مقدمة
...
بسم الله الرحمن الرحيم
ترجمة الحافظ أبي الفضل تقي الدين بن فهد المكي:
"ابن فهد" بيت كبير بمكة من رواة الحديث. منهم: والد المترجم "النجم محمد" بن أبي الخير محمد بن عبد الله، وابناه التقي محمد -صاحب الترجمة- وعطية، وابنا أولهما أبو بكر وعمر، وبنو ثانيهما حسن وحسين؛ فأبو بكر له عبد الرحمن وأبو القاسم، ولأبي القاسم عبد الرحمن، وعمر له يحيى وعبد العزيز، ثم لعبد العزيز جار الله -ناسخ الأصول المترجم في آخر الذيول- ويحيى بن عبد الرحمن بن أبي الخير، وابنه عبد القادر، كلهم يعرف بـ"ابن فهد".
أما صاحب الترجمة منهم فهو محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن فهد تقي الدين أبو الفضل بن نجم الدين أبي النصر بن جمال الدين أبي الخير ابن العلامة أقضى القضاة جمال الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الله الأصفوني، ثم المكي الشافعي العلوي المنتهي نسبه إلى محمد ابن الحنفية نجل سيدنا علي بن أبي طالب ﵁.
ولد عشية الثلاثاء خامس ربيع الثاني سنة سبع وثمانين وسبعمائة بأصفون من صعيد مصر الأعلى بالقرب من إسنا، وكان والده سافر إليها لاستخلاص جهات موقوفه على أمه خديجة ابنة العلامة نجم الدين بن عبد الرحمن بن يوسف الأصفوني الفقيه الشافعي فتزوج هناك بابنة عم جده لأمة العلامة المذكور وهي فاطمة بنت أحمد بن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم القرشية المخزومية فوُلد له منها صاحب الترجمة هناك. ثم انتقل به أبوه في سنة خمس وتسعين إلى بلده مكة فحفظ بها القرآن والعمدة والقنية وألفية النحو والحديث وعرض على جماعة، وسمع الأبناسي والجمال ابن ظهيرة، وحبب إليه هذا الشأن، وأول طلبه سنة أربع وثمانمائة فسمع الكثير من شيوخ بلده والقادمين إليها وكتب عمن دب ودرج فكان ممن سمع عليه ابن صديق والزين المراغي وأبو اليمن الطبري وقريبه الزين الشمس الغراقي والشريف عبد الر حمن الفاسي وأبو الطيب السحولي والجمال عبد الله الفرياني ورقيه بنت يحيى بن مزروع، ولقي باليمن المجد اللغوي صاحب القاموس والموفق علي بن أبي بكر الأزرق وآخرين فسمع منهم وكان دخوله بها مرتين الأولى في سنة ٨٠٥ والثانية في سنة ٨١٦، وأجاز له خلق كثير منهم العراقي والهيثمي وعائشة بنت عبد الهادي. وانتفع في
1 / 47
هذا الشأن بالجمال بن ظهيرة والصلاح خليل الأقفهسي وغيرهما واشتغل بالفقه على ابن ظهيرة والشمي الغراقي وابن سلامة، وأذنا له وكذا الشمس بن الجزري المقرئ في التدريس والإفتاء وسمع من ابن حجر أيضًا لما لقيه بمكة وتميز في هذا الشأن، وعرف العالي والنازل وشارك في فنون الأثر وكتب بخطه الكثير وجمع المجاميع وانتقى وخرج لنفسه ولشيوخه فمن بعدهم، وصار المعول في هذا الشأن ببلاد الحجاز قاطبة عليه وعلى ولده النجم عمر بدون منازع. واجتمع له من الكتب ما لم يكن في وقته عند غيره من أهل بلده، وكثر انتفاع المقيمين والغرباء بها فكان ذلك أعظم قربة لا سيما وقد حبسها لله بعد موته، قال السخاوي: أكثر من المسموع والشيوخ وجدَّ في ذلك وجمع له ولده معجمًا وفهرستًا استفدت منهما كثيرًا ا. هـ.
وله مؤلفات عديدة منها "نهاية التقريب وتكميل التهذيب بالتذهيب" جمع فيه بين تهذيب الكمال ومختصرَيْه للذهبي وابن حجر وغيرهما. قال السخاوي: وهو كتاب حافل لو ضم إليه ما عند مغلطاي من الزوائد في مشايخ الراوي والآخذين عنه لم يصل إلى مكة إذ ذاك ا. هـ.
ومنها "النور الباهر الساطع من سيرة ذي البرهان القاطع" في السيرة النبوية و"الجُنة بأذكار الكتاب والسنة" و"المطالب السنية العوالي بما لقريش من المفاخر والمعالي" و"بهجة الدماثة بما ورد في فضل المساجد الثلاثة" و"بشرى الورى مما ورد في حرا" و"اقتطاف النور مما ورد في نور" و"الإبانة مما ورد في جعرانة" و"طرق الإصابة بما جاء في الصحابه" و"نخبة العلماء الأتقياء بما جاء في قصص الأنبياء "و"وسيلة الناسك في المناسك" و"الزوائد على حياة الحيوان للدميري" و"تقريب البعيد فيما ورد في يومي العيد" و"غاية القصد والمراد من الأربيعن العالية الإسناد" و"عمدة المنتحل وبلغة المرتحل" تحتوي على أربعين حديثًا من أربعين كتابًا لأربعين إمامًا عن أربعين شيخًا متصلين بأربعين صحابيًّا منهم العشرة والعبادلة على الاختلاف فيهم ورتبهم على حروف الهجاء مع إخراج حديث كل من أصحاب المذاهب الأربعة والكتب السنة مردفة بأحاديث عالية وحكايات وأشعار.
ومنها "لحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفاظ" وهو الذي نشر ضمن هذا المجموع، وقد أجاد فيه حيث استوفى الكلام في حق المترجمين إلى حد أن تكون مراتبهم في العلم مائلة أمام عين المطالع، وتوسع في ذكر الوفيات ممن وافقوا المترجمين في سنة الوفاة مع العناية بذكر أحوالهم على الاختصار إغناءً عن تطلبها في غير كتابه بل قد لا توجد في غيره، وضبط في كتابه بعض الأسماء والأنساب مما رآه موضع ارتياب، وتفنن في ذكر أسانيد الأحاديث المروية بطريق المترجمين موافقة وبدلًا وعلوًّا مما يهم المشتغلين بالأسانيد وأهل العلم بالحديث، وجلة القول أن ذيل ابن فهد جليل الفوائد غزير الأبحاث غير قاصر نفعه على طائفة دون طائفة. وله غير ذلك.
1 / 48
قال السخاوي: "ولم ينفك عن المطالعة والكتابة والقيام بما يهمه من أمر عاليه واهتمامه بكثرة الطواف والصوم والاستمرار على الشرب من ماء زمزم بحيث يحمله معه إذا خرج من مكة غالبًا، وبرّه بأولاده وأقاربه وذوي رحمه مع سلامة صدره وسرعة بادرته، ورجوعه وكثرة تواضعه وبذل همته مع من يقصده وامتهانه لنفسه وغير ذلك، وتصدى للإسماع فأخذ عنه الناس من سائر الآفاق الكثير وكنت لقيته فحملت عنه بالمجاورة الأولى الكثير وطالع في مجاورتي الثانية كثيرًا من تصانيفي حتى في مرض موته. مات وأنا هناك في صبيحة يوم السبت سابع ربيع الأول سنة إحدى وسبعين وثمانمائة، وصلّى عليه بعد صلاة العصر عند باب الكعبة ثم دفن بالمعلاة عند مصلب ابن الزبير ﵄ وكنت ممن شهد الصلاة عليه ودفنه والتردد إلى قبره. وقال المقريزي في عقوده في صاحب الترجمة: إنه قرأ عليَّ "الإمتاع" -من أكبر ما ألف في السير للمقريزي- وحصل منه نسخة بخط ولده الفاضل عمر وهما محدثا الحجاز وأرجو أن يبلغ ابنه عمر في هذا العلم مبلغًا عظيمًا لذكائه واعتنائه بالجمع والسماع والقراءة -بارك الله له فيما آتاه" انتهى ما نقله السخاوي عنه، وهو ممن ترجمه الشمس بن طولون بين مشايخ مشايخه الأربعين في كتابه أربعين الأربعين -رحمه الله تعالى رحمة واسعة.
