لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية

Muhammad ibn Ahmad al-Safarini d. 1188 AH
46

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

ناشر

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

ایڈیشن نمبر

الثانية

اشاعت کا سال

1402 ہجری

پبلشر کا مقام

دمشق

وَقَالَ - تَعَالَى: ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ﴾ [الحجر: ٢٣]، فَلَا يَبْقَى عَلَيْهَا وَلَا عَلَيْهِمْ لِأَحَدٍ غَيْرِهِ - سُبْحَانَهُ - مُلْكٌ وَلَا مِلْكٌ، وَيَقُولُ اللَّهُ - تَعَالَى - فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بَعْدَ فَنَاءِ الْخَلْقِ: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ﴾ [غافر: ١٦]، وَلَا أَحَدَ يُجِيبُهُ، فَيُجِيبُ نَفْسَهُ فَيَقُولُ: ﴿لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [غافر: ١٦] . وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى دَقَائِقَ تَتَعَلَّقُ بِالْأَسْمَاءِ عِنْدَ مَبَاحِثِهَا، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. ثُمَّ إِنِّي بَعْدَ ابْتِدَائِي بِالْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ - تَعَالَى - بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، عَقَّبْتُهُ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ - إِظْهَارًا لِعَظَمَةِ قَدْرِهِ، وَأَدَاءً لِبَعْضِ حُقُوقِهِ الْوَاجِبَةِ، إِذْ هُوَ الْوَاسِطَةُ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ عِبَادِهِ، وَجَمِيعُ النِّعَمِ الْوَاصِلَةِ إِلَيْهِمُ الَّتِي مِنْ أَعْظَمِهَا الْهِدَايَةُ لِلدِّينِ الْقَوِيمِ إِنَّمَا هِيَ بِهِ وَعَلَى يَدَيْهِ ﷺ، وَامْتِثَالًا لِقَوْلِهِ - تَعَالَى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: ٥٦]، وَاغْتِنَامًا لِلثَّوَابِ الْوَارِدِ فِي قَوْلِهِ ﷺ: " «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ فِي كِتَابٍ، لَمْ تَزَلِ الْمَلَائِكَةُ تَسْتَغْفِرُ لَهُ ". وَفِي رِوَايَةٍ: تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ اسْمِي فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ» ". وَلِلْجَمْعِ بَيْنَ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ - تَعَالَى - وَعَلَى رَسُولِهِ ﷺ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: [الصلاة على النبي ﷺ] [الصلاة على النبي وبيان معناها وما اشتهر من تفسيرها] «ثُمَّ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ سَرْمَدًا ... عَلَى النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى كَنْزِ الْهُدَى» «وَآلِهِ وَصَحْبِهِ الْأَبْرَارِ ... مَعَادِنِ التَّقْوَى مَعَ الْأَسْرَارِ» «ثُمَّ الصَّلَاةُ» وَهِيَ مِنَ اللَّهِ الرَّحْمَةُ، وَمِنَ الْمَلَائِكَةِ الِاسْتِغْفَارُ، وَمِنْ غَيْرِهِمُ التَّضَرُّعُ وَالدُّعَاءُ بِخَيْرٍ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَالْجَارِي عَلَى أَلْسِنَةِ الْجُمْهُورِ، وَلَمْ يَرْتَضِ هَذَا الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابَيْهِ (جَلَاءِ الْإِفْهَامِ) وَ(بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ) وَغَيْرِهِمَا، وَرَدَّهُ مِنْ وُجُوهٍ: (أَحَدِهَا): أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - غَايَرَ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ: ﴿عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ﴾ [البقرة: ١٥٧] . (الثَّانِي): أَنَّ سُؤَالَ الرَّحْمَةِ يُشْرَعُ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَالصَّلَاةُ تَخْتَصُّ بِالنَّبِيِّ ﷺ وَآلِهِ، فَهِيَ حَقٌّ لَهُ وَلِآلِهِ، وَلِهَذَا مَنَعَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الصَّلَاةَ عَلَى مُعَيَّنٍ غَيْرِهِ، يَعْنِي وَغَيْرِ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ، وَلَمْ يَمْنَعْ أَحَدٌ مِنَ التَّرَحُّمِ عَلَى مُعَيَّنٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ

1 / 46