والمعروف أن الآنية التي صنعها سعد وأتباعه لا تكون كلها مغطاة بالطلاء إلا نادرا جدا، وإنما نرى ارتفاع سنتيمترين أو ثلاثة من أسفلها لا دهان عليه، إلا إذا كان الإناء قد ترك في الفرن مدة أطول مما يلزم، فسالت المينا إلى أسفل، وركزت منها نقط سميكة عند قاعدته. وإمضاء سعد نجده مكتوبا بالحروف الكوفية المشجرة على السطح الخارجي للإناء. والمينا التي يستخدمها سعد وتلاميذه؛ إما بيضاء اللون نقية وغنية بما فيها من قصدير، وإما زرقاء مائلة إلى الخضرة بما فيها من نحاس، وإما حمراء وردية بما فيها من منجانيز. وفضلا عن ذلك فإن سعدا كان يستخدم في بعض الحالات طلاء بسيطا من مادة زجاجية، شديد اللمعان، ويميل لونه إلى الخضرة أو لون العاج.
201
وعلى كل حال فإن البريق المعدني الذي نراه على قطع هذه المدرسة قد يكون ذهبي اللون، وقد يكون زيتونيا مائلا إلى الاصفرار.
والظاهر أن مدرسة سعد في الزخرفة بالبريق المعدني لم تقتصر على الخزف فقط بل تجاوزته إلى الزجاج؛ فدار الآثار العربية فيها قطع زجاج يذكر زخارفها بطراز سعد في زخرفة الخزف ذي البريق المعدني، وكذلك متحف بناكي به قطعة مزخرفة بالطريقة نفسها.
ومهما يكن من شيء فإن زخارف سعد ذات البريق المعدني متنوعة وغنية، وأكثر الموضوعات الزخرفية ورودا رسوم الحيوانات والطيور، تحيط بها الفروع النباتية والزهور والمراوج النخيلية (البالمت) والجديلات؛ كل ذلك بدقة وعناية فائقتين، هما اللتان أعلتا شأن سعد ومدرسته.
أما الرسوم الآدمية في منتجات سعد وأتباعه، ففيها أنوثة ورقة تذكر برسوم الأشخاص في صور رضا عباسي، وإن كانت هذه من طراز آخر.
202
وطبيعي أن يكون سعد قد أخذ أكثر موضوعاته الزخرفية عن الأساليب الفنية التي كانت معروفة في ذلك الوقت؛ فالأسماك والطيور المتقابلة، والأشجار التي يتدلى منها الثمر، والسلال المملوءة بالفاكهة، ورسوم الأرابسك والفروع النباتية، كل هذه نراها في الزخارف الإيرانية والبيزنطية والمصرية قبل ذلك العهد.
203
وفي دار الآثار العربية قطعة من خزف ذي بريق معدني (رقم السجل 1 / 5397) عليها رسم رأس السيد المسيح مرسومة بأسلوب بيزنطي ناطق، وحولها إكليل النور المعروف،
نامعلوم صفحہ