عندهم فشنوا الغارة وأرجعوا بالجيش ، فإذا اشتغلوا بالحصار قمنا وفتحنا لكم ذلك المحل ، فإذا رأيتم ذلك فأحملوا ونحن نمانع عن أنفسنا حتى تصلوا إلينا. فقدر الله أن تمت هذه المكيدة ، وملك القلعة أحمد بيه ، وقتل منهم مقتلة عظيمة فبلغ الدولة خبره ، فأرسلت الأطواخ وولوه إمارة الشام ووجد من الأموال ما لا يعد ولا يحصى.
ثم أنه غمر هذه البلدة المشهورة بعكا ، وبنى عليها سورا عظيما ، وحينئذ لقب الجزار بعد ركوبه على عربان ، هناك يقال لهم الدروز ، والمتاوله ، وقتل منهم مقتلة عظيمة فاستولى على الشام من حينئذ وصار أميرا للعساكر ، وللحاج ، وكان جزيل العطاء كثير الدخل أخبر من سأل كراني الباشا عن محصوله كل يوم فقال : ثمانين كيس ، عبارة عن أربعين ألف قرش ، رجعنا إلى ذكر أمير النصارى إلى عكة ، فلما وصلوها تحصن الجزار منهم في القلعة هو وعساكره.
فحاصروه ستين يوما يرمون على القلعة كل يوم ألف رمية مدفع ، حتى خربوا سورها ، وهدموه ، ثم دخل بعضهم إلى البلد ليستأصلوا من فيها ولم يبق فيها برج ، قد تحصن فيه الجزار وخاصته ، واشتد الأمر ، وأيقنوا بالهلاك فقال لهم الجزار يا عباد الله إلى متى نفر من الموت ونحن على أحد الأمرين : أما القتل ونفوز بالشهادة ، وأما النصر ، «يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم» فحاموا عن دينكم ، وعن ملة نبيكم وحريمكم ، واستعينوا بالله يعنكم ويخذل عدوكم فقويت عزائمهم وحملوا حملة واحدة.
ومن لطف الله بهم أن ذلك اليوم وصلت مراكب الأنقرين فخرجوا
صفحہ 213