1 / 49
طبقات لحظ الألحاظ:
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
قال الشيخ جار الله بن فهد: أخبرنا الشيخان الحافظان الإمام القدوة شيخ السنة شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن السخاوي نزيل الحرمين الشريفين والعلامة الرحلة شيخ المحدثين عز الدين أبو فارس عبد العزيز بن عمر بن محمد بن فهد الهاشمي المكي الشافعيان -رحمهما الله تعالى- شفاهًا عن الإمام الحافظ الرحلة تقي الدين أبي الفضل محمد بن النجم محمد بن محمد بن فهد الهاشمي العلوي المكي الهاشمي إذنا إن لم يكن سماعًا ولو لبعضه، فقال:
أما بعد حمد الله ﷾ الواحد القهار وشكره آناء الليل والنهار والإقرار له ﷻ بالوحدانية في كل الأطوار، ولصفيه سيدنا محمد بالنبوة والرسالة إلى كافة الخلق بجميع الأقطار وصلى الله وسلم عليه صلاةً وسلامًا أرجح بها الفوز بالجنة والنجاة من النار ورضي الله عن آله وعترته وأزواجه وأصحابه السادة الأطهار ومن تبعهم بإحسان من الأئمة الأبرار فهذه تراجم جماعة عدة مقدمًا من مات منهم قبل الآخر بمدة مذيل بهم على ما ذيل له الحافظ أبو المحاسن محمد بن علي بن الحسن بن حمزة العلوي الحسيني الدمشقي الشافعي على طبقات الحفاظ للعلامة الإمام حافظ الأنام أبي عبد الله محمد بن أحمد الذهبي الهمام -رحمة الله تعالى ورضوانه عليهما بالغداة والعشي- وسميته "لحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفاظ" والله ﷾ جل وعلا أسأله التوفيق للصواب والعفو والغفران والتجاوز في الحساب.
وقد استدركت على الذهبي اثنتي عشرة ترجمة وعلى السيد الحسيني ثماني غير مبهمة فالأول منهم في الطبقة الخامسة عشرة، والستة بعد في الطبقة العشرين، والخمسة بعدهم في الحادي والعشرين، والثالث عشر في الثانية والعشرين، والخمسة بعده في الثالثة والعشرين، والاثنان بعدهم -وهم الأخيران- في الرابعة والعشرين فرأيت أن أبدأ بهم ثم أسرد ما أذيل به بعدهم والله ﷾ أسأل المعونة والإتمام وأن يختم لي بخير في عافية بلا محنة بمنه وكرمه ويدخلني الجنة دار السلام ويعيذني من النار ويغفر لي الآثام، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المصطفى المبعوث إلى جميع الأنام وعلى آله وذريته وأزواجه وأصحابه السادة الكرام ومن تبعهم بإحسان في سائر الليالي والأيام وحسبنا الله وكفى ربنا الملك العلام.
1 / 51
ابن السمرقندي ذكره الحافظ أبو عبد الله الذهبي في كتاب "العبر بأخبار من غبر" فيمن توفي في سنة ست وثلاثين وخمسمائة١ فقال: وإسماعيل بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث أبو القاسم بن السمرقندي الحافظ ولد بدمشق سنة أربع وخمسين وسمع بها من الخطيب وعبد الدائم بن الهلالي وابن طلاب والكبار، وببغداد من الصريفيني فمن بعده وقال: أبو العلاء الهمذاني: ما أعدل به أحدًا من شيوخ العراق توفي في ذي القعدة انتهى. قلت: وممن سمع منه أبو محمد٢ عبد الله بن سبعون٣ بن أحمد بن محلي السلمي٤ القيرواني وأبو نصر فتوح بن عبد الله الحميدي وأحمد بن محمد بن النقور البزار والقاضي أبو الفضل جعفر بن يحيى بن إبراهيم بن الحكاك المكي، روى عنه أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد وأبو حامد عبد الله بن مسلم بن زيد بن جوالق٥ النحاس.
وفي سنة ست وثلاثين وخمسمائة مات الفقيه الواعظ شرف الإسلام عبد الوهاب بن أبي الفرح عبد الرحمن٦ بن محمد الأنصاري الشيرازي ثم الدمشقي الحنبلي في صفر، والمحدث أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر المازري مؤلف "المعلم في شرح مسلم" في شهر ربيع الأول عن ثلاث وثمانين سنة، ومازر بفتح الزاي وكسرها بليدة بجزيرة صقلية، وأمام جامع نيسابور أبو محمد الجبار بن محمد بن أحمد
_________
١ ومثله في تاريخ الكامل الأثير ودول الإسلام للحافظ الذهبي ومرآة الجنان للعفيف اليافعي وكذا في طبقات الشافعية الوسطى للتاج السبكي وأما ما في طبقاته الكبرى المطبوعة من أنه توفي سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة فلعل فيه تحريفًا مطبعيًّا والله أعلم. "الطهطاوي".
٢ وهذا بيان لشيوخه الذين سمع هو منهم لكن قوله: "وأبو نصر فتوح ... إلخ" صوابه "وأبو عبد الله محمد بن أبي نصر فتوح ... إلخ" لأن هذا هو الذي سمع منه أبو القاسم بن السمرقندي كما يعلم من طبقات الحفاظ للحافظ الذهبي في ترجمة أبي عبد الله محمد هذا "المتوفى ببغداد سنة ٤٨٨" وهو صاحب كتاب الجمع بين الصحيحين وتاريخ الأندلس الذي سماه جذوة المقتبس. "الطهطاوي".
٣ وفي بعض الأسانيد سمعون. قال: ابن طولون عند ذكر الحديث المسلسل بالأولية في فهرسته الأوسط من مروياته، وهو خطأ وإنما هو بالباء.
٤ ولعل صوابه "ابن يحيى السلمي" كما جاء في عبارة شرح القاموس. "الطهطاوي".
٥ بضم الجيم، قاله ابن العماد في الشذرات.
٦ وصوابه "عبد الواحد" كما هو مذكور في طبقات الحنابلة وطبقات الحفاط ودول الإسلام للحافظ الذهبي ومرآة الجنان للعفيف اليافعي وشذرات الذهب وغير ذلك سيأتي ذكره على الصواب في التعليقات التي بأسفل الصفحة "١٨٢". "الطهطاوي".
٧ وعلى فتح الزاي جرى ابن حجر في التبصير، وعلى كسرها السيوطي في اللب، وفي طبقات ابن فرحون: بالفتح وقد يكسر، ومثله في وفيات الأعيان.
1 / 52
الخُواري١ الشافعي في شعبان وله إحدى وتسعون سنة، وأبو محمد يحيى بن علي بن الطراح المدير٢ في شهر رمضان، وشيخ الصوفية ابن برجان أبو الحكم عبد السلام بن عبد الرحمن بن أبي الرجال اللخمي الإفريقي ثم الإشبيلي -شارح أسماء الله تعالى الحسنى- غريقًا بمراكش٣ وقُبر بإزاء قبر ابن العريق، وإمام جامع دمشق أبو محمد هبة الله بن طاوس البغدادي -رحمهم الله تعالى.
أخبرنا العلامة الحافظ فقيه الحجاز قاضي القضاة أبو حامد محمد بن عبد الله المخزومي سماعًا وسيدي والدي المرحوم نجم الدين أبو النصر محمد بن محمد بن عبد الله بن فهد بن حسن الهاشمي -سقى الله ثراه وجعل الجنة مأواه شفاهًا قالا: أخبرنا الحافظ بها الدين أبو محمد عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن خليل العثماني قال والدي في كتابه: ح وقرأت على القاضي الأصيل الفقيه جلال الدين أبو أحمد جار الله بن صالح بن أحمد الشيباني بقرية أرض خالد من بطن مرو قال والدي أيضًا: وابن ظهيرة أخبرنا أبو عبد الله محمد بن سالم بن إبراهيم الحضرمي قال: والدي كتابة قالا: أخبرنا الحافظ أبو عمرو عثمان بن محمد بن عثمان التوزري قال: أخبرنا عبد الرحيم بن يوسف بن يحيى ابن خطيب المزة ح وكتب لنا بعلو درجة المعمر أبو الربيع سليمان بن خالد٤ الإسكندري منها أن علي بن أحمد المقدسي أخبره في الإذن العام قالا: أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر الدارقَزِي٥ قال: المقدسي إجازة إن لم يكن سماع قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم
_________
١ بالخاء المضمومة قال الذهبي في المشتبه: كان راية البيهقي وإمام الجامع المنيعي ينيسابور بصيرًا بالفقه مفتيًا.
٢ "المذبر" وصوابه "المدير" بكسر الدال المهملة بعدهما مثناة تحتية ساكنة. وهو من يدير السجلات التي حكم فيها القاضي على الشهود ليكتبوا شهادتم فيها واشتهر بهذا اللقب ببغداد أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن محمد بن الطارح البغدادي وابنه أبو محمد يحيى بن علي المذكور هنا، كذا يستفاد من كتاب الأنساب لأبي سعد السمعاني، وفي كتاب المشتبه للحافظ الذهبي المدير بياء ساكنة علي بن محمد بن علي الطراح المدير وابنه يحيى وابنه علي بن يحيى وبنتاه ست الكتبة وعزيزة روتا عن جدهما. "الطهطاوي".
