ومن المحتمل أيضا أن ورثته أو تلاميذه ظلوا يعملون باسمه، وينسجون على منواله؛ فإن هذا الفرض يفسر وجود قطع من طراز صنعته دون أن تكون لها الدقة التي نعرفها في القطع التي عليها اسمه، أو التي يمكننا أن نجزم بنسبتها إلى مدرسته ودار الآثار العربية غنية بالخزف ذي البريق المعدني؛ ولكن بعض القطع الكاملة وذات الشهرة العالمية من هذا النوع محفوظة في متاحف أوروبا أو مجموعاتها الخاصة.
ومن القطع التي قد يمكن نسبتها إلى مدرسة مسلم الصحن المحفوظ بدار الآثار العربية (رقم السجل 5502)، وعليه زخارف بالبريق المعدني ذي اللون الذهبي المائل إلى الخضرة، وتتكون من ديك رافع ذيله، ويتدلى من منقاره فرع نباتي على النحو الذي ترسم عليه الطيور أحيانا في الفن الساساني، وحول الدائرة المرسوم فيها هذا الديك دائرة أخرى فيها زخرفة نباتية مع تسع ورقات تقليدية مهذبة، رءوسها نحو حافة الإناء وتفصلها فروع نباتية بها نقط وخطوط صغيرة.
198
وفي الدار سلطانية (رقم السجل 12974)، أرضيتها أقل بياضا من أرضية الصحن السابق، وبريقها المعدني أميل إلى اللون الذهبي، وجسمها مفرطح على قاعدتها دون استدارة تذكر، وزخرفة قاعها مكونة من طائر في وسط فروع نباتية متقنة، ويتدلى من منقاره فرع نباتي آخر، أما زخرفة دائر السلطانية فمكونة من حروف كوفية مشجرة، بينها فروع نباتية ووريقات جميلة.
199
وفيها سلطانية أخرى أصغر حجما (رقم السجل 12975) وعليها زخرفة بالبريق المعدني ذي اللون الذهبي على شكل أرنب يتدلى من فمه فرع فيه زهرة.
200
والواقع أن الناظر إلى هذه الأواني الفاطمية من الخزف ذي البريق المعدني يمكنه أن يفهم ما بعث كثيرين من مؤرخي الفن الإسلامي على القول بأن هذه الأواني قصد بها الاستغناء عن الأواني الذهبية والفضية، كما أن في استطاعته أيضا أن يحكم بتفوق الصناع المصريين في ذلك العصر الزاهر، وبما كان لهم من سلامة الذوق ودقة الصنعة، وبقدرتهم الفائقة على هضم ما استعاروه من الأساليب الفنية عن الأمم التي كان لهم بها اتصال، والتي كانوا يعترفون بها بالأسبقية في أي ناحية من نواحي الفن والصناعة.
طراز سعد
وصلت إلينا قطع كثيرة عليها اسم سعد، وقطع أخرى يمكن الجزم بأنها من صناعة مدرسته، وقد شوهد أن بعض العناصر النباتية في زخارف هذه المدرسة تذكر بالعناصر الزخرفية النباتية على ألواح الخشب التي عثر عليها في مارستان قلاون، والتي يرجع تاريخها - كما ذكرنا - إلى القرن الخامس الهجري (الحادي عشر الميلادي). وكذلك إذا جاز لنا أن نستأنس بشكل الحروف في إمضاء سعد، ظهر لنا بمقارنتها بكتابات شواهد القبور المؤرخة أن مدرسة هذا الفنان ازدهرت في نصف القرن السالف الذكر.
نامعلوم صفحہ