سألوه هل حقيقة كان تنفيذ الحكم جهارا نهارا على مرأى من أهل المحكوم عليهم نساء ورجالا؟
سألوه هل حقيقة كان تنفيذ الحكم بكيفية أن يشنق المحكوم عليه بالإعدام، ثم يبقى معلقا على مرأى من بقية المحكوم عليهم به وبالجلد حتى يجلد اثنان؟
سألوه هل حقيقة كان الشنق والجلد على مرأى من الأهل يبكون والنساء يندبن ويعولن؟
سألوه هل كان التنفيذ بواسطة الكابتن متشل؛ مستشار الداخلية (لأنه لا يزال برتبة كابتن في الجيش الإنكليزي)، وقد وصفوه وصفا مهينا جدا، كما يرى القراء في محضر جلسة
سألوه عن أشياء من هذا القبيل، فكان لا يستطيع أن يجيب بالإيجاب، وهو يعلم أن كل ما سألوه إياه واقع لا ريب فيه، وكان كل ما يقدر عليه في هذا الموقف الحرج أن يعد بالجواب ريثما تأتيه التفصيلات الوافية في ذلك. ولو أجابهم بالإيجاب في ذلك الموقف لساءت حالة الوزارة، وساء حال كبار المحتلين في مصر بما لا يعلم إلا الله نتيجته. •••
على أن اللورد كرومر وجد من هذا المضيق الخطر فرجا له ولوزير الخارجية في جلسة تالية، فاتهم الأمة المصرية كلها بالتعصب الديني على الأوربيين، وقال: إن عمل الحكومة المصرية في حادثة دنشواي كلها كان عملا استثنائيا؛ إخمادا لثورة خفية في الطبقة النازلة من الأمة.
وهدد مصر بمعاملات جائرة، ربما اضطرت لها الحكومة اضطرارا، وكان هذا ختام فصول الرواية في البرلمان، الذي ترجح عنده الآن أن الأمة المصرية كلها أثيمة مجرمة، لا أهل دنشواي وحدهم، وأن مركز الحكومة الإنجليزية يحف بالأخطار الهائلة إن لم يطلق لها السراح للنهاية في استعمال كل ما تريد استعماله عند الحاجة، مخالفا للدستور ولطرائق الأمم المتمدنة. •••
ما الذي أوجب اللورد كرومر أن يدافع عن نفسه وعن بقية أعوانه في البرلمان بهذا السلاح الخطر المضر بمصر وأهلها؟
ما الذي أوجب القائمين بإدارة مصر الآن أن يلجئوا إلى هذا العنف المودي بأهلها اتهاما؟
ما الذي اضطر ناظر الخارجية أن يهدد الأمة المصرية في مستقبلها مثل هذا التهديد؟
نامعلوم صفحہ