٣ والذي في مرآة الجنان وشذرات الذهب "غريبًا بمراكش" "وابن العريف" الذي قبر هو بإزاء قبره هو الشيخ العارف أبو العباس أحمد بن محمد بن موسى بن عطاء الله الصنهاجي الأندلسي المرييّ "المتوفى بمراكش في صفر من سنة ٥٣٦" وكان من كبار الأولياء. "الطهطاوي".
٤ هو علم الدين أبو الربيع سليمان بن خالد بن عمر الإسكندري "المتوفى بعد سنة ٨١٥ بقليل وله من العمر مائة وثمان وعشرون سنة بل أزيد" وكان يحدث عن الفخر بن البخاري بإجازته العامة كما يفيده كلام المؤلف وسمع منه بها الجمال بن موسى المراكشي ورفيقه الموفق الأبي كما في الضوء اللامع. "الطهطاوي".
٥ نسبة إلى دارقز بفتح القاف وتشديد الزاي محلة ببغداد على ما في معجم البلدان.
1 / 53
إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الصريفيني وأحمد بن محمد بن أحمد بن النقور البزار قالا: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن إسحاق بن حبان١ قال الصريفيني: تلقينًا٢ زاد فقال: وأبو حفص عمر بن إبراهيم الكناني المقري كذلك قالا: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال: حدثنا طالوت بن عباد قال: حدثنا فضالة بن جبير٣ قال: سمعت أبا أمامة الباهلي ﵁ يقول: سمعت سيدنا رسول الله ﵌ يقول: "اكفلوا لي بست أكفل لكم بالجنة: إذا حدث أحدكم فلا يكذب، وإذا أؤتمن فلا يخن، وإذا وعد فلا يخلف، غضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم، واحفظوا فروجكم" ويقع لنا هذا الحديث بهذا العلو متصلا بالسماع فيما سمعته على الحافظ أبي حامد القرشي قال: أخبرنا عمر بن الحسن ومحمد بن أحمد بقراءتي على كل منهما ح وأنبأنا به أعلى من هذا سليمان قالوا: أخبرنا علي قال -شيخنا عمومًا- قال: أخبرنا أبو المعالي بن أبي القاسم والخضر بن كامل وعمر بن محمد وداود بن أحمد قال عمر: أخبرنا أبو الفضل الأرموي زاد عمر فقال: وأبو بكر بن دحروج وأبو غالب بن قريش٤ وأبو بكر بن الحاسب وأبو بكر بن شقير ٥ ح وقال الخضر: وأبو المعالي أخبرنا أبو الدر ياقوت قالوا: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد الصريفيني قال: حدثنا أبو طاهر المُخلِّص٦ املاءً ح وقل الأرموي أخبرنا أبو الحسن ياسين٧ قال: أخبرنا
_________
١ وصوابه "أبو القاسم عبيد الله بالتصغير ابن محمد بن إسحاق بن حبابة" أي المعروف بابن حبابة بحاء مهملة مفتوحة وباءين موحدتين مخففتين بينهما ألف وبعدهما هاء تأنيث. وهو مسند بغداد وشيخ الحنابلة في زمانة بها وصاحب أبي القاسم البغوي وراوي الجعديات عنه، وكانت وفاته سنة ٣٨٩ كذا يستفاد من مشيخة الفخر بن البخاري وطبقات الحفاظ للحافظ الذهبي وكتاب المشتبه له والقاموس وغير ذلك. "الطهطاوي".
٢ يعني مشافهة من لفظه لا سردًا وعرضًا عليه.
٣ وصوابه "فضال" ففي القاموس فضال كشداد بن جبير التابعي ا. هـ. وفي ميزان الاعتدال ولسانه فضال بن جبير صاحب أبي أمامة ا. هـ. ولم يذكروه فيمن اسمه فضالة بالفتح ولا فيمن اسمه فضاله بالضم. "الطهطاوي".
٤ وهو أبو غالب محمد بن أحمد بن قريش كما جاء في أسانيد التقي بن تيمية. "الطهطاوي".
٥ والذي في أسانيد تقي الدين بن تيمية في شيوخ ابن طبرزذ أبو بكر أحمد بن الأشقر الدلال ا. هـ. وهو أبو بكر أحمدب نب علي بن عبد الواحد المعروف بابن الأشقر الدلال البغدادي "المتوفى سنة ٥٤٢". "الطهطاوي".
٦ بضم الميم وفتح الخاء وكسر اللام المشددة وفي آخرها الصاد، وهذا الاسم لمن يخلص الذهب من الغش واشتهر به أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن البغداي المتوفى سنة ثلاث وتسعين وثلثمائة ذكره ابن السمعاني في الأنساب.
٧ والصواب "أبو الحسن بن ياسين" ففي مشيخة الفخر بن البخاري أخبرنا أبو البركات داود بن أحمد بن محمد بن ملاعب الوكيل. أخبرنا القاضي أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي ببغداد. أخبرنا أبو الحسن جابر بن ياسين بن الحسن بن محمويه الحنائي. أخبرنا أبو حفص عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير الكتاني. أخبرناأبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ا. هـ. وهؤلاء الخمسة مذكورون في السند الذي ساقه المؤلف. وفي كتاب المشتبه للحافظ الذهبي في حرف الجيم وجابر بن ياسين الحنائي عن أبي حفص الكتاني مشهور ا. هـ. أبو الحسن جابر بن ياسين بن الحسن بن محمد بن محمد بن أحمد بن محمويه بن خالد العسكري الحنائي العطار البغدادي "المتوفى في شوال من سنة ٤٦٤" ومحمويه في نسبه بميم مفتوحة وحاء مهملة ساكنة وميم مضمومة، هذا هو الصحيح وذكره ابن السمرقندي حمويه بلا ميم في أوله. والكتان بالمثناة الفوقية المشددة كما يعلم من كتاب المشتبه للحافظ الذهبي في حرف الكاف. "الطهطاوي".
1 / 54
أبو حفص الكناني قال: والمخلص أخبرنا أبو القاسم البغوي فذكره غريب من هذا الوجه قال أبو حاتم: طالوت بن عباد صدوق وقال الذهبي في كتابه: الميزان شيخ معمر لا بأس به، قال ابن الجوزي: ضعفه علماء أهل النقل وتعقبه الذهبي بقوله: وإلى الساعة أفتش فما وقعت بأحد ضعفه وقال -أعني الذهبي فضالة بن جبير- قال ابن عدي: أحاديثه غير محفوظة وقال -أعني الذهبي-: روى عنه طالوت بن عباد ومحمد بن عرعرة وعبد الرزاق بن غياث قال: أبو حاتم لا يحل الاحتجاج به بحال يروي أحاديث لا أصل لها، والله تعالى أعلم.
القطب بن القسطلاني ١ محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن أحمد بن الميمون التوزري الأصل المكي الدار القاهري المنزل والوفاة الإمام العلامة الحافظ أبو بكر عمدة السالكين وقدوة الناسكين بقية العلماء العاملين:
أحد من جمع العلم والعمل والورع والهيبة نظر في فنون من العلم فبرع فيها وعني بهذا الشأن فحصل جملة بالسماع والإجازة ولد بمكة المشرفة في سن أربع عشرة وستمائة وسمع بها من والده وعلي بن البناء الشهاب السهروردي ولبس منه خرقه التصوف وغيرهم من شيوخها والقادمين إليها، ورحل في سنة تسع وأربعين وستمائة فسمع ببغداد ومصر والشام والجزيزة جمعًا جمًّا من أصحاب ابن عساكر والسلفي وغيرهم، تفقه وأفتى وطلب إلى القاهرة من مكة وتولى بها مشيخة دار الحديث الكاملية، ذكر الحافظ أبو الفتح بن سيد الناس في أحفظ من لقيه في أجوبته عن مسائل ابن أبيك فقال: فيما كتب به إليَّ. الشيخ المعمرم أبو عبد الله محمد بن حسين٢ بن علي القرشي الفَرسيسي٣ المصري منها في سنة سبع وثمانمائة٤ وشافهتني به المسندة الأصيلة أم محمد رقية ابنة يحيى بن مزروع المدنية بها
_________
١ نسبة إلى قسطلينة من إقليم إفريقية ذكره ابن فرحون المالكي في الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب عند ترجمة أبي أحمد بن علي بن محمد القيس المالكي المعروف بابن القسطلاني.
٢ والذي في معجم الحافظ ابن حجر والضوء اللامع وغيرها "ابن حسن" وسيأتي للمؤلف ما يوافقه في الصفحة "٨٠" والصفحة "٨٨" والصفحة "٩٣". "الطهطاوي".
