وكان المشرف على خزائن الكسوات ذا رتبة عظيمة، وكانت الخزائن المذكورة قسمين: الخزانة الباطنة، لما هو خاص بلباس الخليفة، وتتولاها سيدة تنعت بزين الخزان، وتحت إمرتها ثلاثون جارية، ولا يغير الخليفة ثيابه إلا عندها. وكان من ملحقات هذه الخزانة بستان من أملاك الخليفة على شاطئ الخليج، تزرع فيه الزهور، وتحمل يوميا إلى الخزانة لتعطير الثياب.
36
أما الخزانة الظاهرة فكان يتولاها أكبر حاشية الخليفة، وكانت فيها كميات كبيرة من شتى أنواع النسيج الفاخر، وكان يحمل إليها ما يصنع في دار الطراز بتنيس ودمياط والإسكندرية، وبها صاحب المقص، وهو رئيس الخياطين، وتحت إمرته عدد منهم، لهم أماكن يفصلون ويخيطون فيها ما يؤمرون بخياطته من الثياب والكسوات، ثم ينقل منها إلى خزانة الكسوات الباطنة ما يخص الخليفة.
37
ولا يسعنا أن نختم الكلام عن خزانة الكسوات دون أن نشير إلى الكسوة التي أمر المعز لدين الله بنسجها للكعبة، وكانت مربعة الشكل من ديباج أحمر، وطرزت على حافتها الآيات التي وردت في الحج بحروف الزمرد الأخضر،
38
وقد كتب ابن ميسر في وصفها: «وفي يوم عرفة نصب المعز الشمسية التي عملها للكعبة على إيوان قصره، وسعتها اثنا عشر شبرا في اثني عشر شبرا، وأرضها ديباج أحمر، ودورها اثنا عشر هلالا ذهبا، في كل هلال أترجة ذهب مشبك، وجوف كل أترجة خمسون درة كبارا كبيض الحمام، وفيها الياقوت الأحمر والأصفر والأزرق، وفيها كتابة دورها آيات الحج زمرد أخضر، وحشو الكتابة در كبار لم ير مثله، وحشو الشمسية المسك المسحوق فرآها الناس في القصر ومن خارج القصر لعلو موضعها، وإنما نصبها عدة فراشين لثقل وزنها.»
39
ويظهر أيضا أن الخلفاء الفاطميين كانوا يحتفظون في خزائنهم بثياب بعض الخلفاء العباسيين. ويقول أبو المحاسن في هذا الصدد: «وكانت هذه الثياب التي لخلفاء بني العباس عند خلفاء مصر يحتفظون بها لبغضهم لبني العباس، فكانت هذه الثياب عندهم بمصر بسبب المعيرة لبني العباس.»
40
نامعلوم صفحہ