Lessons by Sheikh Abdullah Hammad Al Rassi
دروس للشيخ عبد الله حماد الرسي
اصناف
من أسباب قسوة القلوب البعد عن القرآن
البعض من الناس يقول: أنا لا يلين قلبي، ولا أخشع لسماع كلام الله ولا عند المواعظ، ثم نأتي نختبره ونقول: أين تقضي أوقاتك؟ فيقول: الظهر مع جريدتين، والعصر مع الكرة، وفي الليل عند التلفاز، وآخر الليل بقليل أو قبل أن يأتي النزول الإلهي عند الورقة، وهي التي تسمى"البلوت والكيكان" أجل فمن أين يأتي لقلبك الخشوع يا عبد الله؟! أما علمت أن أبعد القلوب من الله القلوب القاسية، وهي التي اشتغلت بغير ذكر الله ﷿؟
عثمان بن عفان ﵁ وأرضاه الخليفة الثالث بعد رسول الله ﷺ يخاطب من عنده ويقول: [[لو طهرت قلوبكم، ما شبعتم من كلام ربكم]].
وابن مسعود ﵁ وأرضاه لما سأله بعض الناس في زمانه، قالوا: إنا نريد أن نقوم الليل ولا نستطيع، قال لهم: [[قيدتكم معاصيكم، أو قيدتكم خطاياكم]] يقول بعض الصحابة الذين تتلمذوا على رسول الله ﷺ يخاطب من كان في زمانه في القرون المفضلة، ويقول: [[إنكم لتعملون أعمالًا هي في أعينكم أدق من الشعر كنا نعدها على عهد رسول الله ﷺ من الموبقات]] ولو رأى هذا الصحابي ما نحن فيه الآن، فماذا سيقول ﵁ وأرضاه؟!
في الحقيقة أن الكثير من المسلمين ابتعدوا عن تعاليم الإسلام، ابتعدوا عن القرآن، ابتعدوا عن سنة رسول الله ﷺ، وعن سيرة السلف الصالح، فمن أين يكون الخشوع؟ من أين يكون الخشوع يا عبد الله وقلبك وأفكارك مزاحمةٌ بتلك المنكرات التي ابتدعها لك أعداء الإسلام، والتي حذَّر منها رسول الله ﷺ حيث خاطب الصحابة فقال: ﴿إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار﴾.
إذا كان هذا قد بيَّنة رسول الله ﷺ قبل أربعة عشر قرنًا، فمن أين لنا العذر يا عباد الله؟! إذا أردنا أن تحيا قلوبنا، وأن نتقرب من الله ﷿، فما علينا إلا أن نبحث عن العلاج.
والعلاج يوجد في صيدلية معروفة أسسها محمدٌ ﷺ فيها الشفاء من كل داء، ومن أعظمها وفي مقدمتها المعجزة الكبرى التي أنزلت على رسول الله ﷺ وهو القرآن العظيم يا عبد الله!
فأين قراءة القرآن من المسلمين؟!
كنا نسمع قبل عشرين أو ثلاثين سنة في البيوت قراءة القرآن، وذكر الله ﷿، أما الآن ماذا نسمع في بيوت المسلمين؟! إنا لله وإنا إليه راجعون!
أيها الإخوة في الله: علاج القلوب واضح وميسر وسهل ولله الحمد، ما عليك إلا أن ترجع إلا ربك ﷿ وتقرأ القرآن، وتتدبر معانيه، وتقف عند آياته وتتفكر فيها، ثم تطبق ذلك في حياتك؛ في سلوكك، في آدابك، في أخلاقك؛ لتكون قدوة للآخرين؛ لتكون قدوة في أهل بيتك، في جيرانك، في أولادك، في أقاربك، ولا تضجر ولا تضق من الذين استعانوا بالشيطان على أن يحرفوك عن الطريق المستقيم.
يوجد الآن بعض الآباء -هداهم الله وردهم الله إلى دينه الصحيح، وردهم الله إلى رشدهم- يعاتبون الأولاد، ويشددون على الأولاد إذا رأوهم يصومون الإثنين والخميس، أو رأوهم يقومون الليل، ويشهِّرون بهم بين الأقارب، ويقول الأب: إنَّ ابني فلانًا أخشى عليه أن يصبح مجنونًا أو موسوسًا! لماذا؟ لأنه يصوم الإثنين والخميس ويقوم الليل، الله أكبر! صدق رسول الله ﷺ: ﴿بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء، قيل: من الغرباء يا رسول الله؟ قال: الذين يصلحون عند فساد الناس، أو الذين يصلحون ما أفسد الناس﴾.
لقد كان لبعض الصحابة عندما أسلم والدة، وتقول له: لا أذوق الطعام والشراب حتى ترجع عن دين محمد -وهذا في بداية الإسلام، في غربته الأولى- فقال هذا الابن جزاه الله جنة الفردوس الأعلى: [[كلي أولا تأكلي، فوالله لو كانت لك مائة نفس تخرج واحدة واحدة، ما تركت دين محمد ﷺ]].
هذا الإيمان يا عباد الله! هذا الإيمان الصحيح الذي رسخ في القلوب، لا تؤثر فيه مؤثرات الحياة، لا كما يفعل بعض الناس يستقيم شهرًا أو سنة، ثم يصحب بعض قرناء السوء فيقولون له: أنت موسوس، أنت متزمت، نخشى عليك أن يصيبك الجنون، فيعمد إلى اللحية ويحلقها، وإلى الثوب ويطيله ولا حول ولا قوة إلا بالله! هذا ما يحدث من بعض جلساء السوء في هذه الدنيا.
15 / 4