٣ بفتح الفاء ومهملات على ما في أنساب الضوء اللامع.
٤ لعل كتابة أبي عبد الله الفرسيسي للمؤلف كانت في سنة ست أو فيما قبلها فإن أبا عبد الله الفرسيسي المذكور توفي في رجب من سنة ست وثمانمائة كما في معجم الحافظ ابن حجر والضوء اللامع وغيرهما، وكما سيأتي للمؤلف عقب ترجمة الحافظ العراقي في الصفحة "٢٣٥" وفي التعليقات هناك تنبيه على ذلك. "الطهطاوي".
1 / 55
في شوال سنة اثنتي عشرة وثمانمائة قال: الفرسيسي -إن لم يكن سماعًا: إنه كان ممن نظر في العلوم فبرع في علائها بحرًا وطلع في سمائها بدرًا وشارك في فروع الفقه وأصوله وخاض في معقول العلم ومنقوله وعني بطلب الحديث أحسن عناية فحصل بالسماع والإجازة على كثير من الرواية، وكلف بالأدب فدرت عليه ديمته وجادت له بما شاء شيمته، ثم أخذ في طرق التصوف والتسلك والتعرف بأرج سلفه الصالح والتمسك فقاضت عليه عوارفها فاجتنى غروسها يانعة واجتلى شموسا طالعة وجمع في ذلك مجموعات وأوضح في مجلسه موضوعات، إلى أن قال: ولي دار الحديث الكاملية فقام بها أحسن قيام ولم يزل معظما عند الخاص والعام متصديًّا لإبلاغ السنن وإسباغ المنن قائما بقضاء الحاج على أحسن منهاج من إرفاد مسترقد وإنجاد مستنجد والتفريج عن مكروب والتعريج على أكرم مطلوب، تلقاه بما شئت من أريحية وسجية سخية باٍد فضلها وطريقة مثلى لم يُرَ مثلها إلى أن تم حمامه وانقطع من الحياة زمامه فقضى وغص بجنازته الفضا، ولم يشهد الناس مثل يومه مشهدًا ولا وردوا كثرة مثل نعيه موردًا، وذلك في ليلة الثامن والعشرين من المحرم سنة ست وثمانين وستمائة، ودفن -رحمة الله تعالى عليه- بسفح المقطم، حضرت جنازته والصلاة عليه انتهى.
وفي هذه السنة توفي بمصر قاضي القضاة برهان الدين أبو محمد الخضر بن الحسن بن علي السنجاري الزرزاري الشافعي في صفر، وبدمشق أحد ظرفاء العالم الأديب شرف الدين سليمان بن نتيمان بن أبي الجيش الإربلي الشاعر المشهور في عاشر صفر عن تسعين سنة١ ومسند الوقت عز الدين أبو العز عبد العزيز بن عبد المنعم بن علي بن نصر بن الصيقل الحراني في رابع عشر شهر رجب وقد جاوز التسعين، وشهاب الدين أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد بن حمزة بن علي بن الحُبوبي٢ البعلي٣ الدمشقي الشاهد في شهر رجب، وبمصر الخطيب٤ الحاذق الأديب عماد الدين أبو
_________
١ وفي فوات الوفيات: وله سبعون سنة أو أزيد.
٢ بضم الحاء وبالموحدتين وهو والد المسند إبراهيم بن علي بن حمزة بن الحُبوبي البعلي الدمشقي الفراش نزيل مصر المتوفى سنة ٧٠٨ عن ثمانين سنة، يروي عن ابن اللتي وغيره بالسماع وعن محمد بن عبد الواحد وغيره بالإجازة، وحدث بمصر والشام، ويتكرر ذكر سبطه في الأسانيد.
٣ والذي في معجم الحافظ الذهبي في ترجمة ابنه "الثعلبي" بثاء مثلثة وعين مهملة ولام بعدها باء موحدة وهو الذي يفيده كلامه في كتاب المشتبه في حرف المثناة الفوقية. "الطهطاوي".
٤ قال الطهطاوي: والظاهر أن فيه تحريفًا والصواب "الطيب الحاذق" كما عبر صاحب الشذرات فإنه كان طبيبًا حاذقًا قرأ الطب حتى برع فيه وصنف المقالة المرشدة في درج الأدوية المفردة ونظم أرجوزة في الدرياق الفاروق، وله فيه غير ذلك وترجم له ابن أبي أصيبعة في طبقات الأطباء ولم يكن خطيبًا نعم كان أبوه خطيبًا بدنيسر كما في فوات الوفيات.
1 / 56
عبد الله محمد بن عباس بن أحمد الريفي١ الدنيصري٢ في ثامن صفر ومولده ببلبيس٣ سنة ست وستمائة، وبدر الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك الجياني الدمشقي في ثامن المحرم ولم يتكهل، وجمال الدين أبو صادق محمد بن يحيى بن علي القرشي العطار المصري في شهر ربيع الثاني وله بضع وستون سنة.
شافهتني المسندة أم محمد رقية بنت يحيى بن مزروع المدنية بها وكتب إلى المعمر أبو عبد الله محمد بن حسن بن علي القرشي الفَرسيسي المصري منها قالا: أنبأنا الحافظ أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله اليعمري قال: أخبرنا الإمام قطب الدين أبو محمد أحمد القسطلاني قال: أخبرنا المشايخ الحافظ أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج محمد بن علي الحضري٤ وابنه أبو عبد الرحمن محمد أبو المحاسن فضل الله وأبو صالح نصر ابنا ابن عبد القادر الجيلي٥ وأبو السعادات عبد الله بن عمر بن أحمد بن كرم البُندَنيجي٦ بقراءتي عليهم ببغداد سوى الأول والرابع فإجازة قالوا: أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله بن شاقيل٧ سماعًا إلا عبد الرحمن فقال -حضورًا في الثالثة- قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن بن الباقلاني قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن عبد الله بن الحسين المحاملي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن محمد بن أحمد بن مالك البزار قال: أخبرنا
_________
١ "الريفي" بمثناة تحتية وفاء والذي في ترجمتة من طبقات الأطباء وشذرات الذهب "الربعي" بالموحدة والعين المهملة والظاهر أنه الصواب. "الطهطاوي".
٢ وعبارة غيره الدنيسري وفي القاموس دنيسر بضم الدال المهملة وفتح النون والسين المهملة بلدة قرب ماردين ا. هـ. وهي من نواحي الجزيرة كما في معجم البلدان ويقال: لها دنيصر بإبدال السين صادًا. "الطهطاوي".
٣ والظاهر أن فيه تحريفًا من ناسخ والصواب "بدنيسر" كما في عبارة طبقات الأطباء وفوات الوفيات وشذرات الذهب. "الطهطاوي".
٤ بضم الحاء المهملة وسكون الصاد. مشتبه الذهبي.
٥ وهما ابنا تاج الدين أبي بكر عبد الرزاق بن القطب أبي محمد عبد القادر الجيلي -رضي الله تعالى عنه-. وأولهما وهو أبو المحاسن فضل الله توفي ببغداد في جمادى الآخرة من سنة ٦٥٦ عن ٨٢ سنة. وثانيهما هو قاضي القضاة عماد الدين أبو صالح نصر المتوفى في شوال من سنة ٦٣٣ عن ٦٩ سنة، وهو أول من دعي بقاضي القضاة من الحنابلة. "الطهطاوي".
٦ بضم الموحدة وسكون النون وفتح الدال المهلمة وكسر النون وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها الجيم نسبة إلى بندنيج بلدة قريبة من بغداد على ما ذكره ابن السمعاني في الأنساب.
٧ وصوابه "ابن شاتيل" بمثناة فوقية بعد الألف وهو مسند العراق أبو الفتح وأبو القاسم عبيد الله بن عبد الله بن محمد بن نجا بن شاتيل البغدادي الحنبلي الدباس "المتوفى في رجب من سنة ٥٨١ عن ٩٠ سنة". "الطهطاوي".
1 / 57
أبو الأحوص محمد بن الهيثم بن حماد العكبري قال: أخبرنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة ﵁ قال: قال: سيدنا رسول الله ﷺ: "إذا وطئ أحدكم الأذى بخفيه فطهورهما التراب" رواه أبو داود في سننه عن أحمد بن إبراهيم عن محمد بن كثير به فوقع لنا بدلًا منه ولله الحمد.
