ناسل الفخذين، كأنما يتوكأ منها على عصوين، غير أن له عينا يتوقد فصها ويستنفض الناس طرفها،
18
فلا يملك من تقع عليه أن يضطرب، وكذلك اضطربت الفتاة، وما كاد الرجل يلمح اضطرابها حتى طبع الله على بصيرته، فحسب ذلك معنى من الغزل، وانطلق وراء خياله يمر به على آمال الشباب الفانية، وكان لحظ الفتاة ينساب في عروقه دما يغلي، فحسب أن جسمه قد ثاب إليه،
19
وأنه بعث خلقا جديدا لهذا الحب الجديد.
ويبالغ في التظرف ويجلس قريبا منها يستنبئها، وهي تطرف له من أخبارها،
20
فعلم من روايتها أنها شريفة النسب خالصة العرق، وقد نبا بها المنزل وانحط الدهر على أهلها، فهي ذاهبة إلى المدينة تلتمس حياة التقوى في دير العابدات، وعلمت هي من رؤيته أن في هذا الموت الماثل أمامها حياة، وأنه لا مذهب لها من ورائه إذا هي أفلتته إلا مذهب القدر المجهول، ورأته كأنما يتشرب لفظها ولا يسمعه، وأبصرت هواها في حماليق عينيه؛ فجعلت حينا تبسم له وتلحظه، وحينا تلحظه وتبسم له، وما تلفظ من أنه في بث حزنها إلا أحس المسكين أنها نقرة على أوتار قلبه، ولعل الإنسان لا يمكنه أن يحب إلا إذا هيأت له الطبيعة مجلس الحب على ما يشتهي، وعلى ما هو مذهب الحب في نفسه!
وقد مذعت له الفتاة من خبرها،
21
نامعلوم صفحہ