Landmarks of Religion from Sayings of the Truthful and Trustworthy
معالم الدين من أحاديث الصادق الأمين
ناشر
دار مشارق الأنوار للبحث العلمي
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٣٤ هـ - ٢٠١٣ م
اصناف
اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ (١)، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِي (٢)، وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الْأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ (٣)». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
٣٥ - عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ﵁ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «نَضَّرَ اللهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا، فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ غَيْرَهُ، فَإِنَّهُ رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ (٤). ثَلَاثُ خِصَالٍ لَا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ أَبَدًا (٥):
_________
(١) قال الإمام الآجري في «الأربعين» (ص: ٧٣): «هذا الحديث يدل على أنه مَن لم يتفقه في دينه فلا خير فيه. فإن قلت: كيف صفة من فقَّهه الله ﷿ في دينه حتى يكون ممن قد أراده الله الكريم بخير؟
قيل له: هو الرجل المسلم العاقل الذي قد علم أن الله ﷿ قد تعبَّده بعبادات وجب عليه أن يعبده فيها كما أمره، لا كما يريد هو، ولكن بما أوجب العلم عليه، فطَلَبَ العلم ليفقه ما تعبَّده الله ﷿ به من أداء فرائضه واجتناب محارمه، لا يسعه جهله ولا يعذره به العلماء العقلاء في تركه، وذلك مثل الطهارة، ما فرائضها، وما سننها، وما يفسدها، وما يصلحها؟ ومثل علم صلاة الخمس لله ﷿ في اليوم والليلة، وكيف يؤديها إلى الله ﷿؟ ومثل علم الزكاة، وما يجب لله ﷿ عليه فيها؟ ومثل صيام شهر رمضان، وما يجب لله ﷿ فيه؟ ومثل الحج، متى يجب، وإذا وجب ما يلزم من أحكامه، كيف يؤديه إلى الله ﷿؟ ومثل الجهاد، ومتى يجب، وإذا وجب ما يلزمه من أحكامه؟ وعلم المكاسب، وما يحل منها وما يحرم؟ وليأخذ الحلال بعلم ويجتنب الحرام بعلم، وعلم النفقات الواجبات عليه وغير الواجبات، وعلم بر الوالدين والنهي عن العقوق، وعلم صلة الأرحام والنهي عن قطعها، وعلم حفظ كل جارحة من جوارحه مما أمره الله ﷿ بحفظها، وعلوم كثيرة يطول شرحها، لا بد من علمها والعمل بها. فاعقلوا -رحمكم الله- ما حثكم عليه نبيكم ﷺ حتى يكون فيكم خير تحمدون عواقبه في الدنيا والآخرة» اهـ.
(٢) معناه: أن المعطي حقيقة هو الله تعالى، ولست أنا معطيًا، وإنما أنا خازن على ما عندي، ثم أقسم ما أُمرت بقسمته على حسب ما أُمرت به، فالأمور كلها بمشيئة الله تعالى وتقديره، والإنسان مُصَرَّف مربوب.
(٣) قال ابن بطال في «شرح صحيح البخاري» (١/ ١٥٥): «يريد أن أمته آخر الأمم، وأن عليها تقوم الساعة، وإن ظهرت أشراطها، وضعف الدين، فلابد أن يبقى من أمته من يقوم به، والدليل على ذلك قوله: «لا يضرهم من خالفهم»، وفيه أن الإسلام لا يذل، وإن كثر مطالبوه» اهـ.
(٤) «نضر الله»: معناه: الدعاء له بالنضارة، وهي النعمة والبهجة.
قال المُلَّا علي القاري في «مرقاة المفاتيح» (١/ ٣٠٦ وما بعدها): «وقد استجاب الله دعاء نبيه ﷺ، فلذلك تجد أهل الحديث أحسن الناس وجهًا وأجملهم هيئة. ورُوي عن سفيان بن عيينة أنه قال: ما من أحد يطلب الحديث إلا وفي وجهه نضرة. وخص مبلغ الحديث كما سمعه بهذا الدعاء؛ لأنه سعى في نضارة العلم وتجديد السنة فجازاه بالدعاء بما يناسب حاله، وهذا يدل على شرف الحديث وفضله ودرجة طلَّابه حيث خصهم النبي ﷺ بدعاء لم يشرك فيه أحدًا من الأمة، ولو لم يكن في طلب الحديث وحفظه وتبليغه فائدة سوى أن يستفيد بركة هذه الدعوة المباركة لكفى ذلك فائدة وغَنْمًا، وجلَّ في الدارين حظًّا وقسمًا» اهـ باختصار وتصرف.
(٥) أي: لا يكون القلب عليهن ومعهن غليلًا أبدًا، يعني: لا يكون فيه مرض ولا نفاق إذا حقق هذه الأمور الثلاثة.
1 / 44