لوامع الأنوار
لوامع الأنوار
اصناف
وأما الثاني: وهو الحل، فهو أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وإن جاز عليه ذلك فلا يقر عليه، فهو مؤيد بالوحي، مسدد بالعصمة، /144 لايمضمي على شيء من الخطأ، إن وقع، فعند التحقيق لايجوز عليه الخطأ على الإطلاق؛ لأن مالا يستقر وإنما يصدر لحكمة البيان ولايثبت لا اعتبار به.
وأما غيره ممن قامت الحجة على أنه حجة، فلو فرض الخطأ، لدام، ولا يجوز على الحكيم أن يأمر باتباع الخطأ من الأحكام، وفي هذا أوضح بيان لذوي الأفهام.
فإن قيل: إنها تروى عنه صلوات الله عليه الروايات المتعارضة، وفي بعضها التصريح برجوعه عن القول الأول.
قيل: على فرض صحة ذلك، نقول: كان الحكم مؤقتا لديه، بإعلام من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى أمد معلوم، وليس هذا من النسخ؛ وأيضا لامانع منه، بل يكون هذا مع صحته دليلا عليه، وهو أقوى برهان.
فإن قيل: لو كان كذلك، لما خالفه الصحابة، ولأنكر عليهم المخالفة.
قيل له: أما المخالفة فلا تنكر، وليست بدليل، مالم يكن
إجماعا.
[مخالفة بعض الصحابة للرسول (ص) حينما أراد أن يكتب لهم العهد الأخير]
كيف وقد خولف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مرارا؟ أشهرها ماجرى من خلاف يوم الخميس، الذي أشار إليه الإمام يحيى شرف الدين (ع)، في قوله:
وفي الخميس وما يوم الخميس به .... كل الرزية قال البحر هي هي هي
عنى بالبحر ابن عباس رضي الله عنهما .
قال الشارح: هذا إشارة إلى الحديث، الذي أخرجه البخاري، ومسلم، عن ابن عباس قال: لما حضر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي البيت رجال، فيهم عمر بن الخطاب، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ((هلموا أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده)).
قال عمر وفي رواية: قال بعضهم : رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد غلب عليه الوجع، وعندكم القرآن، حسبكم كتاب الله.
قلت: سبحان الله، ومن جآءهم بكتاب الله؟! وأي وثوق به، إن لم يكن معصوما فيما طريقه التبليغ على كل حال؟!.
كلا، ولكن فهم عمر مراد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من التأكيد في خلافة أخيه؛ كما صرح به عمر في رواية ذكرها في /145 شرح النهج وغيره.
صفحہ 145