زعق: «كاذب! ولا أستبعد أن تكون متواطئا معها في شيء.»
أبدى البعض اهتماما مفاجئا بشيء ما في الطريق، واستدار آخرون بحيث أعطوني ظهورهم. ولم ينتظر غريمي حتى يبدي غيرهم رأيه، فقرر أن يحسم الأمر على وجه السرعة، ووجه إلي لكمة صاعقة، أصابتني في وجهي وألقت بي فوق رءوس الجالسين.
وقبل أن أفيق من أثر اللكمة التي رجت رأسي رجا، وجعلت الدنيا تتراقص أمام عيني، جذبني من ذراعي، ثم دفعني من جديد، فارتطمت كتفي بأحد الأعمدة المعدنية، وفقدت توازني. رأيتني أهوي على وجهي، فمددت يدي اليسرى أمامي حتى لمست الأرض، وسقطت بكل ثقلي فوقها.
شعرت بألم حاد في ذراعي، وكان العملاق قد اندفع في أثري، والسباب الموجه لأبوي ينهال من فمه، لكن اثنين من الركاب اعترضاه، وجعل أكثر من واحد يطيب خاطره ويدعوه للهدوء، كأنما أنا الذي اعتديت عليه.
وسمعت أحدهم يقول له: «روق بالك. لبؤة ولوطي، والاثنان أغرتهما فحولتك فتحرشا بك، فلماذا تعكر دمك؟»
توقف الأوتوبيس في هذه الأثناء، فأعانني راكب على الوقوف ودفعني نحو الباب قائلا: «أقصر عن الشر وانزل.»
غادرت السيارة بلا وعي، ووقفت في الطريق أتأمل ملابسي المنكوشة، وعندما حاولت تسويتها نبهني الألم المنبعث من ذراعي إلى الوضع الغريب الذي استقر عليه، ملويا إلى الخلف عند المرفق، وقد برزت عظام مفصله.
انطلقت أبحث عن مستشفى قريب يمكن أن ألتمس في عيادته الخارجية علاجا بقروش قليلة. ووجدت واحدا لكني لم أعثر على الطبيب الأخصائي. انتظرته طويلا حتى مللت، ولولا الألم الذي كان يخترق ذراعي عند أقل حركة لانصرفت إلى منزلي دون أن أعبأ بوضعه الغريب.
وبعد حوالي الساعة اقترب مني ممرض، وأسر إلي أن الطبيب لن يأتي ما دام قد تأخر إلى هذا الوقت، وأنه الآن في عيادته الخاصة القريبة، إذا كنت في حاجة ماسة إليه.
دفعت له ثمن نصيحته، وذهبت من فوري إلى عيادة الطبيب. وبعد أن دفعت خمسة جنيهات عند المدخل، استقبلني في غرفة وثيرة، مكيفة الهواء، تتردد في جنباتها موسيقى أوروبية خفيفة.
نامعلوم صفحہ