لحن الحرية والصمت

عبد الغفار مكاوي d. 1434 AH
103

لحن الحرية والصمت

لحن الحرية والصمت: الشعر الألماني في القرن العشرين

اصناف

ولم يفكر المفكرون إلا في الله،

توزعوا بين الرعاة والحمل،

عندما طهرهم الدم المنساب من الكأس،

واندفق الكل من الجرح الواحد،

كسروا الرغيف، الذي تذوقه كل من شاء،

آه أيتها اللحظة البعيدة القاهرة الممتلئة؟

التي عانقتها الأنا الضائعة أيضا ذات يوم. •••

أطلال على أطلال، وأنقاض فوق أنقاض!

قصيدة لا شك في أنها تعد قمة ما وصف بأدب الخرائب، الذي كان رد فعل لكارثة الحرب، وإن كانت تفوقه عمقا ونفاذا ووعيا، وإذا كان أدب الأنقاض والخرائب قد انقضى وذهبت أيامه، فلا شك أنه لا يزال يؤثر بصورة أو بأخرى على وجدان المعاصرين وعقولهم، حتى ولو لم يشهد بعضهم هذه الخرائب والأنقاض بنفسه، لقد أصبح الأمر الآن برامج ومناهج يقوم فيها العقل والمنطق والحساب بالدور الأكبر، تحولت اللغة إلى أنقاض متناثرة من جمل مفتتة وكلمات ممزقة، وأصبح الشاعر هو مهندس الكلمة الذي ينظم التعبير الشعري أو بالأحرى ينظم اللغة نفسها.

وقصائد «هلموت هيسنبوتل» العديدة توضح لنا كيف تتولد الكلمة من الكلمة، والفكرة من الفكرة، وكيف يبلغ الاقتصاد في القول مداه، وتتداخل الجملة من الناحية النحوية في جملة أخرى أو تخرج على قواعد النحو، ومن الصعب كما سنرى من المثال القادم أن نصف هذه التكوينات اللغوية بأنها قصائد، فهي خالية من البداية والنهاية والمعنى والسياق الذي يميز القصيدة التقليدية، ولعل أفضل وصف لها هو الذي أطلقه عليها «مهندسو الكلمات» وفي مقدمتهم هيسنبوتل، الذي سيوضح ما نقول بهذه السطور التي جعل عنوانها:

نامعلوم صفحہ