واستقرت عيناي عليه لحظة.
أنفه منخفض قصير يوحي إلي بأنه شرير، وشفتاه رفيعتان مقوستان إلى أعلى كحاجب امرأة شريرة، وعيناه قاسيتان يرتج صفارهما الباهت الصغير في البياض الكبير كما يرتج الصفار داخل البيضة العفنة.
وأشحت بوجهي عنه لكنه استدار وواجهني.
تركت له المكان فتبعني كالظل، وركع على ركبتيه وبللت دموعه أرضي واعترف لي بالحب العملاق.
لم يصدقه قلبي ونفر منه؛ لكن عقلي صدقه، هو رجل، غني ناجح، مرموق.
كان قلبي يحتقر عقلي؛ يحتقر مفاهيمه وأساليبه، يحتقر أرقامه وموازينه وكشوف حساباته، ولم يكن لعقلي حول ولا قوة أمام جبروت قلبي؛ فيتكور كالطفل اليتيم في جمجمته الضيقة المظلمة، يجتر هزيمته في صمت منتظرا المأساة.
كنت أتبع قلبي دائما، وكنت أحزن، وأشقى، وأفلس، وأجوع، ولكني لم أفكر مرة واحدة في الخروج على قلبي.
لماذا؟ لا أدري.
ولكني صممت على أن أخرج عليه مع هذا الرجل، ولأجرب عقلي هذه المرة. •••
جلست أمامه أحاول أن أنظر إلى صفحة النيل العميقة بدلا من عينيه الباهتتين الضحلتين، وأحاول أن أجد في كلماته اللزجة المتكلفة الخالية من الفن والذكاء شيئا ذا معنى.
نامعلوم صفحہ