Legal Issues Where Prohibition Is Not Considered Forbidden - From the Book of Purity to the Chapter on Voluntary Prayer
المسائل الفقهية التي حمل النهي فيها على غير التحريم - من كتاب الطهارة إلى باب صلاة التطوع
اصناف
أدلة القول الثاني:
الدليل الأول: حديث سَلَمَةَ بْن الْأَكْوَعِ ﵁: «أنه كان يُصَلِّي عِنْدَ الْأُسْطُوَانَةِ (^١) الَّتِي عِنْدَ الْمُصْحَفِ (^٢)، فَقِيل له: يَا أَبَا مُسْلِمٍ، أَرَاكَ تَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَ هَذِهِ الْأُسْطُوَانَةِ؟ قَالَ: فَإِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَتَحَرَّى (^٣) الصَّلَاةَ عِنْدَهَا» (^٤).
وجه الاستدلال: أن تحري الصحابي الصلاة عند الأسطوانة التي كان يتحرى النبي ﷺ الصلاة عندها، فيه دليل على جواز إدامة الصلاة في موضع واحد إذا كان فيه فضل، وأما النهي عن إيطان الرجل موضعًا من المسجد يلازمه: فهو فيما لا فضل فيه، ولا حاجة إليه (^٥).
يمكن أن يُناقش من وجهين: الأول: لا يسلم هذا الاستدلال؛ للفَرْق بين التحري والإيطان (^٦).
الثاني: على فرض التسليم: فإن ملازمة المكان المعين في كل حين -ولو كان المكان فاضلًا- مما قد يورِد على المرء الرياء والسمعة، ويُذهب الخشوع.
(^١) الأُسْطُوانة: السارية، والغالب أنها تكون من بناء، بخلاف العمود؛ فإنه من حجر واحد. يُنظر: الصحاح (٦/ ٢٣٧٦)، المفهم (٢/ ١٠٨)، فتح الباري، لابن حجر (١/ ٥٧٧).
قال ابن حجر: «الأسطوانة المذكورة حقق لنا بعض مشايخنا أنها المتوسطة في الروضة المكرمة، وأنها تُعرف بأسطوانة المهاجرين، قال: ورُوي عن عائشة أنها كانت تقول: لو عرفها الناس لاضطربوا عليها بالسهام، وإنها أسرتها إلى ابن الزبير، فكان يكثر الصلاة عندها، ثم وجدت ذلك في تاريخ المدينة لابن النجار».
(^٢) عند المصحف: قال ابن حجر في (فتح الباري) (١/ ٥٧٧): «هذا دال على أنه كان للمصحف موضع خاص به، ووقع عند مسلم بلفظ: (يصلي وراء الصندوق) وكأنه كان للمصحف صندوق يُوضع فيه». ويُنظر: التوضيح لشرح الجامع الصحيح (٦/ ٤٣)، عمدة القاري (٤/ ٢٨٣).
(^٣) يَتَحَرَّى: يقصد ويتعمد. يُنظر: الصحاح (٦/ ٢٣١١)، مقاييس اللغة (٢/ ٤٧)، المفهم (٢/ ١٠٨)، التوضيح لشرح الجامع الصحيح (٦/ ٤٣).
(^٤) أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب الصلاة إلى الأسطوانة (١/ ١٠٦) برقم: (٥٠٢)، ومسلم، كتاب الصلاة، باب دنو المصلي من السترة (١/ ٣٦٤) برقم: (٥٠٩).
(^٥) يُنظر: المنهاج شرح صحيح مسلم (٤/ ٢٢٦)، الفروع (٣/ ٦٠).
(^٦) يُنظر: اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٢٧٧).
1 / 257