ابْن عَوْف قَالَ فِي مبايعته لعُثْمَان: أُبَايِعك على سنة الله وَرَسُوله والخليفتين من بعده، وَبَايَعَهُ النَّاس على ذَلِك. وَإِن النَّاس لما اجْتَمعُوا على عبد الْملك بن مَرْوَان بعد قتل عبد الله بن الزبير بَايعه عبد الله بن عمر ﵁ بعد أَن امْتنع عَن مبايعتهما مَعًا لأجل الْخلاف والتفرقة. فَكتب إِلَيْهِ: إِنِّي أقرّ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَة لعبد الله عبد الْملك أَمِير الْمُؤمنِينَ على سنة الله وَرَسُوله فِيمَا اسْتَطَعْت، وَإِن بَنِى ّ قد أقرُّوا بذلك.
وَكَانَ الصَّحَابَة يبايعون النَّبِي [ﷺ] على السّمع وَالطَّاعَة فِي المنشط وَالْمكْره وَقَول الْحق وَالْقِيَام بِهِ فِيمَا اسْتَطَاعُوا وَعدم عصيانه فِي الْمَعْرُوف، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي مبايعة النِّسَاء لَهُ (وَلَا يعصِينك فِي مَعْرُوف) وَقد صَحَّ أَن النَّبِي [ﷺ] هُوَ الَّذِي كَانَ يلقنهم قيد الِاسْتِطَاعَة عِنْد الْمُبَايعَة وَقد بَايعُوهُ أَيْضا على الْإِسْلَام وعَلى الْهِجْرَة وعَلى الْجِهَاد وَالصَّبْر وَعدم الْفِرَار من الْقِتَال وعَلى بيعَة النِّسَاء المنصوصة فِي الْقُرْآن. وَالْأَحَادِيث فِي هَذَا مَعْرُوفَة فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالسّنَن. نخص بِالذكر مِنْهَا حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت الْمُتَّفق عَلَيْهِ وَلَفظه كَمَا فِي كتاب الْفِتَن من البُخَارِيّ: دَعَانَا النَّبِي [ﷺ] فَبَايعْنَا فَقَالَ فِيمَا أَخذ علينا أَن بَايعنَا على السّمع وَالطَّاعَة فِي منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثره علينا وَألا ننازع الْأَمر أَهله
" إِلَّا أَن تروا كفرا بواحا عنْدكُمْ من الله فِيهِ برهَان " وَلَفظه فِي بَاب الْمُبَايعَة من كتاب الْأَحْكَام " بَايعنَا رَسُول الله [ﷺ] على السّمع وَالطَّاعَة فِي المنشط وَالْمكْره وَألا ننازع الْأَمر أَهله، وَأَن نقوم وَأَن نقُول بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا لَا نَخَاف فِي الله لومة لائم " قَالَ الْحَافِظ فِي شرح حَدِيث البُخَارِيّ فِي الْمُبَايعَة على السّمع وَالطَّاعَة الَّذِي تقدم فِي الأَصْل عِنْد قَوْله فِيهِ من كتاب الْفِتَن " وَألا ننازع الْأَمر أَهله " أَي الْملك والإمارة. .
وَجُمْلَة القَوْل أَن الْعلمَاء اتَّفقُوا على وجوب الْخُرُوج على الإِمَام بالْكفْر وَاخْتلفُوا فِي الظُّلم وَالْفِسْق لتعارض الْأَدِلَّة وَمِنْهَا سد ذَرِيعَة الْفِتْنَة وَالتَّحْقِيق الْمُخْتَار أَن على الْأَفْرَاد الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر بشروطهما دون الْخُرُوج على ولي الْأَمر بِالْقُوَّةِ، وَأما أهل الْحل وَالْعقد فَيجب عَلَيْهِم مَا يرَوْنَ فِيهِ الْمصلحَة الراجحة حَتَّى الْقِتَال وَقد تقدم النَّقْل فِي هَذَا فِي مَسْأَلَة سلطة الْأمة وسنعود إِلَيْهِ فِي بحث مَا يخرج بِهِ الإِمَام عَن الْخلَافَة. .
1 / 33