لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية

Muhammad ibn Ahmad al-Safarini d. 1188 AH
125

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

ناشر

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

ایڈیشن نمبر

الثانية

اشاعت کا سال

1402 ہجری

پبلشر کا مقام

دمشق

جَوَازُ إِطْلَاقِهَا عَلَيْهِ - تَعَالَى - مَحَلُّ نِزَاعٍ لِأَحَدٍ، بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ إِطْلَاقُهَا يُوهِمُ نَقْصًا، بَلْ كَانَ مُشْعِرًا بِالْمَدْحِ، فَالْجُمْهُورُ مَنَعُوا إِطْلَاقَ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ الشَّارِعُ مُطْلَقًا، وَجَوَّزَهُ الْمُعْتَزِلَةُ مُطْلَقًا، وَمَالَ إِلَيْهِ بَعْضُ الْأَشَاعِرَةِ، كَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ، وَتَوَقَّفَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْجُوَيْنِيُّ، وَفَصَّلَ الْغَزَّالِيُّ فَجَوَّزَ إِطْلَاقَ الصِّفَةِ، وَهِيَ مَا دَلَّ عَلَى مَعْنًى زَائِدٍ عَلَى الذَّاتِ، وَمَنَعَ إِطْلَاقَ الِاسْمِ، وَهُوَ مَا يَدُلُّ عَلَى نَفْسِ الذَّاتِ، وَاحْتَجَّ لِلْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ أَنَّهَا تَوْقِيفِيَّةٌ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى النَّبِيُّ ﷺ بِمَا لَيْسَ مِنْ أَسْمَائِهِ، فَالْبَارِي أَوْلَى، وَتَعَلَّقَ الْمُعْتَزِلَةُ بِأَنَّ أَهْلَ كُلِّ لُغَةٍ يُسَمُّونَهُ - سُبْحَانَهُ - بِاسْمٍ مُخْتَصٍّ بِلُغَتِهِمْ، كَقَوْلِهِمْ (خداي) وَشَاعَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ. رُدَّ هَذَا بِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ، لَكَانَ كَافِيًا فِي الْإِذْنِ الشَّرْعِيِّ. وَالتَّوْقِيفِيُّ مَا وَرَدَ بِهِ كِتَابٌ أَوْ سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ أَوْ حَسَنَةٌ أَوْ إِجْمَاعٌ ; لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمَا، وَأَمَّا السُّنَّةُ الضَّعِيفَةُ وَالْقِيَاسُ، فَلَا يَثْبُتُ بِهِمَا ; لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مِنَ الْعِلْمِيَّاتِ، فَلِهَذَا قَالَ (لَنَا) مَعْشَرَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَأَتْبَاعِ السَّلَفِ، (بِذَا) أَيْ بِاعْتِبَارِ ثُبُوتِ التَّوْقِيفِ فِي أَسْمَاءِ الْبَارِي - جَلَّ وَعَلَا - مِنَ الشَّارِعِ (أَدِلَّةٌ)، جَمْعُ دَلِيلٍ، (وَفِيَّةٌ) عَالِيَةٌ، تُوفِي بِالْمَقْصُودِ ; لِأَنَّ مَا لَمْ يَثْبُتْ عَنِ الشَّارِعِ، لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا فِي إِطْلَاقِهِ عَلَيْهِ، وَالْأَصْلُ الْمَنْعُ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلُ الْإِذْنِ، فَإِذَا ثَبَتَ كَانَ تَوْقِيفًا. قَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِهِ (بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ): مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ ﷾ فِي بَابِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ تَوْقِيفِيٌّ، وَمَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ فِي بَابِ الْأَخْبَارِ، لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ تَوْقِيفًا كَالْقَدِيمِ وَالشَّيْءِ وَالْمَوْجُودِ وَالْقَائِمِ بِنَفْسِهِ، فَهَذَا فَصْلُ الْخِطَابِ فِي مَسْأَلَةِ أَسْمَائِهِ، هَلْ هِيَ تَوْقِيفِيَّةٌ، أَوْ يَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِ مِنْهَا بَعْضُ مَا لَمْ يَرِدْ بِهِ السَّمْعُ؟ [تنبيهات] [التنبيه الأول إذا كانت الصفة منقسمة إلى كمال ونقص لم تدخل بمطلقها في أسمائه تعالى] تَنْبِيهَاتٌ (أَحَدُهَا): إِذَا كَانَتِ الصِّفَةُ مُنْقَسِمَةً إِلَى كَمَالٍ وَنَقْصٍ، لَمْ تَدْخُلْ بِمُطْلَقِهَا فِي أَسْمَائِهِ - تَعَالَى - بَلْ يُطْلَقُ عَلَيْهِ مِنْهَا كَمَالُهَا، وَهَذَا كَالْمُرِيدِ وَالْفَاعِلِ وَالصَّانِعِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ لَا تَدْخُلُ فِي أَسْمَائِهِ، وَلِهَذَا غَلِطَ مَنْ سَمَّاهُ بِالصَّانِعِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، بَلْ هُوَ الْفَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ، فَإِنَّ الْإِرَادَةَ وَالْفِعْلَ وَالصُّنْعَ مُنْقَسِمَةٌ، وَلِهَذَا إِنَّمَا أَطْلَقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ أَكْمَلَهُ فِعْلًا وَخَبَرًا، ثُمَّ إِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ الْإِخْبَارِ عَنْهُ بِالْفِعْلِ مُقَيَّدًا أَنْ يُشْتَقَّ لَهُ مِنْهُ اسْمٌ مُطْلَقٌ، كَمَا غَلِطَ فِيهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَجَعَلَ مِنْ

1 / 125