لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
ناشر
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
ایڈیشن نمبر
الثانية
اشاعت کا سال
1402 ہجری
پبلشر کا مقام
دمشق
اصناف
عقائد و مذاہب
مَنَعَ إِطْلَاقَهَا عَلَى اللَّهِ - تَعَالَى - ; لِأَنَّ مَعْنَى الْمَاهِيَّةِ الْمُجَانَسَةُ، وَهِيَ الْمُشَارَكَةُ فِي الْجِنْسِ وَالْفَصْلِ، قَالُوا: وَمَا رُوِيَ عَنِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ لِلَّهِ مَاهِيَّةً لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ، لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ، فَإِنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَمْ يُوجَدْ فِي كُتُبِهِ، وَلَمْ يَنْقُلْهُ عَنْهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ الْعَارِفِينَ بِأَقْوَالِهِ، فَلَوْ ثَبَتَ عَنْهُ، لَحُمِلَ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ - تَعَالَى - يَعْلَمُ ذَاتَهُ لَا بِدَلِيلٍ، أَوْ أَنَّ لَهُ أَسْمَاءً لَا يَعْلَمُهَا غَيْرُهُ كَمَا فِي حَدِيثِ " «وَأَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ» "، فَلِلَّهِ أَسْمَاءٌ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ ﵇: " «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ» "، يَعْنِي الْأَسْمَاءَ الْحُسْنَى، مُتَّصِفَةً بِأَنَّ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (فَقَدْ تَعَدَّى) فَهَذَا خَبَرٌ لِلْمُبْتَدَإِ الَّذِي هُوَ كُلُّ مَنْ أَوَّلَ، وَتَعَدِّيهِ تَجَرِّيهِ عَلَى مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَإِنَّهُ فَعَلَ مَا لَيْسَ لَهُ، وَقَالَ عَلَى اللَّهِ بِمَا لَمْ يَأْذَنِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ لَهُ بِهِ، (وَاسْتَطَالَ) عَلَى السَّلَفِ الصَّالِحِ، فَكَأَنَّهُ اسْتَدْرَكَ عَلَيْهِمْ مَا يَزْعُمُ أَنَّهُمْ أَغْفَلُوهُ، وَحَرَّرَ فِيمَا يَدَّعِي أَنَّهُمْ أَهْمَلُوهُ، (وَاجْتَرَى) افْتِعَالٌ مِنَ الْجُرْأَةِ، أَيْ تَشَجَّعَ وَافْتَاتَ حَدَّهُ وَتَعَدَّى طَوْرَهُ، وَلَمْ يَقْتَدِ بِالصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ وَلَا بِأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، (وَخَاضَ)، يُقَالُ: خَاضَ الْمَاءُ يَخُوضُهُ خَوْضًا وَخِيَاضًا دَخَلَهُ، كَخَوْضِهِ وَاخْتَاضَهُ بِالْفَرَسِ أَوْرَدَهُ كَإِخَاضَةٍ، وَخَاضَ الْغَمَرَاتِ اقْتَحَمَهَا، أَيِ اقْتَحَمَ (فِي بَحْرِ الْهَلَاكِ) أَيِ الْمَوْتِ وَالِانْمِحَاقِ، يَعْنِي رَمَى نَفْسَهُ فِي بَحْرٍ يَذْهَبُ بِدِينِهِ وَيَئُولُ بِهِ إِلَى الْهَلَاكِ الْأَبَدِيِّ وَالْعَذَابِ السَّرْمَدِيِّ، (وَافْتَرَى) عَلَى مَوْلَاهُ الَّذِي خَلَقَهُ وَسَوَّاهُ، وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ، فَإِنَّ مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ لَمْ يَسْلَمْ، وَمَنْ لَمْ يَقْتَفِ طَرِيقَةَ السَّلَفِ الصَّالِحِ، لَمْ يَرْبَحْ وَيَغْنَمْ، فَعَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَتَّبِعَ طَرِيقَةَ أَهْلِ الْأَثَرِ، فَإِنَّهَا أَسْلَمُ، وَدَعْ عَنْكَ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ مَذْهَبَ الْخَلَفِ أَعْلَمُ، فَإِنَّهَا مِنَ النَّزَعَاتِ الْفَلْسَفِيَّةِ، وَالزَّخَارِفِ الْبِدْعِيَّةِ، وَالْأَحْدَاسِ النَّفْسِيَّةِ، وَالْوَسَاوِسِ الْجَهْمِيَّةِ، وَالتَّحَذْلُقَاتِ الزَّنْدَقِيَّةِ. فَأَيْنَ عِلْمُ زَيْدٍ وَعَمْرٍو مِمَّنْ شَاهَدَ الرَّسُولَ وَعَايَنَ الْأَمْرَ؟ وَمِنْ ثَمَّ قُلْنَا «أَلَمْ تَرَ اخْتِلَافَ أَصْحَابِ النَّظَرِ»، يَعْنِي نُظَّارَ الْمُتَكَلِّمَةِ مِنْ سَائِرِ الْفِرَقِ وَالطَّوَائِفِ، وَرَدَّ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَتَضْلِيلَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، (فِيهِ) أَيْ فِي نَظَرِهِمُ الَّذِي يَزْعُمُ كُلُّ فَرِيقٍ
1 / 103