لحن الحرية والصمت
لحن الحرية والصمت: الشعر الألماني في القرن العشرين
اصناف
إبان الحرب العالمية الأولى سنة 1916م (وقد صدر أولا بعنوان «قصائد»، ثم ظهر بالعنوان المذكور سنة 1929م)، ولم يلبث النقاد أن احتفوا به وقدروا رعايته لتراث شعري عريق، بل لقد قال أحدهم: إن الطبيعة تثبت وجودها في شعره، وهو قول يصدق عليه وعلى كثيرين ممن ساروا على دربه - ومن أهمهم صديقه المقرب فيلهلم ليمان
Wilhelm Lehmann (1882م-...)، الذي وصفه بأنه «طبيعة عظيمة ...»
وأخص ما يميز شعر الطبيعة عند «ليركه» أنه أبعد عنه شخصيته الفردية، وأراح الوجود من تدخل ذاتية الشاعر ومثله وأحزانه وأفراحه، وترك هذا الوجود يتحدث مع نفسه ويحاور نفسه، وقد كان أبعاد الفردية عن الشعر شيئا جديدا في ذلك الحين، وبخاصة بعد التعبيرية التي جعلت العالم يبدأ من الفرد (كما قال أحد أقطابها وهو فرانز فيرفل
Franz Werfel )، وهذا ما عبر عنه «ليركه» نفسه، عندما قال: إنه يهتم بالاستماع إلى «غناء الأشياء» أكثر مما يهتم بسماع صوته.
هكذا أصبحت «التجربة» طبيعية، وتحررت الذات من المبالغات التي كانت تخنق أنفاسها، وعكفت الطبيعة على نفسها، وأصبح الإنسان جزءا يستمد الحياة منها، واتجهت الأبعاد المكانية والزمانية نحو مركز حسي واحد، تحاول القصيدة أن تثبته وتكثفه.
صار للطبيعة وجود سحري، وأصبح هم الشاعر أن يجمع المكان والزمان والأشياء في لحظة الحضور الأزلي، وأن يضم الإنسان في نسيج المخلوقات الطبيعية؛ ولهذا سميت هذه الحركة الشعرية باسم «الطبيعة السحرية»، وتميزت كما قلت بتجردها من الفردية والذاتية، بحيث أصبح واجب الإنسان أن يصمت «لكي يترك الكون يخلق نفسه»، ولعل هذه الأبيات التي كتبها «ليمان» أن تعبر عما نريده بالطبيعة السحرية:
كلمني كما تكلم الشجرة النحيلة،
غن أنت عني يا سرب الزرازير!
القدم والذراع ترف رفيف الأوراق،
وتحلم بها أحلام العصافير.
نامعلوم صفحہ