249
كما أننا نعرف أن ابن النديم ذكر اسم إسحاق بن نصير في أخبار الكيميائيين والصنعويين من الفلاسفة القدماء والمحدثين، وكتب أنه كان ممن يتعاطى الصنعة وله معرفة بالتلويحات وأعمال الزجاج، وأن له من الكتب كتاب التلويح،
250
وسيول الزجاج، وكتاب صناعة الدر الثمين.
251
ومن النصوص التاريخية التي جاء فيها ما يشهد بتقدم مدينة حلب في صناعة الزجاج حكاية في باب فضل القناعة من كتاب «جلستان» لسعدي، الشاعر الإيراني، تحدث فيها عن تاجر ثرثار أخبره أنه يستعد لرحلة جديدة، فسأله سعدي: أين تكون تلك السفرة؟ وأجاب التاجر: «أريد أن أحمل الكبريت من إيران إلى الصين، فقد سمعت أن له قيمة عظيمة فيها، ومن هناك آخذ الخزف الصيني إلى بلاد الروم، ثم أحمل الديباج الرومي إلى الهند، والفولاذ الهندي إلى حلب، وآخذ الزجاج الحلبي إلى اليمن، والأقمشة اليمنية إلى إيران.»
252
والواقع أن حلب ذاع صيتها في إنتاج الأواني الزجاجية، ولا سيما في عصر المماليك، فكان سوق الزجاج فيها قبلة التجار والغواة والأثرياء، وكانت مصنوعاتها ذات الصفة الدقيقة والزخارف البديعة من أثمن الهدايا وأجمل المقتنيات.
253
ونحن إذا استطردنا في الكلام عن صناعة الزجاج في المدن السورية؛ فذلك لأن سورية ومصر كانتا في أكثر عصور التاريخ جزأين من حكومة واحدة، أو أن حكام وادي النيل كانت تدفعهم الضرورة الحربية إلى السيطرة على سورية. والذي يعنينا في هذا المقام أن الطولونيين والفاطميين والأيوبيين ثم المماليك كانوا يسيطرون على أجزاء واسعة من سورية، إلا في فترات قصيرة.
نامعلوم صفحہ