خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

محمد امین محبی d. 1111 AH
29

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

ناشر

دار صادر

پبلشر کا مقام

بيروت

بهَا وَبَعْدَمَا رَجَعَ إِلَى دمشق استبد بِكِتَابَة الأسئلة الْمُتَعَلّقَة بالفتوى للمفتي الْحَنَفِيّ وبهر فِيهَا حَتَّى بلغ مرتبَة لم يصل إِلَيْهَا أحد من أَبنَاء الْعَصْر وَكَانَ لَهُ الاستحضار الْغَرِيب لفروع الْمَذْهَب واستخراجها من محالها بسهولة مَعَ التبحر فِي الْفِقْه وَكَثْرَة الِاطِّلَاع وَكَانَ أَحْيَانًا يتعانى الشّعْر فيتكلف لَهُ لغَلَبَة الْفِقْه على طبعه وأجود مَا وقفت لَهُ من شعره الَّذِي نظمه آخرا قصيدته الَّتِي أرسلها للخيارى الْمَذْكُور قبله واستحسنت مننها هَذَا الْقدر الَّذِي كتبته ومطلعها (حَيا الحيا بسابق الغوادي ... سكان ذَاك الْحَيّ من فُؤَادِي) (وحاك فيهم وشيمة منمنما ... ربيع قطر معلم الأبراد) (وَلَا عدا الخصب منازلًا بهم ... منَازِل الإقبال والإسعاد) (وَلَا جَفا صوب العهاد عَهدهم ... وَلَا الندى خبت بِذَاكَ النادي) (هم خيموا بَين الضلوع والحشا ... مني مَحل الرّوح والسواد) (فلست أخْشَى بعد ذَاك عاديا ... من زمني المعتاب والمعادي) (وَلم أقل سقام جسمي عرض ... بِهِ يشان جَوْهَر اعتقادي) وَكَانَ حَرِيصًا على جمع الْكتب واقتنى مِنْهَا أَشْيَاء كَثِيرَة فِي كل فن ووقفها آخرا على بنت لَهُ وَكَانَت وَفَاته لَيْلَة الْأَرْبَعَاء حادي عشرى شهر ربيع الأول سنة خمس وَتِسْعين وَألف وَقد جَاوز السِّتين وَدفن بمقبرة الشَّيْخ أرسلان وَكَانَ ابتلى بِمَرَض عالجه مُدَّة مديدة وَأنْفق عَلَيْهِ أَمْوَالًا جمة وَلم يخلص مِنْهُ حَتَّى استحكم فِيهِ فَمَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى إِبْرَاهِيم باشا بن عبد المنان الْمَعْرُوف بالدفتر دَار نزيل دمشق وَاحِد كبرائها صَاحب شَأْن رفيع كَانَ وقورًا متواضعًا سَاكِنا كثير الْعِبَادَة ملازمًا على أَدَاء الصَّلَوَات فِي أَوْقَاتهَا مَعَ الْجَمَاعَة فِي الْجَامِع الْأمَوِي ويحضر مجَالِس الأوراد والأذكار وَيُحب الْعلمَاء والصلحاء ويذاكر فِي الْعُلُوم وَجمع كتبا وَكَانَ لَهُ اطلَاع على كثير من الْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة وروى الحَدِيث وَالتَّفْسِير والمسلسل بالأولية عَن الشَّيْخ الإِمَام فتح الله بن مَحْمُود البيلوني الْحلَبِي وقفت على إِجَازَته لَهُ بِخَطِّهِ وتاريخ الْإِجَازَة فِي السَّادِس من رَجَب سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَألف بالقدس والبيلوني الْمَذْكُور يَوْمئِذٍ مفتي الشَّافِعِيَّة بهَا وَذكره وَالِدي رَحمَه الله تَعَالَى فِي تَارِيخه وَقَالَ فِي تَرْجَمته هُوَ برسوي المولد قدم إِلَى دمشق أَولا فِي حُدُود سنة اثْنَتَيْ عشرَة بعد الْألف وَحج ثمَّ عَاد إِلَيْهَا ثَانِيًا فِي سنة

1 / 29