أبو اليمن ابن عساكر عبد الصمد بن عبد الوهاب بن الحسن بن محمد بن هبة الله ابن عبد الله بن الحسين بن عساكر الإمام العلامة الحافظ الزاهد أمين الدين الدمشقي ثم المكي:
مولده في سنة أربع عشرة وستمائة وكان قوي المشاركة في العلوم لطيف الشمائل بديع النظم خيرا صالحا صاحب صدق وتوجه، اعتنى من صغره بالعلم خصوصا الحديث، وأخذ عن جده والحسين الزبيدي والمرفق بن قدامة وغيره وأجاز له جمع منهم عبد الرحيم بن السماني والمؤيد الطوسي وأبو روح الهروي، وله التآليف الحسنة منها الخلق الداثر والمقيم السائر وفضائل أم المؤمنين خديجة ﵂ وجزء فيه أحاديث عبد الفطر وجزء في فضل شهر رمضان وجزء في فضل حراء، انقطع بمكة المشرفة نحوًا من أربعين سنة ومات بالمدينة الشريفة -على الحالِّ بها أفضل الصلاة والسلام- في جمادى الأولى سنة ست وثمانين وستمائة -رحمه الله تعالى.
أخبرنا سيد والدي المرحوم أبو النصر محمد بن أبي الخير محمد بن فهد الهاشمي -رحم الله تعالى مثواه وبلغه من ثواب أعماله الصالحة مأواه: وجمع مشافهة وكتابة عن الإمام أبي العباس أحمد بن علي بن يوسف الحنفي أن الحافظ أبا اليمن عبد الصمد بن عبد الوهاب أنبأه قال: قال قرأت على الشيخ أبي محمد عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم السلمي وآخرين بالقاهرة المعزية وأبي العباس أحمد بن عبد الله المقدسي عرف بصاحب البدوي بيت المقدس، وقرأت بعلو درجة على الخطيب أبي بكر بن الحسن الأرموي١، قلت له: أخبرك الخطيب أبو الفتح محمد بن إبراهيم البكري؟ قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد الوهاب الحسيني وأبو الفضل عبد الرحيم بن يوسف بن يحيى الموصلي قالوا: أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر الدارقَزّي قال الموصلي -وأنا حاضر- قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد الشيباني قال: أخبرنا أبو طلب محمد بن إبراهيم بن غيلان البزار قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي قال: أخبرنا محمد بن عبيد الله هو ابن إدريس قال: حدثنا يزيد
_________
١ قال: الطهطاوي: وصوابه "الأموي" لأن المقصود به خطيب المدينة المنورة وقاضيها زين الدين أبو بكر بن الحسين المراغي ثم المدني وهو أموي عثماني.
1 / 58
قال: أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة ﵁ عن النبي -صلي الله عليه وسلم- قال: "ل اتشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي والمسجد الحرام والمسجد الأقصى" ١ حديث صحيح اتفق الشيخان على إخراجه في صحيحيهما ووقع لنا عاليًا ولله الحمد.
ابن قريش إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الرحمن المخرومي المصري تاج الدين أبو الطاهر الإمام العالم الجليل:
كان ذا معرفة وفهم روى عن ابن المُقير٢ وجعفر الهمداني وطبقتهما، وصفه الحافظ ابن سيد الناس في أجوبته لابن أيبك لما سأله عن أحفظ من لقي فقال: وممن روينا عنه من أهل هذا الشأن ممن سمع وكتب وجدّ في الطلب، ثم قال: كان ممن حصل الرواية والدراية والإسناد واجتهد في ذلك أي اجتهاد! كتب الكثير بخطة ولا بأس بمقابلته وضبطه وله معرفة بهذا الشأن وتقدم فيه على بعض الأقران، إلى أن قال: كان هذا الشيخ ممن قنع بالكفاف وأنف عن تناول الصدقات والأوقاف له بغلة ملكه غني عن التقلب في طلب الرزق والعنا، لم يزل حلف بيته يفيد السنة والأثر إلى أن مضي لسبيله مشكور السعي محمود الأثر، انتهى -وذلك فجأة- في السابع والعشرين من شهر رجب سنة ٦٩٤ ودفن بالقرافة -رحمه الله تعالى.
ومات في هذه السنة غير من تقدم في ترجمة المحب الطبري الفقيه المحقق الجمال أبو العباس أحمد بن عبد الله الدمشقي في شهر رمضان وله قريب من ستين سنة وكان فقيهًا ذكيًّا مناظرًا بصيرًا بالطب، وأبو القاسم عبد الصمد ابن الخطيب عماد الدين عبد الكريم ابن القاضي جمال الدين بن الحرستاني٣ في شهر ربيع الآخر عن خمس وسبعين سنة، وشيخ الأطباء خطيب النيرب مجد الدين أبو محمد عبد الوهاب بن أحمد بن سحنون الحنفي في ذي القعدة، وبمصر أبو الحسن علي بن عثمان بن يحيى الصنهاجي اللمتوني٤ الشواء أمين السجن في ذي القعدة وقد جاوز التسعين، وأبو الخطاب محفوظ بن عمر بن أبي بكر بن خليفة بن الحامض٥ البغدادي التاجر في يوم الأضحى، وبمكة قاضيها جمال الدين محمد
_________
١ رواه البخاري في الصلاة في مسجد مكة باب ١، ٦. ومسلم في الحج حديث ٤١٥، ٥١١.
٢ هو أبو الحسن علي بن الحسين بن علي بن محمد بن منصور ابن المُقير- بضم الميم وفتح القاف وكسر آخر الحروف مشددة أواخره، رأى البغدادي الحنبلي كما ذكره مسند الشام ومقرئه البرهان ابن كسباي العمادي في أسانيده في كتاب الصمت، وعن خطه نقله حامد العمادي في ثبته علي ما رأيت ذلك بخطه.
٣ بمهملات بفتحتين وإسكان الثالثة وبالمثناة الفوقية نسبة إلى حرستا بغوطة الشام معروفة.
٤ نسبة إلى لمتونة قبيلة من البربر.
٥ ويلقب به آخران ذكرهما الحافظ ابن حجر في "نزهة الألباب في الألقاب" الذي سنهيئه للطبع إن شاء الله.
1 / 59
ابن الحافظ محب الدين أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم الطبري الشافعي، وبنابلس قاضيها جمال الدين محمد بن سالم بن يوسف بن صاعد القرشي المقدسي الشافعي في شهر ربيع الآخر وله أربع وسبعون سنة، وبحماة الصاحب جمال الدين أبو غانم محمد بن الصاحب كمال الدين عمر بن أحمد بن العقيلي الكاتب الحلبي في أول أيام التشريق عن ستين سنة١، وباليمن ملكها المظفر يوسف بن المنصور إلياس بن محمد بن سعيد الرسعني الحنبلي -رحمه الله تعالى.
الفاروثي أحمد بن إبراهيم بن عمر بن الفرج الواسطي الشافعي المقري الصوفي الإمام العلامة شيخ العراق عز الدين أبو العباس:
ولد بفاروث٢ في سادس عشر ذي القعدة سنة أربع عشرة وسبعمائة وكان إماما عالما متقنا متضلعا من العلوم والآداب حسن التربية للمريدين، قرأ القرآن على أصحاب ابن الباقلاني وروى عن عمر بن كرم وأبي حفص عمر بن محمد البكري السهروردي ولبس منه الخرقة ومن أبيه وطبقتهما وعن عدة من أصحاب أبي الفتح بن البطي وأبي الوقت وأمثالهما كالإمام أبي طالب عبد الرحمن بن محمد بن عبد السميع الهاشمي وأبي القاسم علي بن أبي الفرج بن الجوزي وأبي الحسن علي بن أبي الفرج بن معالي بن كُبَّة٣ البصري وأبي محمد الأنجب ابن أبي السعادات الحمامي وأبي طالب عبد اللطيف بن محمد بن علي بن القبيطي وأبي الخير كاتب يحيى بن سليمان بن أبي البركات الصواف وزهرة بنت محمد بن أحمد بن حاضر، جاور بمكة مدة ثم انتقل منها في سنة إحدى وتسعين إلى دمشق فروى بها الكثير وأقرأ القراآت وولي بها الخطابة بالجامع الأموي مدة ثم صرف عنها فسافر مع الحاج ودخل العراق وأجاز له جمع منهم الشريف أبو طالب عبد الرحمن بن محمد بن عبد السميع الهاشمي وأبو الفضل محمد بن الحسن بن السباك٤ وأبو محمد الحسين بن علي بن رئيس الرؤساء وأبو منصور سعيد بن محمد بن تاشين، ذكره الحافظ أبو الفتح محمد بن سيد الناس في من لقيه من الحفاظ فيما أجاب به ابن أبيك قال: ثم دخلت دمشق في حدود سنة تسعين وستمائة فألفيت بها الشيخ الإمام شيخ المشايخ ومن له في كل فضل اليد الطولى والقدم الراسخ، إلى أن قال: كان ممن قرأ القرآن بالحروف وازدحم الناس على القراءة عليه والفوز بما لديه وطلب الحديث قديما ولم يزل لذلك مديما وللسنة النبوية
_________
١ وهو ابن العديم المعروف، قال: الصفدي توفي سنة ٦٩٥.
