وفي رأينا أن المسحة الفنية العامة على هذه القطعة لا تدع مجالا للشك في أنها من منتجات فن تأثر بالأساليب الفاطمية كل التأثير، كالفن في جزيرة صقلية.
وفي كاتدرائية راتسبون
Ratisbonne
قطعتان من الحرير، يقال: إنهما هدية من الإمبراطور هنري السادس (1165-1197م) الذي ورث أملاك النورمنديين الإيطالية بزواجه الأميرة كونستانس؛ فتوج ملكا على صقلية سنة (1194م)؛ وعلى إحدى هاتين القطعتين كتابة يفهم منها أنها نسجت لوليم الثاني ملك صقلية (1169-1189م)، على يد صانع اسمه عبد العزيز، وعليها كتابة أخرى فيها أدعية وتمنيات طيبة. وهذه القطعة نموذج جيد يمثل ما تميزت به الأقمشة الصقلية من زخارف مكونة من حيوانات مفترسة وطيور ووريدات ودوائر وجامات بها رسوم هندسية على نحو لا نرى مثيلا له إلا في صناعة النسج عند المسلمين في الأندلس، حتى إنه ليصعب في كثير من الأحيان التمييز بين المنسوجات الأثرية المصنوعة في هذين الإقليمين.
ومن النماذج المعروفة للمنسوجات الصقلية قطعة من ثوب حريري لونه وردي وذهبي، وكان قد دفن به الإمبراطور هنري السادس في كاتدرائية بلرمو، وظل مدفونا فيها من سنة (1197) حتى سنة (1784). وتتكون زخرفة هذه القطعة من غزلان وببغاوات متواجهة، وهي محفوظة الآن بالمتحف البريطاني.
168
ومهما يكن من شيء فإن في بعض الكنائس والمتاحف نماذج من منسوجات ثمينة، وفي زخارفها ما قد يجعلنا نذهب إلى أنها من صناعة صقلية بتأثير الأساليب الفنية الفاطمية؛ ولكن آراء مؤرخي الفن غير واحدة في هذا الميدان؛ فإن بعضهم ينسبها إلى مصانع الأندلس، كما يظن آخرون أنها من نسيج بعض المدن الإيطالية. ولا يتسع المجال هنا للاستطراد في دراستها؛ فضلا عن أن هذا - في مذهبنا - غير مجد؛ لأن الآراء المختلفة غير مدعومة بحجج قوية، بقدر ما تقوم على شعور وذوق واتجاه فكري، كما نرى في موقف الباحثين في كثير من أسرار تاريخ الفن ومعمياته.
وقد حصلت دار الآثار العربية على قطعة جميلة من نسيج الحرير والكتان، عثر عليها الأستاذ فييت عند أحد تجار العاديات في القاهرة، وأرضيتها بيضاء مائلة إلى الاصفرار، وطولها 62 وعرضها 32 سنتيمترا، وفي وسطها عصابة من خمسة أشرطة عرضها نحو عشرة سنتيمترات.
والشريط الأوسط في هذه العصابة ذو أرضية حمراء، مكون من مثمنات ذات أرضية صفراء، وداخل كل منها نجمة ذات ثمانية أركان وأرضيتها حمراء، وفي هذه النجمة نجوم أخرى متشابكة.
ويعلو هذا الشريط الأوسط شريط ضيق، فآخر مثله وفيه معينات وأشكال هندسية بألوان متعددة، فثالث أزرق، فرابع أعرض وذو أرضية بيضاء منسوج فيها باللون الأحمر أزواج من الطيور المتقابلة، يفصلها خط أزرق يتفرع في أعلاه إلى فرعين، وينتهي في أسفله بشكل معين صغير، كما ينتهي ذيل كل طائر بزخرفة على شكل علامة الاستفهام، وفوق هذا الشريط شريط أصفر، فآخر في طرفيه حبات، وفي وسطه زخرفة حمراء هندسية، ترى فيها حيوانات متقابلة ومرسومة رسما تقليديا مهذبا.
نامعلوم صفحہ