32

Book of Visits by Shaykh al-Islam Ibn Taymiyyah

كتاب الزيارة من أجوبة شيخ الإسلام ابن تيمية

ایڈیٹر

سيف الدين الكاتب

ناشر

دار مكتبة الحياة الطباعة والنشر

من البعد قد رواه أهل السنن من غير وجه، كما في السنن عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة، وليلة الجمعة، فإن صلاتكم معروضة علي. قالوا كيف تعرض صلاتنا عليك وقد رممت؟ أي بليت. فقال: إن الله تعالى حرم على الأرض أن تأكل لحوم الأنبياء» وفي النسائي وغيره عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله وكل (٧) بقبري ملائكة يبلغوني عن أمتي السلام (٨)» ومع هذا لم يقل أحد منهم إن الدعاء مستجاب عند قبره، ولا أنه يستحب أن يتحرى الدعاء متوجها إلى قبره؛ بل نصوا على نقيض ذلك، واتفقوا كلهم على أنه لا يدعو مستقبل القبر.

وتنازعوا في السلام عليه (٩). فقال الأكثرون كمالك وأحمد وغيرهما: يسلم عليه مستقبل القبر، وهو الذي ذكره أصحاب الشافعي، وأظنه منقولا عنه. وقال أبو حنيفة وأصحابه: بل يسلم عليه مستقبل القبلة؛ بل نص أئمة السلف على أنه لا يوقف عنده للدعاء مطلقاً، كما ذكر ذلك إسماعيل بن إسحاق في «كتاب المبسوط» وذكره القاضي عياض. قال مالك: لا أرى أن يقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو؛ ولكن يسلم ويمضي. وقال أيضاً في «المبسوط» لا بأس لمن قدم من سفر أو خرج إلى سفر أن يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي عليه (١٠) ويدعو له ولأبي بكر وعمر. فقيل له: فإن أناساً من أهل المدينة لا يقدمون من سفر ولا يريدونه يفعلون

(٧) وَكَل الأمر إليه: كلفه به وفوّضه إليه.

(٨) كلف الله تعالى ملائكة من ملائكته بإبلاغ نبيه سلام زائري قبره (صلى الله عليه وسلم)، أما السلام عليه خارج الحجرة وفي سائر الأماكن الأخرى فهو كسلام الصلاة. والحديث الذي يورده المصنف رحمه الله صريح في ذلك، حيث يقصر عمل الملائكة المذكورين (بقبره) صلى الله عليه وسلم، وإذا كان الله سبحانه وتعالى قد كلفهم وأمرهم بذلك، وإذا علم يقيناً بأن الملائكة (لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) فقد علم المراد من قوله (بقبري).

(٩) يريد: اختلفت أقوالهم في ذلك.

(١٠) فيصلي عليه: أي على النبي (صلى الله عليه وسلم).

32