٢ فاروث من قرى واسط.
٣ بضم الكاف وفتح الموحدة المشددة.
٤ المتوفى سنة ست وثلاثين وستمائة.
1 / 60
خديمًا حتى لقد سمعت بقراءته بدمشق على ابن مؤمن وابن الواسطي قطعة كبيرة من المعجم الكبير لأبي القاسم الطبراني وربما قرأت عليه وعلى ابن الواسطي شيئا مما اشتركا فيه من الروايات العراقيات عن عمر بن كرم والسهروردي وأمثالهما ثم قال: ولم يرزق في سماعه القديم حصولًا على الغرض ولا وصولًا إلى العالي بطريق العرض ومع ذلك فكانت عنده فوائد غريبة ومرويات من العوالي كثيرة، إلى أن قال: وكان في التذكير مقدما وبالمواعظ الحسنة مُعلِّمًا تنسلي١ إليه معاني الأدب في مواعظة وغيرها من كل حدب، سجية عراقية تمازج النسيم وتعطر أسحارها من أشجارها على كل شميم يرتجلها كيف يشاء ولا يؤجل الأشياء، ناولته يومًا استدعاء إجازة ليكتب عليه فكتب مرتجلًا:
أجزت لهم رواية كل شيء ... سماعا كان لي أو مستجازا
وما نُوْوِلْته أيضًا إذا ما ... توخوا في روايته احترازا
وما قد قلته نظما ونثرًا ... فقد أضحى الجميع لهم مجازا
وكان -رحمه الله تعالى- كبير الإيثار لا يبقى معه درهم ولا دينار، بلغني أن تاجرًا يعرف بابن السويقي كان يبعث إليه كل عام ألف دينار فيفرقها في أيسر زمان ينفقها قبل أن تستقر في الفقراء والإخوان، إلى أن قال: ولم يزل على منهاج ليس له من هاج حتى مضى لسبيله وقضى -ولم يترك مثله في جيله- وذلك في مستهل ذي الحجة سنة أربع وتسعين وستمائة بواسط القصب من أرض العراق -رحمه الله تعالى.
أخبرنا الشيخ المسند بدر الدين أبو عبد الله محمد بن حسن بن علي القرشي وشافهتني المسندة أم الخير رقية بنت يحيى بن عبد السلام بطابة٢ أن الحافظ أبا القاسم محمد بن محمد بن محمد أباح لهما قال: أخبرنا الإمام أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن عمر الواسطي بقراءتي عليه قال: أخبرنا الإمام أبو حفص عمر بن محمد السهروردي وجماعة سماعا وأبو الفضل محمد بن محمد بن الحسن السباك وغيره إجازة ح وشافهنا عاليًا بدرجة المعمر مسند الآفاق إبراهيم بن محمد أبو إسحاق عن أحمد بن أبي طالب٣ سماعًا قال:
_________
١ قال الطهطاوي: والصواب "تنسل" أي تسرع كما في قوله تعالى: ﴿وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُون﴾ أي يسرعون من موضع مرتفع.
٢ طيبة وطابة من أسماء مدينة النبي ﷺ معجم البلدان.
٣ هو المسند المشهور أبو العباس الحجار الديرمقرني نسبة إلى دير مقرن قرية على ظهر عين الفيجة بوادي بردى من أعمال دمشق لا إلى دير مقري مسجد بضواحي صالحيتها كما توهمه أبو المفاخر عبد القادر بن محمد النعيمي وضبطه بالديرمقري ثم الصالحي الحنفي الشهير بابن الشحنة ذكره الحافظ الشمس ابن طولون في سند البخاري من الفهرست الأوسط له.
1 / 61
أخبرنا ناصر بن مسعود بن قطلو وعدة أذنا أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي قال: أخبرنا أبو عبد الله مالك بن أحمد بن علي البانياسي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت المحبر١ قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي قال: حدثنا أبو سعيد الأشج قال: حدثنا أبو خالد عن يزيد بن سنان عن أبي المنذر عن عطاء بن أبي رباح عن أبي سعيد ﵁ قال: أحبوا المساكين؛ فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول في دعائه: "اللهم أحيني مسكينًا وأمتني مسكينًا واحشرني في زمرة المساكين" أخرجه ابن ماجه في الزهد من سننه عن أبي سعيد الأشج وأبي بكر كليهما عن أبي خالد كما سقنا فوقع لنا موافقة له وبدلًا عاليًا ولله تعالى الحمد والمنة.
عز الدين الحسيني نقيب الأشراف أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسيني الحلبي ثم المصري عز الدين أبو القاسم الإمام الحافظ النسابة المفيد:
ولد في آخر ليلة العشرين من شوال سنة ست وثلاثين وستمائة وكان ذا فضل وأدب مؤرخًا حافظًا عني بهذا الشأن وبالغ فلقي عدة من أصحاب البوصيري وأكثر عنهم وروى عن فخر القضاة أحمد بن الجباب٢، ذكره الذهبي في العبر فقال: الحافظ المؤرخ وقال ابن سيد الناس في أجوبته لمسائل ابن أبيك: السيد الإمام الحافظ النسابة ثم قال: ممن جمع بين التالد والطارف وتفرد من فنون هذا الشأن بمعارف وردت بحره وحاضرته في عنفوان الشبيبة غير مرة، سمع من فخر القضاة ابن الجباب٢، إلى أن قال: وحدّث أيضًا عن أبيه وكان ذا قدر نبيه. سمع منه ابن الظاهري وغيره يعرف بتاج الشرعية ثم نال في صناعة الحديث من ذوي الطول حسن الحظ صادق القول ذيل على وفيات شيخه المنذري٣ فأجاد وسبق إلى أمد الإحسان سبق الجواد.
_________
١ وصوابه "المجبر" بالجيم على صيغة اسم الفاعل من التجبير كما يعلم من كتاب المشتبه للحافظ الذهبي ومن القاموس وشرحه في فصل الجيم من باب الراء. وهو لقب مسند بغداد أبي الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن القاسم بن الصلت بن الحرث بن مالك القرشي العبدي الأهوازي ثم البغدادي "المتوفى سنة ٤٠٥ عن ٩١ سنة" وهو شيخ مالك البانياسي وتلميذ الأمير أبي إسحاق الهاشمي كما جاء في السند الذي ذكره المؤلف "الطهطاوي".
٢ وصوابه "ابن الجباب" بجيم مفتوحة وموحدتين أولاهما مشددة. وكذا يقال: فيما سيأتي في السطر التاسع من الصفحة ٩٣ وهو فخر القضاة عز الدين أبو الفضل أحمد بن محمد بن القاضي أبي المعالي عبد العزيز بن الحسين بن عبد الله بن أحمد التميمي السعدي المصري المعروف كسلفه بابن الجباب "المتوفى سنة ٦٤٨ عن ٨٧ سنة" والجباب لقب جده الأعلى عبد الله بن أحمد لجلوسة في سوق الجباب كما يعلم من القاموس وشرحه في فصل الجيم من باب الباء الموحدة ولعله كان يبيعها. "الطهطاوي".
٣ وذيله هذا على "التكملة لوفيات النقلة" لشيخه الحافظ المندري معروف ومن أجله شهر بالمؤرخ وأقروا له بالإجادة.
1 / 62
ولم يزل للمذاكرة بالعلم متصديًا وللثقة والأمانة متحريًا ولي نقابة السادة الأشراف والنظر على مالهم من الأوقاف، وكان محمود الأثر مشكور الورد والصدر وكان بأنسابهم عالما وبضبط أحوالهم قائما، أخبرني والدي -رحمه الله تعالى- أنه كان جالسًا معهم حين ورد عليه المرسوم بهذه التولية فأنشده ارتجالًا على سبيل التهنئة:
أنصف الدهر غاية الإنصاف ... فهنيئا للسادة الأشراف
بإمام حوى فنون المعالي ... من بني هاشم بن عبد مناف
وذكر لي أبياتًا لم يبقَ على ذهني منها إلا ما أثبته. انتهى. مات في ليلة الثلاثاء السادس من المحرم سنة خمس وتسعين وستمائة وكان الجميع في الصلاة عليه متوافرين ودفن بقرافة سارية رحمه الله تعالى.
