وكان الجيش اليوناني قد دنا من منفيس فاشتبك القتال بين الفريقين، واستمر من الضحى إلى الأصيل حتى قتل من الجانبين خلق كثير، وكادت النصرة أن تتم لأبرياس وجيشه الجرار، إذ تراءى على ساحة القتال رجل يحمل عرشا من أنفس ما رقا الملوك، وهو يصيح قائلا: هذا عرش السلام، سخره الآلهة للملك حماس أمازيس، فما كاد الرجل يستتم حتى ألقى اليونان أسلحتهم خاذلين الملك، منفضين من حوله، وأجلس القواد زعيمهم على العرش ثم حملوه على الأعناق، وجعلوا يطوفون على الصفوف من أهالي وعسكر، وقبض على أبرياس، ثم تحرك الجيش معتزا بالملك الجديد، وهو يسير به إلى العاصمة حتى دخلها ليلا، فإذا هي مفتحة الأبواب تستقبل الملك القائم بأكمل ترحاب، وعندئذ أمر حماس بالملك الأسير فسيق إلى القصر مراعى مكرما حتى ينظر في أمره.
إلا أن الشعب تجمع حول القصر يلح في طلب أبرياس، والملك المعزول يسمع تهديده ووعيده حتى يئس من الحياة، فأرسل إلى حماس في الفجر يطلب منه الأمان لبنته الواحدة ولم يكن له من الأهل سواها، فأجابه حماس إلى طلبه، وأنه يحافظ على حياتها ويضمن لها المعيشة اللائقة بها من بعده، فحين ورد هذا الجواب على أبرياس أخرج من جيبه ورقة مختومة وناولها الأميرة وقال لها: احفظي وديعتي لدى الآلهة هذه الورقة، فإنها صك منهم بالانتقام لأبيك من الغادرين، ثم قبلها وموج الدمع يحول بينهما، وخرج بعد ذلك إلى الشعب فلقي منيته للحين، وما اطمأن السرير بأمازيس حتى أرسل كلكاس إلى ساموس في وفد من وجوه المملكة وسراتها يستقدمون لادياس، حتى إذا قدم موكبها الفاخر زفت إلى الملك زفافا مشهورا، ألقى في يومه أساس أربعين هيكلا في الأوطان لمعبودات اليونان، فكملت بذلك الشروط الثلاثة للقران.
تليها رواية دل وتيمان أو آخر الفراعنة، وهي متممة لها ويعرف القارئ منها كيف زال ملك الفراعنة.
نامعلوم صفحہ