لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
ناشر
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
ایڈیشن نمبر
الثانية
اشاعت کا سال
1402 ہجری
پبلشر کا مقام
دمشق
اصناف
عقائد و مذاہب
: اللَّهُ حَيٌّ عَلِيمٌ قَدِيرٌ، وَيُنْكِرُ أَنْ يَتَّصِفَ بِالْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ، قِيلَ لَهُ: لَا فَرْقَ بَيْنَ إِثْبَاتِ الْأَسْمَاءِ، وَبَيْنَ إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ إِثْبَاتَ الصِّفَاتِ يَقْتَضِي تَشْبِيهًا أَوْ تَجْسِيمًا لِمَا يُرَى فِي الشَّاهِدِ، قِيلَ لَهُ: وَلَا يُرَى فِي الشَّاهِدِ مَا هُوَ مُسَمًّى بِحَيٍّ وَعَلِيمٍ وَقَدِيرٍ إِلَّا مَا هُوَ كَذَلِكَ، فَكُلُّ مَا احْتُجَّ بِهِ مِنْ نَفْيِ الصِّفَاتِ يُحْتَجُّ عَلَيْهِ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى، فَمَا كَانَ جَوَابًا لَهُ، كَانَ جَوَابًا لِمُثْبِتِي الصِّفَاتِ. وَلَمَّا كَانَتْ أَسْمَاؤُهُ - سُبْحَانَهُ - ثَابِتَةً بِاتِّفَاقِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ، قَالَ مُشِيرًا لِذَلِكَ فِي النِّظَامِ بِقَوْلِهِ (أَسْمَاؤُهُ) ﷾ (ثَابِتَةٌ) بِالنَّصِّ وَالْعَقْلِ، (عَظِيمَةٌ) وَصَفَهَا بِذَلِكَ ; لِأَنَّهَا مُعَظَّمَةٌ مَوْصُوفَةٌ بِأَنَّهَا حُسْنَى، وَأَنَّهَا قَدِيمَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ، كَصِفَاتِهِ الذَّاتِيَّةِ وَكَذَا الْفِعْلِيَّةِ، وَالْمُرَادُ بِأَسْمَائِهِ - تَعَالَى - مَا دَلَّ عَلَى مُجَرَّدِ ذَاتِهِ كَاللَّهِ، أَوْ بِاعْتِبَارِ الصِّفَةِ كَالْعَالِمِ وَالْقَادِرِ، قَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِهِ (بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ): أَسْمَاءُ الرَّبِّ - تَعَالَى - هِيَ أَسْمَاءٌ وَنُعُوتٌ، فَإِنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى صِفَاتِ كَمَالِهِ، فَلَا تَنَافِيَ فِيهَا بَيْنَ الْعِلْمِيَّةِ وَالْوَصْفِيَّةِ، فَالرَّحْمَنُ اسْمُهُ - تَعَالَى - وَوَصْفُهُ لَا يُنَافِي اسْمِيَّتَهُ، فَمِنْ حَيْثُ هُوَ صِفَةٌ، جَرَى تَابِعًا عَلَى اسْمِ اللَّهِ، وَمِنْ حَيْثُ هُوَ اسْمٌ، وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ غَيْرَ تَابِعٍ، بَلْ وُرُودُ الِاسْمِ الْعَلَمُ. وَأَمَّا زَعْمُ الْمُعْتَزِلَةِ أَنَّ اللَّهَ كَانَ أَزَلِيًّا بِلَا اسْمٍ وَلَا صِفَةٍ، فَلَمَّا أَوْجَدَ الْخَلْقَ، وَضَعُوا لَهُ الْأَسْمَاءَ وَالصِّفَاتِ، كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمُ الْقُرْطُبِيُّ وَالْفَاكِهَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا، فَهُوَ خَطَأٌ فَاحِشٌ، قَالَ السَّمِينُ: هَذَا الْقَوْلُ أَشَدُّ خَطَأً مِنْ قَوْلِهِمْ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ ; لِإِشْعَارِهِ بِالِاحْتِيَاجِ لِلْغَيْرِ. وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ فِي (نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِينَ فِي أُصُولِ الدِّينِ): أَسْمَاءُ اللَّهِ - تَعَالَى - قَدِيمَةٌ. انْتَهَى.
وَقَدْ نَصَّ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ - تَعَالَى - غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ. وَقَالَ سَيِّدُنَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ: مَنْ قَالَ إِنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ - تَعَالَى - مَخْلُوقَةٌ، فَقَدْ كَفَرَ. قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: وَلَا يُقَالُ أَسْمَاءُ اللَّهِ هِيَ الْمُسَمَّى وَلَا غَيْرُهُ، إِذِ الْغَيْرُ مَا فَارَقَ أَوْ يُفَارِقُ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَانٍ أَوِ الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ، بَلْ يُقَالُ الِاسْمُ لِلْمُسَمَّى بِهِ أَوْ صِفَةٌ لِلْمُسَمَّى، وَعَلَمٌ عَلَيْهِ أَوْ دَالٌّ عَلَى الْمُسَمَّى، وَقِيلَ: أَسْمَاءُ الْفِعْلِ غَيْرُهُ، وَأَسْمَاءُ الذَّاتِ هِيَ الْمُسَمَّى نَفْسُهُ، قَالَ: وَقَدْ عَظُمَ عَلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ الْكَلَامُ عَلَى الِاسْمِ وَالْمُسَمَّى، وَأَمْسَكَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ، وَقَالَ: لَا نَعْلَمُ، وَقَالَ الْقَاضِي: الِاسْمُ وَالتَّسْمِيَةُ، وَالْوَصْفُ وَالصِّفَةُ وَاحِدٌ، فَتَسْمِيَةُ الْخَلْقِ لِلَّهِ هُوَ الْمُسَمَّى، كَمَا نَقُولُ فِي التِّلَاوَةِ هُوَ الْمَتْلُوُّ، وَأَمَّا
1 / 119