وقد أكثر من الاستشهاد بالقرآن الكريم والحديث الشريف، ومن شعر الوعظ والرقائق، يعزو الحديث إلى مخرّجه، ويبين درجته من الصحة أو الضعف، وغالب ما يذكره من الصحيح، وإن لم يكن كذلك بين موطن ضعفه، وهو العالم الخبير بفنون الحديث وعلله. وقلما ينسب الأبيات إلى قائلها، ولعل بعضها من نظمه، وهي من الشعر المتوسط.
يعمد ابن رجب في كتبه، وفي مقدمتها كتابنا هذا وكتاب "جامع العلوم والحكم" إلى الأسلوب المسجع أحيانًا على عادة عصره، ويهجره حينًا ليتعلق بعبارة الفقهاء والمحدثين، يؤدي ذلك بنبرة خطابية متدفقة، نابعة من إخلاصه وصدقه ووفرة محفوظه، يخاطب فيه القلب والعقل.
ولعل خير ما نصفه به ما قاله الذهبي قديمًا في شيخه ابن تيمية: "ما رأيت أسرع انتزاعًا للآيات الدالة على المسألة التي يوردها منه، ولا أشد استحضارًا للمتون وعزوها منه، كان السنّة نصب عينيه، وعلى طرف لسانه، بعبارة رشيقة وعين مفتوحة".
وكيف لا وهو واحد من تلك الدوحة الوارفة، التي حملت راية الإصلاح وجهرت به بكل إخلاص وصدق، فقد لازم ابن القيّم الجوزية وتأثر به وتتلمذ له حتى وفاته، وابن القيّم كان بدوره لصيقًا بشيخ الإسلام، يدعو دعوته، وينهج نهجه، ويحمل معه تبعات الإصلاح ومحاربة البدع، ويأتي ابن رجب ليتابع المسير بالروح نفسها وبالصدق والإخلاص اللذين عرفا عندهما، ﵏ جميعا.
النسخ المعتمدة في التحقيق:
اعتمدت في التحقيق على أربع نسخ خطية كتبت جميعًا - على الأغلب - بدمشق، في عهد قريب من المؤلف، إضافة إلى المطبوع الذي اعتبرته نسخة إضافية حسنة يعتمد عليها. وهذا وصفها:
١ - مخطوطة (آ):
نسخة محفوظة في دار الكتب الظاهرية في دمشق برقم (٣٢١٩)، وهي تامة، تقع في (٢٣١) ورقة من القطع الكبير، قياسها ٢٧×١٨ سم، وفي الصفحة (٢١) سطرًا، وفي السطر نحو (١٠) كلمات. كتبت بخط نسخ واضح، مع ضبط يسير بالشكل، والعناوين بالأحمر. وكتبت بضع صفحات منها على يد ناسخ آخر بخط مختلف أقل جودة، وكذا رممت الصفحة الأولى بخط آخر مختلف أيضًا.
1 / 23