لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
ناشر
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
ایڈیشن نمبر
الثانية
اشاعت کا سال
1402 ہجری
پبلشر کا مقام
دمشق
اصناف
عقائد و مذاہب
لِلْخَالِقِ الْبَارِي؟ وَنَقُولُ إِنَّ اللَّهَ جَلَا وَعَلَا، يَضَعُ السَّمَاءَ عَلَى أُصْبُعٍ، وَالْأَرَضِينَ عَلَى أُصْبُعٍ - إِلَى تَمَامِ الْحَدِيثِ، ثُمَّ قَالَ: فَكَيْفَ يَكُونُ مُشَبِّهًا مَنْ يُثْبِتُ لِرَبِّهِ ﷿ يَدَيْنِ عَلَى مَا أَثْبَتَهُ اللَّهُ لِنَفْسِهِ، وَأَثْبَتَهُ لَهُ نَبِيُّهُ ﷺ فَكَيْفَ يَكُونُ مُشَبِّهًا يَدَيْ رَبِّهِ بِيَدَيْ بَنِي آدَمَ؟ نَقُولُ لِلَّهِ يَدَانِ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ بِهِمَا، خَلَقَ آدَمَ ﵇ وَكَتَبَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ، وَيَدَاهُ قَدِيمَتَانِ لَمْ تَزَالَا بَاقِيَتَيْنِ، وَأَيْدِي الْمَخْلُوقِينَ مَخْلُوقَةٌ، مُحْدَثَةٌ غَيْرُ قَدِيمَةٍ، فَانِيَةٌ غَيْرُ بَاقِيَةٍ، بَالِيَةٌ تَصِيرُ مَيْتَةً ثُمَّ رَمِيمًا ثُمَّ يُنْشِئُهُ اللَّهُ خَلْقًا آخَرَ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ.
ثُمَّ قَالَ: أَيُّ تَشْبِيهٍ يَلْزَمُ أَصْحَابَنَا أَيُّهَا الْعُقَلَاءُ إِذَا أَثْبَتُوا لِلْخَالِقِ مَا يُثْبِتُهُ لِنَفْسِهِ، وَمَا يُثْبِتُهُ لَهُ نَبِيُّهُ الْمُصْطَفَى ﷺ؟ ! ثُمَّ قَالَ: وَقَوْلُ هَؤُلَاءِ الْمُعَطِّلَةِ يُوجِبُ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَقْرَأُ كِتَابَ اللَّهِ، وَيُؤْمِنُ بِهِ إِقْرَارًا بِاللِّسَانِ، وَتَصْدِيقًا بِالْقَلْبِ، فَهُوَ مُشَبِّهٌ لِأَنَّ مَا وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ نَفْسَهُ فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ تَزْعُمُ هَذِهِ الْفِرْقَةُ أَنَّ مِنْ وَصْفِهِ بِهِ فَهُوَ مُشَبِّهٌ، ثُمَّ سَبَّهُمْ وَلَعَنَهُمْ وَوَصَفَهُمْ بِالْكُفْرِ وَالتَّعْطِيلِ، وَأَطَالَ مِنَ التَّبْكِيتِ وَالتَّنْكِيتِ عَلَى مَنْ أَوَّلَ النُّصُوصَ، وَصَرَفَهَا عَنْ حَقِيقَتِهَا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ﵄ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ " «إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يُصَرِّفُهُ كَيْفَ يَشَاءُ» " «ثُمَّ قَالَ ﵊ " اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ، صَرِّفْ قُلُوبَنَا إِلَى طَاعَتِكَ» ".
رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ عَنْ عَدَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ ﵃ مِنْهُمُ النَّوَّاسُ بْنُ سَمْعَانَ الْكِلَابِيُّ، قَالَ ﵁: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: " «مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا هُوَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ تَعَالَى، إِنْ شَاءَ أَقَامَهُ وَإِنْ شَاءَ أَزَاغَهُ» "
وَكَانَ يَقُولُ: " «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» "، رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِ. وَمِنْهُمْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ أُمُّ سَلَمَةَ ﵂ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُكْثِرُ فِي دُعَائِهِ " اللَّهُمَّ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ "، قَالَتْ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّ الْقُلُوبَ لَتَتَقَلَّبُ؟ ! قَالَ " نَعَمْ، وَمَا مِنْ خَلْقٍ مِنْ بَنِي آدَمَ إِلَّا وَقَلْبُهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ، فَإِنْ شَاءَ أَقَامَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَزَاغَهُ» " فَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ لَا يُزِيغَ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذَا هَدَانَا، وَنَسْأَلُهُ أَنْ يَهَبَ لَنَا مِنْ لَدُنْهُ رَحْمَةً
1 / 235