لمحات من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية

عبد الرحمن عبد الخالق d. 1442 AH
97

لمحات من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية

لمحات من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية

وهذا مما يعلم بالاضطرار أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر به قال تعالى: {وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ} (هود:108، (22-حادي الأرواح))، أي مقطوع. ولا تنافي بين هذا وبين قوله إلا ما شاء ربك. واختلف السلف في هذا الاستثناء. فقال معمر عن الضحاك: هو في الذين يخرجون من النار فيدخلون الجنة يقول سبحانه: إنهم خالدون في الجنة ما دامت السموات والأرض إلا مدة مكثهم في النار.

قلت: وهذا يحتمل أمرين:

أحدهما: أن يكون الإخبار عن الذين سعدوا وقع عن قوم مخصوصين هم هؤلاء.

والثاني: وهو الأظهر أن يكون وقع عن جملة السعداء والتخصيص بالمذكورين هو في الاستثناء وما دل عليه. وأحسن من هذين التقديرين أن ترد المشيئة إلى الجميع حيث لم يكونوا في الجنة في الموقف. وعلى هذا فلا يبقى في الآية تخصيص. وقالت فرقة أخرى: هو استثناء استثناه الرب تعالى ولا يفعله كما تقول: والله لأضربنك إلا أن أرى غير ذلك وأنت لا تراه. بل تجزم بضربه.

وقالت فرقة أخرى: العرب إذا استثنت شيئا كثيرا مع مثله ومع ما هو أكثر منه، كان معنى إلا في ذلك ومعنى الواو سواء والمعنى على هذا سوى ما شاء الله من الزيادة مدة دوام السموات والأرض. هذا قول الفراء وسيبويه: يجعل إلا بمعنى سوى قالوا: ونظير ذلك أن تقول: لي عليك ألف إلا الألفين الذين قبلها أي سوى الألفين. قال ابن جرير: وهذا هو أحب الوجهين إلي، لأن الله تعالى لا خلف لوعده وقد وصل الاستثناء بقوله {عطاء غير مجذوذ}.

قالوا: ونظير أن نقول: أسكنتك داري حولا إلا ما شئت أي سوى ما شئت من الزيادة عليه.

صفحہ 99