنو الكتاب، كما قال النبي ﷺ: (لا ألفين أحدكم شبعان متكئًا على أريكته)، وهذا دال على الجهل، وفيه ذم للشبع الكثير قال: (شبعان متكئًا على أريكته يأتيه الأمر من أمري فيقول: ما وجدناه في كتاب الله أخذنا به وما لم نجده تركناه)، وقال النبي ﷺ: (ألا وإني قد أوتيت القرآن ومثله معه)، وقال ﷺ في رواية أخرى: (ألا إن ما أحل رسول الله كما أحل الله، وما حرم رسول الله كما حرم الله).
وجاءت أحكام في السنة لم تذكر في القرآن منها: تحريم كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير، وهذا الذي جعل الإمام مالك لا يأخذ بهذا التحريم لعموم قول الله تعالى: ﴿قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ﴾ [الأنعام:١٤٥]، فقد أحل الإمام مالك الهدهد والنسر والصقر والسباع، والفيل، حتى الكلاب يجوز أكلها عند الإمام مالك.
فالمقصود أن السنة أصلت هذا الأصل دون الكتاب، وأيضًا تحريم أن يجمع الرجل البنت مع عمتها ومع خالتها، كما صح عن النبي ﷺ أنه قال: (لا يجمع رجل بين البنت وخالتها ولا بين البنت وعمتها).
وأيضًا حرم النبي ﷺ لحوم الحمر الأهلية، فلم ترد هذه إلا في السنة كما في الصحيح عن علي بن أبي طالب ﵁ وأرضاه قال: (بعث النبي ﷺ يوم خيبر المنادي ينادي: إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية).
وأيضًا فإن النبي ﷺ أصل أصلًا أخر وهو: أن ميراث الجدة السدس، وهذا غير موجود في كتاب الله، بل هو في السنة، وغاب ذلك عن كثير من الصحابة حتى إن أبا بكر ﵁ وأرضاه لما جاءته الجدة تسأل عن ميراثها قال: لا أعلم لك في كتاب الله شيئًا، ولا أعلم لك في سنة النبي ﷺ شيئًا، دعيني حتى أسأل الناس، فلما سأل الناس شهد المغيرة ورجلُ آخر عنده أن النبي ﷺ أعطى الجدة السدس.
والشفعة للجار أيضًا تأصيل مستقل للنبي ﷺ.
والقرآنيون يبطلون كل هذه الأحكام؛ لأنهم لم يجدوا ذلك في كتاب الله سبحانه، وكذلك تحريم المتعة هو تأصيلُ في سنة النبي ﷺ.
11 / 10