لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
ناشر
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
ایڈیشن نمبر
الثانية-١٤٠٢ هـ
اشاعت کا سال
١٩٨٢ م
پبلشر کا مقام
دمشق
وَسِتُّونَ صَحَابِيًّا، مِنْهُمُ الْعَشَرَةُ الْمُبَشَّرُونَ بِالْجَنَّةِ، ﵃ أَجْمَعِينَ. وَالتَّوَاتُرُ يَكُونُ فِي الْقُرْآنِ كَالْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ، وَاخْتُلِفَ فِي الثَّلَاثِ الْبَاقِيَةِ، هَلْ هِيَ مُتَوَاتِرَةٌ أَوْ لَا؟ وَالْحَقُّ أَنَّهَا مُتَوَاتِرَةٌ. وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَالْمُتَوَاتِرُ فِيهِ كَثِيرٌ. وَأَمَّا السُّنَّةُ فَالْمُتَوَاتِرُ فِيهَا قَلِيلٌ، حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ نَفَى الْمُتَوَاتِرَ اللَّفْظِيَّ مِنَ السُّنَّةِ إِلَّا حَدِيثَ " «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا» "، وَزَادَ بَعْضُهُمْ حَدِيثَ الْحَوْضِ، كَمَا سَنَذْكُرُهُ فِي مَحَلِّهِ، وَكَذَا حَدِيثُ الشَّفَاعَةِ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: بَلَغَ التَّوَاتُرَ، وَحَدِيثُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: رَوَاهُ نَحْوُ أَرْبَعِينَ صَحَابِيًّا، وَاسْتَفَاضَ وَتَوَاتَرَ. (وَأَمَّا التَّوَاتُرُ الْمَعْنَوِيُّ) مِنَ السُّنَّةِ بِأَنْ يَتَوَاتَرَ مَعْنًى فِي ضِمْنِ أَحَادِيثَ مُخْتَلِفَةِ الْأَلْفَاظِ مُتَّحِدَةِ الْمَعْنَى فَكَثِيرٌ، فَالْمُتَوَاتِرُ الْمَعْنَوِيُّ هُوَ تَغَايُرُ الْأَلْفَاظِ مَعَ الِاشْتِرَاكِ فِي مَعْنًى كُلِّيٍّ وَلَوْ بِطْرِيقِ اللُّزُومِ، كَحَدِيثِ الْحَوْضِ، وَسَخَاءِ حَاتِمٍ، وَشَجَاعَةِ عَلِيٍّ ﵁ وَغَيْرِهَا، وَذَلِكَ إِذَا كَثُرَتِ الْأَخْبَارُ فِي الْوَاقِعِ وَاخْتُلِفَ فِيهَا لَكِنْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا يَشْتَمِلُ عَلَى مَعْنًى مُشْتَرِكٍ بَيْنَهَا بِجِهَةِ التَّضَمُّنِ أَوِ الِالْتِزَامِ، فَيَحْصُلُ الْعِلْمُ بِالْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ، وَهُوَ مَثَلًا الشَّجَاعَةُ لِعَلِيٍّ ﵁ وَالسَّخَاءُ لِحَاتِمٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ.
وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ انْحِصَارِ التَّوَاتُرِ فِي عَدَدٍ، وَإِنَّمَا يُعْلَمُ حُصُولُ الْعَدَدِ إِذَا حَصَلَ الْعِلْمُ عِنْدَهُ، وَلَا يَلْزَمُ الدَّوْرَ إِذْ حُصُولُ الْعِلْمِ مَعْلُولُ الْأَخْبَارِ وَدَلِيلُهُ، كَالشِّبَعِ وَالرَّيِّ مَعْلُولُ الْمُشَبَّعِ وَالْمَرْوِيِّ وَدَلِيلُهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْقَدْرَ الْكَافِيَ مِنْهُمَا. وَيَخْتَلِفُ الْعِلْمُ الْحَاصِلُ بِالتَّوَاتُرِ بِاخْتِلَافِ الْقَرَائِنِ، كَالْهَيْئَاتِ الْمُقَارِنَةِ لِلْخَبَرِ الْمُوجِبَةِ لِتَعْرِيفِ مُتَعَلِّقِهِ، وَاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمُخْبِرِينَ فِي اطِّلَاعِهِمْ عَلَى قَرَائِنِ التَّعْرِيفِ، وَاخْتِلَافِ إِدْرَاكِ الْمُسْتَمِعِينَ لِتَفَاوُتِ الْأَذْهَانِ وَالْقَرَائِحِ، وَاخْتِلَافِ الْوَقَائِعِ عَلَى عِظَمِهَا وَحَقَارَتِهَا. وَالْمُعْتَمَدُ حُصُولُ الْعِلْمِ بِالتَّوَاتُرِ لِكُلِّ مَنْ بَلَغَهُ، فَيَتَّفِقُ النَّاسُ كُلُّهُمْ فِي الْعِلْمِ بِهِ، إِلَّا أَنَّهُ يَتَفَاوَتُ الْمَعْلُومُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ﵁ وَالْمُحَقِّقِينَ، مِنْهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رَوَّحَ اللَّهُ رُوحَهُ - وَغَيْرُهُ، وَعَنْهُ لَا، قَالَ (الْمُحَقِّقُ ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ): الْأَصَحُّ التَّفَاوُتُ، فَإِنَّا نَجِدُ بِالضَّرُورَةِ الْفَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْوَاحِدِ نِصْفَ الِاثْنَيْنِ، وَبَيْنَ مَا عَلِمْنَاهُ مِنْ جِهَةِ التَّوَاتُرِ مَعَ كَوْنِ الْيَقِينِ حَاصِلًا فِيهِمَا، وَكَمَا نُفَرِّقُ بَيْنَ عِلْمِ الْيَقِينِ وَعَيْنِ
1 / 16