158

Legal Issues Where Prohibition Is Not Considered Forbidden - From the Book of Purity to the Chapter on Voluntary Prayer

المسائل الفقهية التي حمل النهي فيها على غير التحريم - من كتاب الطهارة إلى باب صلاة التطوع

اصناف

الدليل الثالث: عن ابن عباس ﵄، عن النبي ﷺ قال: «يكونُ قَوْمٌ يخضِبُونَ في آخِرِ الزَّمانِ بالسَّواد كحَواصِلِ الحَمَامِ، لا يَرِيحُون رائِحةَ الجنَّة» (^١).
وجه الاستدلال: أن الحديث يدل على تحريم الصبغ بالسواد (^٢)؛ لورود الوعيد الشديد بقوله: (لَا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ)، ولا يكون ذلك إلا على محرم.
نوقش: أنه خلاف ما يتبادر من سياق الحديث، وأن ترتيب الحكم على الوصف مُشعِر بأنه علة الحكم، وقد وصف القوم المذكورين بأنهم يخضِبون بالسواد (^٣).
سبب الخلاف:
سبب اختلاف الفقهاء هو تعارض ظاهر الأحاديث والآثار.
الترجيح:
بعد عرض الأقوال وأدلتها تبين أن القول بالكراهة فيه قوة، وكذلك أدلة القول بالتحريم قوية؛ لذا أتوقف عن الترجيح، والله تعالى أعلم بالصواب.
المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم:
ذهب الجمهور إلى أن النهي يُحمل على الكراهة، والذي يظهر من كلام أهل العلم أن الصارفَ له القرائنُ التالية:
القرينة الأولى: فِعل الصحابي للمنهي عنه.
ذلك أنه إذا فعل الصحابي المنهي عنه ولم يُنكر عليه، فإن ذلك يُعد قرينة على أن النهي ليس للتحريم.
القرينة الثانية: ورود النهي في باب الأدب والإرشاد.
قال النووي ﵀: «… وظاهر عباراتهم أنه كراهة تنزيه» (^٤).
جاء في (الفواكه الدواني): «(ويُكره صباغ الشعر) الغير الأسود (بالسواد) لغير مقتضى شرعي، ولما كانت الكراهة قد تكون محمولة على التحريم قال: (من غير تحريم)،

(^١) سبق تخريجه ص: (١٥٧).
(^٢) يُنظر: المجموع (١/ ٢٩٤).
(^٣) يُنظر: فتح الباري، لابن حجر (١٠/ ٣٥٥)، نيل الأوطار (١/ ١٥٥).
(^٤) المجموع (١/ ٢٩٤).

1 / 162