وفي هذه السنة توفي بالقاهرة في صفر شيخ الفقهاء الحنابلة العلامة الكبير نجم الدين أبو عبد الله أحمد بن حمدان بن شبيب بن حمدان الحراني الحنبلي عن اثنتين وتسعين سنة، والمقري أبو الفضائل أحمد بن عبد الرحمن بن محمد الحسيني الدمشقي خادم المصحف بمشهد علي بن الحسين في ذي الحجة، والشيخ أبو العباس أحمد بن عبد الهادي١ الصعيدي في أوائل السنة وله ثلاث وثلاثون سنة٢، وتاج الدين الحسن بن أحمد بن بندار الهمذاني الصوفي مع الشريف عز الدين في الليلة التي توفي فيها وصلى عليه من الغد، وقاضي الحنابلة الإمام شرف الدين الحسن بن عبد الله ابن الشيخ أبي عمر بن قدامة المقدسي في شوال عن سبع وخمسين سنة، والزاهدة أم محمد زينب بنت علي بن أحمد بن فضل الواسطي في المحرم وقد ناطحت التسعين، والتقي شبيب بن حمدان٣ بن شبيب بن حمدان الحراني الكحال الطبيب الشاعر، وسحنون العلامة أبو القاسم عبد
_________
١ والذي في حسن المحاضرة وشذرات الذهب "ابن عبد الباري" في شرح ألفية العراقي للشمس السخاوي في مبحث الإجازة العامة. وهو صعيدي الأصل إسكندري النشأة أخذ عن علمائها. "الطهطاوي".
٢ والذي في حسن المحاضرة وشذرات الذهب "ثلاث وثمانون سنة" وهو الصواب لأنه كما هو مذكور في ترجمته أخذ القراآت عن أبي القاسم عيسى بن مكي العامري المصري وروى عن أبي الفضل جعفر بن علي بن هبة الله الهمداني الإسكندري والجمال أبي القاسم عبد الرحمن بن عبد المجيد بن إسماعيل المعروف بابن الصفراوي الإسكندري وقد توفي الأول سنة تسع وأربعين وستمائة والثاني والثالث سنة ست وثلاثين وستمائة. "الطهطاوي".
٣ وهو أخو نجم الدين أحمد بن حمدان السابق ذكره وقد توفي بعده بنحو شهرين لأنه توفي في شهر ربيع الآخر من السنة المذكورة وهو في عشرة الثمانين، والأول توفي في سادس صفر منها. "الطهطاوي".
1 / 63
الرحمن بن عبد الحليم بن عمران الأوسي الدكَّالي١ في رابع شوال وقد ناطح الثمانين، وقاضي القضاة تقي الدين عبد الرحمن بن علي بن أحمد بن القاضي الفاضل في شهر رجب مقارنًا للسبعين٢، ومحيي الدين عبد الرحيم بن عبد المنعم بن الدميري المصري في المحرم عن تسعين سنة؛ وهو آخر أصحاب الحافظ علي بن المفضل وأبي طالب بن حديد بالسماع، والإمام رضي الدين عبد الله بن محمد بن نصر بن رزين٣ في شهر رجب، والكمال أبو محمد عبد الله بن محمد بن نصر بن قوام بن وهب الرصافي ثم الدمشقي فجأة في ذي القعدة عن ثمانين سنة، والقاضي الجلال عبد المنعم بن أبي بكر بن أحمد الأنصاري الشافعي في شهر ربيع الآخر، والفقيه أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن سلطان التميمي الحنفي الإمام بمسجد البياطرة في شهر ربيع الأول عن ثلاث وثمانين سنة، والإمام تاج الدين محمد بن عبد السلام بن المطهر بن عبد الله بن أبي سعد بن أبي عصرون التميمي الشافعي وله خمس وثمانون سنة في شهر ربيع الأول، والشيخ شرف الدين محمد بن عبد الملك بن عمر اليونيني، والصاحب العلامة محيي الدين أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن إبراهيم بن أسد بن النحاس الحلبي عن إحدى وثمانين سنة وشهرين في آخر السنة، وشيخ القراء والصوفية الموفق أبو عبد الله محمد بن أبي العلاء بن علي بن مبارك الأنصاري النصيبي الشافعي في ذي الحجة مقاربًا للتسعين، والشيخ شرف الدين محمود بن أحمد بن محمد المقري، والعلامة زين الدين أبو البركات المنجا بن عثمان بن أسعد بن المنجا التنوخي الدمشقي الحنبلي في شعبان وله أربع وستون سنة، والمحدث الوجيه موسى بن محمد المقري٤ في جمادى الثانية، وأبو الفتوح نصر الله بن محمد بن
_________
١ بفتح المهملة وتشديد الكاف نسبة إلى دكالة بالمغرب وإليها ينسب عدة رجال في الكتاب.
٢ ولعله "مقاربًا" بالموحدة "الطهطاوي".
٣ والذي في حسن المحاضرة وشذرات الذهب صدر الدين عبد البر ابن القاضي تقي الدين محمد بن رزين. توفي بدمشق في رجب من سنة ٦٩٥ وللقاضي تقي الدين المذكور ابن آخر هو بدر الدين أبو البركات عبد اللطيف. توفي بالقاهرة في جمادى الآخرة من سنة ٧١ ولا يعلم له ابن ثالث. "الطهطاوي".
٤ والذي في شذرات الذهب "المحدث الوجيه موسى بن محمد النفري بكسر النون وفتح الفاء المشددة وراء نسبة إلى نفر بلد على النرس" أي بلد على نهر النرس من أعمال الكوفة. وقد ذكر الحافظ الذهبي في كتاب المشتبه أولا النفري بالضبط المذكور وذكر المعروفين به ثم ذكر النفري بفتح النون وسكون الفاء وقال: المحدث وجيه الدين موسى بن محمد النفري من طلبة مصر مات كهلًا ا. هـ. ولعله من بني نفر بطن من العرب وهو أحد من عني بمصر بالحديث وأكثر من أصحاب ابن طبرزذ. وفي حسن المحاضرة "الوجية الثغري" بالمثلثة والغين المعجمة وفيه تصحيف وتحريف الله أعلم.
1 / 64
عباس١ بن حامد الصالحي السكاكيني في سلخ شوال عن تسع وسبعين سنة، والعلامة رضي الدين أبو بكر بن عمر بن علي بن سالم القسطنطيني ٢ الشافعي في رابع عشر ذي الحجة وله ثمان وثمانون سنة، وأبو الغنائم بن محاسن بن أحمد بن مكارم الحراني عن إحدى وثمانين سنة في ذي الحجة.
أخبرنا الشيخ المعمر بدر الدين محمد بن حسن ب علي القرشي ويعرف بالفرسيسي وغيره كتابة عن الإمام الحافظ أبي الفتح محمد بن محمد اليعمري المصري قال: أخبرنا الإمامان الحافظان أبو القاسم أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسيني وأبو العباس أحمد بن محمد الظاهري وغيرهما بقراءتي على كل منهم قالوا: أخبرنا فخر القضاة أبو الفضل أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن الجباب ح وشافهنا عاليًا بدرجة إبراهيم بن محمد بن إسحاق الصوفي عن أحمد بن أبي طالب الحجار أن جعفر بن علي المقري أنبأه قالوا: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: جعفر أذنا إن لم يكن سماعًا قال: أخبرنا أبو مطيع محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز المصري بأصبهان قال: أخبرنا أبو سعيد الحسن بن علي بن سهيل الغزنوي قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر الهمداني قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا أبو سعيد الأشج قال: حدثنا أبو خالد الأحمر عن سعيد٣ بن طارق عن ربعي عن حذيفة ﵁ قال: "أتى الله ﷿ بعبد من عباد الله جل وعلا أتاه الله ﷿ مالًا فقال له: ماذا عملت في الدينا؟ قال: ولا يكتمون الله حديثًا. قال: يارب آتيتني مالًا فكنت أبايع الناس، وكان من خلقي الخوار ٤ فكنت أيسر على الموسر وأنظر المعسر فقال الله ﷿: أنا أحق به منك تجاوزوا عن عبدي" ٥ فقال عقبة بن عمرو ﵁ هكذا سمعناه من في رسول الله ﷺ أخرجاه في الصحيح ولله الحمد.
_________
١ والذي في معجم الحافظ الذهبي والمنهج الأحمد "ابن عياش" بالمثناة التحتية والشين المعجمة وقد ضبطه بذلك الحافظ ابن حجر في معجمه والشمس السخاوي في الضوء اللامع في ترجمة بعض أحفاد أبي الفتوح نصر الله المذكور في كلام المؤلف. "الطهطاوي".
٢ قال الطهطاوي: "وصوابه "القسنطيني" كما في معجم الحافظ الذهبي وبغية الوعاة وشذرات الذهب بضم القاف وفتح السين المهملة وسكون النون الأولي نسبة إلى قسنطينة وهي بلدة بالجزائر متاخمة لحدود ممكلة تونس. كان رضي الدين المذكور نزيل القاهرة ومن كبار أئمة العربية بها أخذها عن ابن معطٍ وابن الحاجب وتزوج بنت الأول. وأخذ عنه أبو حيان وغيره.
