خلاصة تاریخ العراق: منذ نشوئہ الی یومنا ھذا
خلاصة تاريخ العراق: منذ نشوئه إلى يومنا هذا
اصناف
2087766
3111042
2314040
5425082
وقد بلغ الجلب والإخراج في سنة 1910 (وهي آخر السنين التي وضع الأتراك لها قائمة) نحو 3258754 ليرة عثمانية، وكان مبلغ الجلب وحده 2206695، ومبلغ الإخراج 1052058، وهذه الأعداد تدلك على ترقي التجارة في البلاد، وسنة 1910 لم تعد بين السنوات الحسنة بل بين السنوات السيئة؛ لأنه في السنوات السابقة لها كان الجلب والإخراج أعظم مما ذكرناه بكثير. ولهذا النقص أسباب، منها: أن ما يرد إلى ثغر البصرة لا يصرف كله في العراق وحده، بل في ديار العجم وكردستان أيضا، ومنذ إعلان الدستور في ممالك الدولة العثمانية كانت تجري أمور عظيمة وتغيرات مهمة في داخل إيران، فقل الأمن في الطرق، ولم تنفق البضائع كل النفاق فكسدت الأسواق رويدا رويدا، وتضررت محلات كثيرة بسبب هذا التوقف. والسبب الثاني، هو نقص في زوار كربلاء والنجف؛ فإن السنين التي يكثر فيها زوار الشيعة يحدث في العراق حركة عظيمة، تمتد من خانقين إلى البصرة، فينتفع منها الناس كلهم أجمعون من الصغير إلى الكبير. والحال أن الزوار في سنة 1910 كانوا قليلين لما حدث في ديار إيران من الاضطرابات والفتن الداخلية وقلة أمن الطرق. ومن الأسباب التي تنتج الكساد في الأسواق: الأمراض الوافدة، ولا سيما إذا وقعت هذه الأوبئة في النجف وكربلاء، وهي لا تكاد تنقطع منهما؛ لنقل الجثث إليهما من جميع البلاد الإسلامية، فإذا وقعت تلك الأمراض صعب السفر إلى العراق، لما يوضع من المحاجر الصحية وما يضرب من النطق الواقية من سريان الأمراض إلى الديار غير الملوثة. وهناك سبب رابع، وهو أن تقييد ما يجلب ويخرج من هذه البلاد يختلف في بعض السنين لاختلاف العمال، فيتفق أحيانا أن كبار العمال الذين يأتون جديدا لا يرتشون أبدا، أو يرتشون قليلا، وحينئذ يقيد كل شيء في السجلات أو يكاد. أما إذا كان العمال - ولا سيما الكبار منهم - يرتشون فإنهم يسمحون للتجار بإرسال الشيء الكثير من الأموال لقاء دريهمات، وحينئذ جميع ما يرسل به لا يسجل . والذي أعلمه شخصيا أن بضائع كثيرة أرسلت في السنة المذكورة بدون أن تدون في الدفاتر.
والذي ساق الناس إلى هذا العمل أنه شاع بين موظفي الحكومة أنهم من الآن وصاعدا لا يرتشون، والذي شاع وذاع كان على خلاف الحقيقة؛ فلقد اكتفى العمال بالسمعة الحسنة وأخذوا يرتشون أكثر من سابق. والذين كانوا في ذلك العهد يعرفون هذا الأمر ولا ينكرونه. وما سبب هذه الرشوة إلا فساد أخلاق موظفي تلك الحكومة، وهي التي ساقتهم إليها بما كانت تأتيه من سوء التصرف في الأمور، وعدم الاهتمام بتحسين المدارس التي تؤهلهم لمثل تلك الوظائف التي تتطلب ذمة طاهرة وآدابا لا شائبة فيها، وهذا بعيد المنال في حكومة كانت قد نخرت قناتها إلى درجة لم يبق منها إلا الظاهر.
وعلى كل حال نرى أن ازدياد التجارة في ميناء البصرة هو أمر محسوس يكاد يدهش الأفكار. ومما يدل على تحسن أحواله أن سكانه كانوا قبل فتح قناة السويس نحو ثمانية آلاف نسمة لا غير، وكانت البرداء (الحمى الملارية) تفتك بأهاليها، بحيث كان أغلبهم هجروها إما إلى بلاد إيران وإما إلى داخل البلاد العثمانية، وزد على ذلك حدوث الأوبئة والطواعين، بحيث إنها أصبحت في بعض السنين مفتوحة لعربان تلك الأرجاء، فكانوا يأتون عصابات عصابات ويسلبون من بقي من أهلها ويسرقون كل ما شاءوا ثم يوغلون في بواديهم، «وخراب البصرة» أمر مشهور في أمثال العوام. أما اليوم فإن الحكومة الإنكليزية ما كادت تدخل البلاد إلا ودفنت كثيرا من المستنقعات والغدران وجميع المياه المفتوحة، والمواطن التي لم تدفنها تلقي فيها بعض السوائل لتمنع فيها تكون البق فيها. والبق أو البعوض هو المسبب لتلك الحمى الناهكة للقوى (على ما أيده الأطباء وأثبته الاختبار المتكرر)، وأمنت المدينة من عصابات اللصوص بالضرب على أيديهم. وفي شهر آب سنة 1917 أحصت الحكومة البريطانية أهالي البصرة المقيمين فيها طول السنة، فكانوا كما يأتي بيانه:
20498
من العرب المسلمين
3347
نامعلوم صفحہ