لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
ناشر
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
ایڈیشن نمبر
الثانية
اشاعت کا سال
1402 ہجری
پبلشر کا مقام
دمشق
اصناف
عقائد و مذاہب
" فَيَعْلَمُ الْوَاجِبَ " أَيْ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ شَرْعًا أَنْ يَعْرِفَ مَا يَجِبُ لِلَّهِ - تَعَالَى - وَهُوَ مَا لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْعَقْلِ عَدَمُهُ، كَوُجُودِهِ - تَعَالَى - وَوُجُوبِ قِدَمِهِ، وَقِدَمِ الْوَاجِبِ لِشَرَفِهِ، إِذْ بِهِ يَتَّصِفُ الْبَارِي - جَلَّ وَعَلَا - وَلِأَنَّ بِمَعْرِفَتِهِ يَعْرِفُ قَسِيمَاهُ (وَ) يَعْلَمُ (الْمُحَالَا) وَهُوَ مَا لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْعَقْلِ وُجُودُهُ، كَالشَّرِيكِ لَهُ - تَعَالَى، وَأَلِفُهُ لِلْإِطْلَاقِ، وَقِدَمُهُ عَلَى الْجَائِزِ ; لِأَنَّهُ كَالْبَسِيطِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ الْمُقَابِلُ لِلْوَاجِبِ، وَلِأَجْلِ الْقَافِيَةِ، (كَـ) مَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يَعْلَمَ لِكُلِّ حُكْمٍ (جَائِزٍ)، وَهُوَ مَا يَصِحُّ فِي نَظَرِ الْعَقْلِ وَجُودُهُ وَعَدَمُهُ عَلَى السَّوَاءِ، كَإِرْسَالِ الرُّسُلِ وَإِنْزَالِ الْكُتُبِ، وَشَرْعِ الشَّرَائِعِ، وَنَسْخِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ إِلَى سَائِرِ مَا يَجُوزُ (فِي حَقِّهِ تَعَالَى) وَتَقَدَّسَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ لِرُسُلِ اللَّهِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ - أَجْمَعِينَ فَيَعْرِفُ الْوَاجِبَ فِي حَقِّهِمْ مِنَ الصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ وَتَبْلِيغِ مَا أُمِرُوا بِتَبْلِيغِهِ، وَالْمُسْتَحِيلَ فِي حَقِّهِمْ مِنَ الْكَذِبِ وَالْخِيَانَةِ وَكَتْمِ شَيْءٍ مِمَّا أُمِرُوا بِإِبْلَاغِهِ، وَالْجَائِزَ فِي حَقِّهِمْ مِنَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالنَّوْمِ وَالنِّكَاحِ وَالْأَمْرَاضِ الْغَيْرِ الْمُزْرِيَةِ بِمَنَاصِبِهِمُ الْعَالِيَةِ، كَمَا يَأْتِي تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مَحَالِّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى:
[التعريف بأرجوزة المتن]
«وَصَارَ مِنْ عَادَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ ... أَنْ يَعْتَنُوا فِي سَبْرِ ذَا بِالنَّظْمِ»
«لِأَنَّهُ يَسْهُلُ لِلْحِفْظِ كَمَا ... يَرُوقُ لِلسَّمْعِ وَيَشْفِي مِنْ ظَمَا»
«فَمِنْ هُنَا نَظَمْتُ لِي عَقِيدَةً ... أُرْجُوزَةً وَجِيزَةً مُفِيدَةً»
«نَظَمْتُهَا فِي سِلْكِهَا مُقَدِّمَهْ ... وَسِتُّ أَبْوَابٍ كَذَاكَ خَاتِمَهْ»
«وَصَارَ» فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ وَمِنْ قَبْلِهَا فِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ، بَعْدَ كَثْرَةِ الْخِلَافِ، وَتَبَايُنِ الْفِرَقِ، وَظُهُورِ الْبِدَعِ مِنْ قَدِيمِ الْأَعْصَارِ (مِنْ عَادَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ) بِالسُّنَّةِ الدَّائِبِينَ فِي تَحْرِيرِ أَدِلَّتِهَا، وَالْقَائِمِينَ بِنَشْرِهَا وَتَعْلِيمِهَا، وَالْوُقُوفِ عَلَى أُصُولِهَا وَتَبَيُّنِ دَقَائِقِ مَحَالِّ الْخِلَافِ لِخَوْفِ الزَّيْغِ وَالِانْحِرَافِ، (أَنْ يَعْتَنُوا) أَنْ يَقْصِدُوا وَيَشْتَغِلُوا وَيَهْتَمُّوا (فِي سَبْرِ) أَيْ تَتَبُّعِ مُهِمَّاتِ مَسَائِلِ (ذَا) أَيْ هَذَا الْعِلْمِ الَّذِي هُوَ عِلْمُ التَّوْحِيدِ وَضَبْطِ أُمَّهَاتِ تَفَاصِيلِهِ (بِالنَّظْمِ) لِسُهُولَةِ حِفْظِهِ ; لِأَنَّهُ كَلَامٌ مُتَّسِقٌ مُقَفًّى مَوْزُونٌ، فَيَرْسَخُ فِي الْحَافِظَةِ مِنْ غَيْرِ مَزِيدِ مَشَقَّةٍ بِخِلَافِ الْمَنْثُورِ، فَإِنَّهُ أَصْعَبُ رُسُوخًا فِي الْحَافِظَةِ كَمَا لَا يَخْفَى،
1 / 58