خلاصة اليومية والشذور
خلاصة اليومية والشذور
اصناف
الرجل الذي لا يتقيد بمبادئ عامة يطبق عليها آراءه الخاصة، إما أنه رجل سطحي يجهل سر العلاقة التي تماثل بين الحوادث؛ لذلك يجهل كيف يحكم عليها حكما عاما يوحدها في نظره، وإما أنه رجل محنك يدرك سر علاقاتها فيحكم على كل عمل على حدته؛ لأنه علم بالاختبار أنه لا يحدث عمل يماثل الآخر من جميع الوجوه، ويغلب أن يكون صاحب المبدأ شخصا نظريا ناقص الاختبار.
الاعتماد على الذات
إن الذي يكل إلى الناس تقدير قيمته يجعلونه سلعة يتراوح سعرها بتراوحهم بين الحاجة إليها أو الاستغناء عنها.
والطريقة المثلى أن يقوم كل إنسان لنفسه قيمتها؛ فإن المرء - كما يقول بعضهم - يساوي القيمة التي يضعها لنفسه، ذلك خير من أن يطرحها في المزاد على ألسنة الناس.
شرف المهنة
صاحب المهنة يباهي بمهنته كأنه لم يرغب فيها إلا بعد أن تبين مزاياها، وهو يضجر منها كأنه سيق إليها قسرا؛ وذلك لأنه حبا لنفسه يود لها - بما في وسعه - أن يكون أقل الناس تعبا وأكثرهم اعتبارا.
بماذا يشقى الشعراء؟
أصحاب القرائح الشعرية لا يتمتعون بالحياة الحقيقية كبقية الناس؛ فإن حياتهم كلها ذاهبة بين أمل في المستقبل أو ذكرى للماضي، وقل أن تستقر بهم نفوسهم في الحاضر الراهن؛ لأنه دائما على غير ما يشتهون. والشاعر مكتوب عليه الشقاء ما دام مطبوعا على مواهب الشعراء، فهو حاد الخيال تصور له قريحته العالم حافلا باللذة والنعيم مترعا بالصفو ودواعي الهناء مما لا يصدقه الواقع، وتريه الناس على صورة من خلوص الضمائر وصفاء السرائر وطهارة الأخلاق تبرهن المعاشرة على خلافها، وهو لطيف الإحساس دقيق الشعور يوجعه ما لا يكاد يحس به غيره، وتفعل في نفسه الوخزة الهينة ما لا تفعله الطعنة القاسية في نفس غيره، وهو فاتر الهمة، ميال بطبيعته إلى الدعة والاستسلام، محروم من العزيمة الصارمة التي تمكنه من تحقيق أحلامه العديدة وإدراك آماله البعيدة، وهذا من أشد ضروب الشقاء كما قال شاعر منهم:
وأتعب خلق الله من بات آملا
وأقصر عما تشتهي النفس نائله
نامعلوم صفحہ