٣ قال الطهطاوي: وصوابه "سعد بن طارق" وهو أبو مالك الأشجعي الكوفي.
٤ قال الطهطاوي: وصوابه "الجواز" بالجيم المفتوحة والزاي أي التساهيل والتسامح في البيع والاقتضاء كما في نهاية الأثير.
٥ رواه البخاري في البيع باب ١٧، ١٨. ومسلم في المسافاة حديث ٢٧، ٣١.
1 / 65
الغرّافي علي بن أحمد بن عبد المحسن بن أبي العباس الحسيني الإسكندري السيد الشريف الإمام العلامة تاج الدين أبو الحسن:
كان فقيهًا إمامًا عالمًا ثقة مولده بعد العشرين وستمائة١ روى عن جماعة منهم أبو الحسن القطيعي وابن عمار وابن مهروز، تفرد ورحل إليه، قال الحافظ أبو الفتح بن سيد الناس في أجوبته لمسائل ابن أيبك عن أحفظ من لقي في وصفه: ثم دخلت الإسكندرية وكتبت بها في رحلتي الأولى وما بعدها عن زهاء مائة شيخ لم يكن منهم من يشار بالعلم إليه ويعول في المعرفة عليه إلا السيد الشريف الإمام العالم المحدث المفيد تاج الدين، إلى أن قال: فإنه كان ذا معرفة وإتقان وتقدم بين الأقران له أسانيد عليه ونظر في الفقه وأهلية، كان أبوه تاجرًا فرحل به صغيرًا وأسمعه كثيرًا وحصل له علما غزيرا بنقله من بلد إلى بلد ويسمعه خيار ما وجد عن أعيان ذوي السن والسند لعمري كان أبوه من أهل الاتفاق في الانتقاء والمعرفة بتلك التي ترقيه أعلى مرتقى أسمعه ببغداد وحلب ودمشق ومصر والقاهرة والإسكندرية وغير ذلك من البلاد ولم يفته عوالي الإسناد وأفاد من كل ذلك خيار ما ألفاه هنالك، ثم روى هو بعد ذلك وكتب ولم يخلُ من بعض الطلب وإنما انتفع بإسناده الأول ولم يكن له على غيره معول، كان شيخًا بدار الحديث البهية٢ على طريقة من الثقة والعدالة المرضية كتب عنه شيخنا أبو الفتح محمد بن علي القشيري وجماعة من الأكابر. انتهى. وكانت وفاته بالإسكندرية في السابع من ذي الحجة الحرام سنة أربع وسبعمائة وله ست وسبعون سنة.
وفيها مات بدمشق المعمر ركن الدين أحمد بن عبد المنعم بن أبي الغنائم الطاووسي كبير الصوفية في جماد الأولى وله مائة وسنتان وأشهر تسعة، وبالمدينة الشريفة -على الحالِّ بها أفضل الصلاة والسلام- سلطانها عز الدين بن جماز بن شيحة العلوي الحسيني وقد أضر وشاخ وبمصر عالمها العلم العراقي عبد الكريم بن علي الأنصاري المصري الشافعي المفسر وله نيف وثمانون سنة، وشيخ المغار٣ الضيا عيسى بن أبي محمد عبد الرزاق المغاري في شهر ربيع
_________
١ وقد جزم الحافظ الذهبي في معجمة بأنه ولد سنة ثمان وعشرون وستمائة ويوافقه قول المؤلف في آخر الترجمة: وله ست وسبعون سنة. "الطهطاوي".
٢ والذي في معجم الحافظ الذهبي "دار الحديث النبيهية بالثغر"، وكذا في الدرر الكامنة في ترجمة التاج الغرافي المذكور وترجمة أخيه عز الدين أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عبد المحسن الغرافي ثم الإسكندري فقد قال في ترجمة الأول: ولي مشيخة دار الحديث النبيهية بالإسكندرية، وقال في ترجمة الثاني: وولي مشيخة دار الحديث النبيهية بعد أخيه. "الطهطاوي".
٣ والذي في معجم الحافظ الذهبي وغيره أنه شيخ مغارة الدم فهو منسوب إليها وهي الموضع الذي قتل فيه قابيل أخاه هابيل من جبل قاسيون المشرف على دمشق والظاهر أن المؤلف قال: "وشيخ المغارة" كما عبر صاحب شذرات الذهب وغيره، وقلم الناسخ أسقط الهاء والله أعلم. "الطهطاوي".
1 / 66
الثاني وله ثمانون سنة، وبقاسيون الحاج محمد بن أحمد بن علي بن أحمد بن فضل الواسطي وله ثمانون سنة، وبدمشق كبير الذهبيين التقي أبو عبد الله وأبو الفضل محمد بن يوسف بن يعقوب الإربلي ثم الدمشقي سقط من السلم فمات في غزة رمضان، ومحمد بن الباجربقي ضربت عنقه بكفريات شهد عليه جماعة بها عند المالكي فحكم بقتله وإن تاب١ وبقرية أم عبيدة المعمر شيخ البطايحية تاج الدين بن الرفاعي وله شهرة كبرة وسن عالية.
ابن رُشيْد بضم الراء ٢ محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن أويس ٣ الفهري السبتي الإمام العلامة الحافظ عبد الله عالم الغرب:
سمع ببلده ثم ارتحل فسمع في رحلته بالإسكندرية من الشرف محمد بن عبد الخالق بن طرخان جامع الترمذي وبمصر من العز عبد العزيز بن عبد المنعم الحرّاني غالب البخاري بقراءته وباقيه سماعًا بقراءة غيره وغير ذلك عليه وعلى غيره، وبالشام من الفخر بن البخاري وعدة، وبالحجاز مكة والمدينة من جامعة، ذكره الذهبي في العبر فقال: عالم الغرب الحافظ العلامة. انتهى. توفي في المحرم سنة إحدى وعشرين وسبعمائة وله أربع وستون سنة.
وفي هذه السنة مات بدمشق المسن بهاء الدين إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن بن نوح المقدسي الدمشقي في جمادى الثانية عن اثنتين وثمانين سنة، وبمصر الرئيس تاج الدين أحمد بن علي بن شجاع العباسي٤ في جمادى الأولى عن تسع وسبعين سنة، وبالفيوم الخطيب الرئيس مجد الدين أحمد بن أبي بكر الهمداني المالكي صهر الوزير تاج
_________
١ نسبته إلى باجُرْيَق بضم الجيم وسكون الراء وفتح الباء الموحدة وقاف كورة بين البقعاء ونصيبين على ما ذكر في معجم البلدان وفي هذا التاريخ صدر في حقه حكم القاضي المالكي إلا أنه تغيب وهرب إلى الشرق وعاد بعد وفاة القاضي متنكرًا ومكث بالقاهرة مدة يتمخرق ثم انسحب أيضًا إلى دمشق ونزل القابون فأقام به إلى أن مات في ربيع الآخر سنة أربع وعشرين وسبعمائة كما ذكره ابن كثير وابن حجر وغيرهما، وظن المصنف أنه نفذ فيه الحكم وقت صدوره قال ابن كثير: إليه تنسب الفرقة الضالة الباجربقية. ا. هـ..
٢ أي مع التصغير فهو ابن رشيد كما جاء في العبر ودول الإسلام ومرآة الجنان والدرر الكامنة والديباج المذهب والإحاطة وبغية الوعاة وشذرات الذهب وجذوة الاقتباس ودرة الحجال وسلوة الأنفاس وغير ذلك، قال صاحب الجذوة: كأنه تصغير رُشد، وقال صاحب السلوة: تغصير رشد. "الطهطاوي".
٣ قال الطهطاوي: والذي في الدرر الكامنة وبغية الوعاة وجذوة الاقتباس وشرح ألفية العراقي للشمس السخاوي "ابن إدريس" وكذا في ذيل الجلال السيوطي الآتي في الصحفة "٢٣٥" فالظاهر أنه الصواب، والله أعلم.
٤ والذي في الدرر الكامنة وحسن المحاضرة وشذرات الذهب وغيرها "تاج الدين أحمد بن محمد بن علي بن شجاع ... إلخ" وجدّه هو كمال الدين أبو الحسن علي بن شجاع بن سالم بن علي بن موسى بن حسان الهاشمي العباسي المصري المعروف بالكمال الضرير صاحب الإمام الشاطبي وزوج ابنته "المتوفى سنة ٦٦١ عن ٨٩ سنة" وله ترجمة في طبقات القراء وفي كتاب رفع الباس عن بني العباس للجلال السيوطي. "الطهطاوي".
1 / 67