المؤلف والثناء عليه
غرة جبهة الزمان، إنسان العين وعين الإنسان، المتفاني في ترويج الحق وإذاعته ونشر حقائق الدين وإعلاء كلمته. صاحب التصانيف التي طبقت ذيوع صيتها الآفاق ولا يعتريها في مرور الشهور محاق. أحد الأعلام الذين تناقلوا الخبر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة الاثنى عشر، ونوروا مناهج الأقطار بأنوار المآثر والآثار. البحر المتلاطم الزخار، شيخ مشايخ الحديث والأخبار. أما الفقه فهو حامل رايته، وأما الحديث فهو إمام درايته، وأما الكلام فهو ابن بجدته: مولانا الأجل «أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي» المشهور بالصدوق.
كان- (قدس سره)- في الرعيل الأول من حملة العلم ومروجي المذهب والداعين إلى الحنيفية البيضاء بهمة عالية قعساء. دأب في كسب العلم فتى وكهلا، وعكف على سماعه ليلا ونهارا، وسافر في أخذه حزنا وسهلا، بعزم لا يكهمه الفشل، ونشاط لا يفله الكلل.
نشأ بقم، فرحل إلى الري (1)، واسترآباد وجرجان ونيشابور ومشهد الرضا (عليه السلام) ومرو الروذ وسرخس وإيلاق وسمرقند وفرغانة وبلخ من بلاد ما وراء النهر وهمدان وبغداد والكوفة وفيد ومكة والمدينة حتى ارتقى في الفضائل ذراها وتمسك في المحامد بأوثق عراها، وبلغ من العلم مقاما شدت الجوزاء له نطاقا، تمشي على ضوء فتاويه فقهاء الأيام، وتخضع لآرائه وأنظاره علماء الأعصار والأعوام له من الكتب والرسائل بخطه ما يكل لسان القلم عن ضبطه. والأعلام كلهم قد أطبقوا على إكبار قدره، والمسير على ضياء بدره.
عنونه الشيخ الطوسي- (رحمه الله)- في كتابيه وقال: «كان محمد بن علي بن الحسين
صفحہ 4