Lectures on Christianity
محاضرات في النصرانية
ناشر
دار الفكر العربي
ایڈیشن نمبر
الثالثة ١٣٨١ هـ
اشاعت کا سال
١٩٦٦ م
پبلشر کا مقام
القاهرة
اصناف
وإن المسيحيين يجدون فيما اشتمل عليه ذلك الإنجيل أخبارًا دقيقة عن التوراة حتى لقد يقول الدكتور سعادة: "إنك إذا أعملت النظر في هذا الإنجيل وجدت لكاتبه المامًا عجيبًا بأسفار العهد القديم لا تكاد تجد لها مثيلًا بين طوائف النصارى إلا في أفراد قليلين من الأخصائيين الذين جعلوا حياتهم وقفًا على الدين، كالمفسرين، حتى إنه لينذر أن يكون بين هؤلاء أيضًا من له إلمام بالتوراة يقرب من إلمام كاتب إنجيل برنابا".
ترجيح صدق النسبة في هذا الإنجيل:
٤١- هذه بينات شاهدة - وإن لم تبلغ اليقين والجزم - بأن نسبة هذا الإنجيل إلى برنابا نسبة يرجح أن تكون صحيحة، لأنه وجدت نسخته الأولى في جو مسيحي خالص، وكان معروفًا قبل ذلك بقرون أن لبرنابا إنجيلًاَ، وهو يدل على أن كاتبه على المام تام بالتوراة التي لا يعرفها الرجل المسيحي غير الاختصاصي في علوم الدين، بل يندر من يعرفها من المختصين، وإن برنابا كان من الدعاة الأولين الذين عملوا في الدعوة عملًا لا يقل عن عمل بولس، كما تذكر رسالة أعمال الرسل، فلابد أن تكون له رسالة أو إنجيل.
هذه بينات تشهد بأن الإنجيل الذي كشف وعرف صحيح النسبة، ليس للمسلمين يد فيه، وإن من ينحله للمسلمين كمن يحمل في يده شيئًا يظن في جملة اتهامًا له. فيسند ملكيته إلى غيره نفيًا للتهمة عن نفسه. فهل يقبل منه ذلك النفي من غير حجة ولا دليل سوى أن فيه اتهامًا له؟ وهل يقر القضاء ذلك النفي؟.
قد يقول قائل: أن هذه البينات كلها مرجحة وليست يقينية، ونحن نقول أن أكثر مسائل التاريخ ترجيح، وليست يقينية جازمة، فإذا كانت نسبة إنجيل برنابا إليه ظنية تقبل الإحتمال فانا نأخذ بذلك الظن، لأنه المأخذ في أكثر مسائل التاريخ، والاحتمال الذي لا ينشأ عن دليل لا يلتفت إليه، بجوار الاحتمال الناشئ عن دليل، ووجود ذلك الإنجيل بلغة مسيحية وبين ظهراني المسيحيين، وفي مكاتبهم الخاصة دليل على أن المسلمين ليست لهم يد فيه، ولذلك رجح جمهور المحققين إنه بيس لهم يد في إنشائه.
1 / 62