إعانة المسلم وكشف كربته سبب لإعانة الله للعبد وكشف كربته يوم القيامة
وهذا المعنى قد ذكره الصحابي الجليل: النعمان بن مقرن ﵁ وأرضاه في خطبته المشهورة في موقعة نهاوند: ولا يكل أحدكم قرنه إلى أخيه -كلمة في منتهى الصعوبة- أي: لا أحد يرمي مسئوليته على أخيه الذي بجواره، وإنما كل واحد يحمل مسئوليته، بل لو استطاع أن يحمل مسئولية أخيه فليفعل، ثم قال: كلمة في منتهى الخطورة: فإن الكلب يدافع عن صاحبه.
سبحان الله! الكلب يدافع عن صاحبه، فلماذا لا يدافع المؤمن عن أخيه المؤمن؟! صعب جدًا أن يتدنى المؤمن إلى درجة أقل من الحيوان، فالحيوان يدافع عن صاحبه، والمؤمن لا يدافع عن إخوانه، هذا هو مفهوم المسئولية عند النعمان بن مقرن صاحب رسول الله ﷺ.
وروى مسلم عن أبي هريرة ﵁ وأرضاه قال: قال رسول الله ﷺ: (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة) فالجزاء من جنس العمل، بل الجزاء عظيم على هذا العمل، فإذا كنت أنت الذي تنفس عن مؤمن كربة فربنا ﷾ بنفسه هو الذي سينفس عنك يوم القيامة، وإذا كنت تيسر على معسر فربنا ﷾ أيضًا هو الذي سييسر عليك في الدنيا وفي الآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، ثم ذكر النبي ﷺ جملة في منتهى الجمال هي ملخص لكل ما فات: (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)، أي: ما دام أنك تساعد إخوانك فإن الله سيساعدك، وعلى قدر ما تعطي لإخوانك المسلمين يعطيك الله ﷿ ويكون في عونك، وتخيل لو أن عندك مسألة أو قضية أو مشكلة في حياتك فإن الله ﷿ يجعل لك من ذلك مخرجًا، ولذلك كان الصحابة باذلين حياتهم كلها لنفع الآخرين ولمساعدة الآخرين وللتضحية من أجل الآخرين، لأنهم علموا المردود لذلك، وأن ربهم هو الذي سيعوضهم وليس البشر.
10 / 9