39

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

ناشر

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

ایڈیشن نمبر

الثانية

اشاعت کا سال

1402 ہجری

پبلشر کا مقام

دمشق

وَفَرْقٌ آخَرُ أَيْضًا، وَهُوَ أَنَّ الْقَدِيمَ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَلْحَقَهُ تَغَيُّرٌ أَوْ زَوَالٌ، بِخِلَافِ الْأَزَلِيِّ الَّذِي لَيْسَ بِقَدِيمٍ، كَعَدَمِ الْحَوَادِثِ الْمُنْقَطِعِ بِوُجُودِهَا، " الْبَاقِي " مُشْتَقٌّ مِنَ الْبَقَاءِ، وَهُوَ امْتِنَاعُ لُحُوقِ الْعَدَمِ، وَالْبَقَاءُ صِفَةٌ وَاجِبَةٌ لَهُ - تَعَالَى - كَمَا وَجَبَ لَهُ الْقِدَمُ ; لِأَنَّ مَا ثَبَتَ قِدَمُهُ، اسْتَحَالَ عَدَمُهُ، لِأَنَّهُ - سُبْحَانَهُ - لَوْ قُدِّرَ لُحُوقُ الْعَدَمِ لَهُ لَكَانَتْ نِسْبَةُ الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ إِلَى ذَاتِهِ - تَعَالَى - سَوَاءً، فَيَلْزَمُ افْتِقَارُ وَجُودِهِ إِلَى مُوجِدٍ يَخْتَرِعُهُ بَدَلًا عَنِ الْعَدَمِ الْجَائِزِ عَلَيْهِ - تَقَدَّسَ وَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ - فَيَكُونُ حَادِثًا، وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ فَكَذَا الْمَلْزُومُ ; لِأَنَّ وُجُودَهُ - تَعَالَى - وَاجِبٌ لِذَاتِهِ.
(تَنْبِيهٌ): نَقَلَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الْبَقَاءَ صِفَةٌ نَفْسِيَّةٌ، وَعَنِ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهَا صِفَةُ مَعْنًى، وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّهَا صِفَةٌ سَلْبِيَّةٌ كَالْقِدَمِ، وَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْقِدَمَ سَلْبِيٌّ، وَالْبَقَاءَ وَجُودِيٌّ، وَمَعْنَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ - تَعَالَى - لَا يُشَابُ بِالْعَدَمِ، وَهَذَا مِنْ نُعُوتِ الْجَلَالِ، وَالْجَلَالُ عِبَارَةٌ عَنِ الصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةِ، فَفِي الْقِدَمِ سَلْبُ الْحُدُوثِ، وَفِي الْبَقَاءِ سَلْبُ الْفَنَاءِ وَلُحُوقِ الْعَدَمِ، فَنُعُوتُ الْجَلَالِ كَالْقَوَامِ لِلْكَمَالِ، (مُسَبِّبِ الْأَسْبَابِ) الْمُتَوَصَّلِ بِهَا إِلَى مُسَبَّبَاتِهَا، أَيْ خَالِقِ الْأَسْبَابِ الْمُتَوَصَّلِ بِهَا إِلَى الْمَطْلُوبِ. قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: السَّبَبُ الْحَبْلُ، وَكُلُّ شَيْءٍ يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ. وَفِي عُرْفِ الشَّرْعِ: مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ، وَيَلْزَمُ مِنْ عَدِمِهِ الْعَدَمُ لِذَاتِهِ، فَالْأَوَّلُ احْتِرَازٌ مِنَ الشَّرْطِ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ، وَالثَّانِي احْتِرَازٌ مِنَ الْمَانِعِ ; لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدِمِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ لِذَاتِهِ، وَالثَّالِثُ احْتِرَازٌ

1 / 39