خريطة المعرفة
خريطة المعرفة: كيف فقد العالم أفكار العصر الكلاسيكي وكيف استعادها: تاريخ سبع مدن
اصناف
شكل 2-1: خريطة ألمانية من القرن التاسع عشر لمدينة الإسكندرية القديمة تظهر جزيرة فاروس والمرفأين والحي الملكي (الذي كان يضم المكتبة والمتحف) والحي اليهودي ونظام شوارع المدينة الشبكي. توجد بحيرة ماريوتيس في الأسفل، والسيرابيوم فوقها مباشرة على يسار الخريطة.
مع اتساع نطاق المدينة الجميلة الجديدة على امتداد شبكتها المتناغمة، تشكلت هوية ثقافية جديدة استوعبت تقاليد مصر القديمة مع تقاليد العالم الهلنستي. في البداية انطوى هذا على إخضاع المصريين الأصليين وثقافتهم، وفي الوقت نفسه إحاطة البطالمة (الذين كانوا بالطبع مقدونيين) بهالة ضرورية للغاية من الشرعية اليونانية (وتحديدا، الأثينية) والتأكيد على صلتهم بالإسكندر الأكبر.
2
يظهر هذا على نحو واضح في المتحف، الذي كان مستوحى من أرسطو ومعبد الليقيون (الليسيوم) في أثينا، شأنه في ذلك شأن المكتبة. كلتا المنشأتين كانتا تقعان داخل المزار المقدس المكرس للميوزات. وكلتاهما كانتا مؤسستين مجتمعيتين. بذل البطالمة أموالهم بسخاء من أجل المتحف، فأجزلوا العطاء للعلماء وأعفوهم من الضرائب ووفروا لهم المأكل والمسكن في جزء خاص من مجمع القصر. في وقت قريب من وقت ميلاد المسيح، جاء الجغرافي الروماني سترابو ليزور الإسكندرية ووصف المتحف على النحو الآتي: «به ممشى مغطى، وإيوان به مقاعد ومنزل كبير، فيه قاعة طعام مشتركة للمثقفين الذين يتشاركون المتحف.» وهؤلاء العلماء «لديهم ممتلكات مشتركة وكاهن مسئول عن المتحف، كان في السابق يعينه الملوك، ولكن الآن يعينه القيصر.»
1
ومع أخذ كل هذا الدعم المقدم في الاعتبار، فليس مستغربا أن الكثيرين من المفكرين جعلوا المدينة موطنهم. فلو كنت عالما، لم يكن ثمة مكان للعيش أفضل من هذا المكان.
وبفضل الملوك البطالمة، صارت الإسكندرية أهم مركز للمعرفة في العالم القديم، مستحوذة على تاج السيطرة الثقافية اليونانية من أثينا وطارحة رؤية جديدة للعلم الذي ترعاه الدولة وهي الرؤية التي نالت الإعجاب وحذي حذوها في كل أرجاء منطقة البحر المتوسط. وبينما كان العلماء يتجادلون «بلا نهاية في حظيرة دجاج الميوزات»
2
وأرفف كتب المكتبة تمتلئ باللفائف، كانت المدينة آخذة في النمو. فقد كانت تبنى حمامات ومواخير ومنازل ومتاجر ومزارات مقدسة على امتداد الشوارع الفسيحة المتعامدة، في الوقت الذي استقرت فيه وعملت وعاشت واختفت أحياء من أمم مختلفة؛ مصريين ويهود ويونانيين، وفيما بعد رومان. وسرعان ما صارت الإسكندرية واحدة من أكبر المدن على الأرض، «مركز التجارة العالمية بلا منازع»
3
نامعلوم صفحہ