قتلتنا المحبة الوطنيه
فظائع وآثام، بلايا ورزايا ترافق الإنسانية من المهد. ما زال جو السلام مكفهرا مظلما ونهار القناعة تغشيه غيوم المطامع. ملوك وسلاطين يقتتلون على حطام الدنيا اقتتال الآساد في الغابات، يجلسون على الأسرة والعروش ويجندون من رعيتهم جنودا جرارة يطرحونها في مهاوي الشقاء في البلاد البعيدة؛ فيعكرون صفاء العيال الصغيرة، ويقتلون راحة المساكين بأيديهم القاسية، أي أشعيا النبي، متى تأتي الساعة التي تنبأت عنها، الساعة التي تصب فيها السيوف وآلات الحرب سككا ومعاول لحراثة الأرض؟ أيها السيد الناصري، يا رسول السلام ومنقذ آدم من رق عبودية الشيطان، متى تنقذ الشعوب من هذه الشرور والويلات الدائمة؟ منذ أربعة عشر جيلا نودي على الأرض السلام وإلى الآن لم تزل الحروب مشمرة عن ساقها، لم يزل ذلك الغول الهائل يبتلع الشبيبة ويطحن عظامها بأنيابه الزرق، متى تنطفئ نار المطامع في الصدور فيقف كل ملك عند حده، ولا تكون للقوة هذه السيادة الحاضرة؟ آه إن ذلك لبعيد!
سيري بأمان أيتها الجنود الإسبانية إلى بلاد الأندلس إلى الموت تحت العلم الإسباني القاهر، فأنا أسأل الله أن يرقق قلب الملكين المتحاربين فيروا أن في السكون خير بقاء لعروشهما وتيجانهما، ماذا تفيدنا الأندلس إذا خسرنا من رجالنا عددا غفيرا؟ وماذا تفيد سلطان غرناطة مطامعه الغريبة وعناده الشديد إذا هلك جيشه وذهب من رعيته ألوف في ألوف؟ إن الأزمة شديدة فأنقذ يا رباه المملكة الإسبانية، تولى الملك فرديناند بنفسه قيادة الجيش فمن يضمن له العود بالسلامة؟ اكلأه يا رب بعين رحمتك، واسكب على قلب الملكة الملتهب ماء العزاء والصبر، أي إيزابلا ابنتي الروحية، إني أصلي لأجلك ولأجل مملكتك ليصونها الله من يد العدو ويجعل أسوارها من حديد فلا تزعزعها أيدي الطامعين وترتد الأبصار عنها كليلة. (يتمشى بسكون وتأمل.)
المشهد الثاني (المرشد وكولومب)
كولومب (يدخل) :
تحية وسلام أيها السيد الجليل (يركع ويقبل يده) .
المرشد (على حدة) :
رباه ماذا جرى؟! ماذا يريد هذا الغريب؟!
كولومب :
سيدي، أحمل إليك هذا الكتاب من الأب جوان راهب دير رابيدا صديقك الحميم.
نامعلوم صفحہ