238

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

ناشر

دار صادر

پبلشر کا مقام

بيروت

مُحَمَّد الدروري الْحَنَفِيّ وتصدر للإقراء والتدريس بالجامع الْأَزْهَر وَاجْتمعت عَلَيْهِ الأفاضل وَجلسَ فِي مَحل شَيْخه سُلْطَان المزاحي فلازمه جماعته ودرس فِي الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة والعقلية وَحج فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَألف وَأقَام بِمَكَّة يدرس وانتفع بِهِ جمَاعَة من أَهلهَا وَقد سَمِعت الثَّنَاء عَلَيْهِ وعَلى فضائله من كثير مِنْهُم ثمَّ توجه إِلَى مصر وسافر مِنْهَا إِلَى بَلَده بشبيش لصلة رَحمَه فأدركه بهَا الْحمام وَكَانَت وَفَاته لَيْلَة الِاثْنَيْنِ سلخ رَجَب سنة سِتّ وَتِسْعين وَألف وَكنت أَنا وَجَمَاعَة من أَصْحَابنَا بِدِمَشْق فَذكر بعض الْحَاضِرين أَنه توفّي فراجعت الْفِكر فِي لَفْظَة مَاتَ البشبيشي فَوَجَدتهَا تَارِيخ وَفَاته فَذكرت ذَلِك للحاضرين وشاع هَذَا التَّارِيخ عني وَهُوَ بِكَسْر أَوله وثالثه بَينهمَا شين مُعْجمَة ثمَّ يَاء مثناة من تَحت ثمَّ شين مُعْجمَة ثَانِيَة قَرْيَة من أَعمال الْمحلة بالغربية
الشريف أَحْمد بن عبد الْمطلب بن حسن بن أبي نمى شرِيف مَكَّة وَتقدم تَمام نسبه فِي تَرْجَمَة عَمه الشريف أبي طَالب كَانَ هَذَا الشريف من أدأب أهل بَيته فَاضلا نبيها نجيبًا جيد الذكاء وَكَانَ حسن الصُّورَة عَظِيم الهيبة أَخذ فِي بَدْء أمره الطَّرِيق عَن الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى أَحْمد الشناوي وَهُوَ الَّذِي بشره بِولَايَة مَكَّة لكنه قَالَ لَهُ على الشَّهَادَة يَا أَحْمد فَقَالَ على الشَّهَادَة وَكَانَ كثيرا مَا يكنى عَنْهَا بِطُلُوع الشَّمْس وَلما تولى أَمر مَكَّة استولى على أَمْوَال النَّاس وَلم يرحم أحدا وعاقب كثيرا مِمَّن كَانَ قبل استبعدها عَنهُ وسخر مِنْهُ وَكَانَ لَهُ أخدان وجلساء قبل الْولَايَة فَعجل لَهُم الأذية مِنْهُم السَّيِّد سَالم بن أَحْمد شَيْخَانِ وَالشَّيْخ أَحْمد القشاشي وَالشَّيْخ مُحَمَّد الْقُدسِي خَليفَة سَيِّدي أَحْمد البدوي فحبس الْجَمِيع وَثقل عَلَيْهِم حَتَّى افْتَدَوْا أنفسهم بِمَال جزيل وَذَلِكَ بوشاية شخص يُقَال لَهُ ألماس وَاسْتمرّ متغلبًا على مَكَّة وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة مغلوب عَلَيْهِ وَاسْتولى على أَمْوَال مَكَّة ورقاب أَهلهَا وصادر التُّجَّار وَحبس من حبس وَقتل من قتل فنفرت النَّاس وجلت عَن مَكَّة وخالفت الْقَبَائِل وتقطعت الطّرق وَأكْثر الْعَسْكَر الْفساد فِي إشراف الْبِلَاد وَسَكنُوا بيُوت الْأَشْرَاف وانتهكوا حرمتهم وَقبض على جمَاعَة من الْأَعْيَان من أَجلهم الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن المرشدي وحبسه مغضبًا عَلَيْهِ فَلَمَّا كَانَ موسم سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَألف قدم الْحَاج الْمصْرِيّ وأميره إِذْ ذَاك قانصوه باشا وَكَانَ بَينه وَبَين المرشدي مَوَدَّة أكيدة ومكاتبات سَابِقَة فَلَمَّا صعد الحجيج إِلَى عَرَفَة أَتَى حَرِيم المرشدي إِلَى مخيم قانصوه مستشفعين بِهِ إِلَى الشريف أَحْمد ابْن عبد الْمطلب فِي إِطْلَاقه من الْحَبْس فرق لَهُنَّ رقة عَظِيمَة وَتوجه إِلَى الشريف يَوْم

1 / 239